1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مواجهة نمور آسيا أبرز تحديات الرئاسة الألمانية لقمة مجموعة الدول الصناعية

٢١ يناير ٢٠٠٧

تهب رياح العولمة العاتية من الصين والهند وبلدان أخرى على أوروبا والولايات المتحدة، هذه الرياح التي تهدد مصالح الغرب الاقتصادية تضع ألمانيا أمام تحدي تعزيز التحالف بين ضفتي الأطلسي للدفاع عن هذه المصالح قبل فوات الأوان.

البنك المركزي الصيني أضحى لاعباً دوليا رئيسياً على ضوء الاحتياطيات المالية الخمة بالدولار الأمريكي.صورة من: PA/dpa

تتسلم ألمانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي وقمة مجموعة الدول الثماني، أو مجموعة الدول الصناعية السبع إضافة إلى روسيا في وقت بدأ فيه الاقتصاد الأوروبي يتخلص من الارتباط النسبي بنظيرة الأمريكي. كما تتولاها في الوقت الذي يتراجع فيه النفوذ الاقتصادي العالمي لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لصالح الصين والهند والدول الصناعية الأخرى الجديدة في إطار عملية العولمة التي تسير بما لا تشتهيه العواصم التي روجت لها بقوة وفي مقدمتها واشنطن.

تراجع أهمية السوق الأمريكية بالنسبة إلى أوروبا

على الصعيد الأول لم تعد تصح مقولة أسواق رأس المال التي تفيد بأن الحمّى تصيب الاقتصاد الأوروبي إذا عطس نظيره الأمريكي. ويدل على ذلك استمرار نمو الأول رغم بوادر الركود التي بدأت تدب في شرايين اقتصاد الولايات المتحدة منذ الخريف الماضي. أما خلفيات ذلك فتعود إلى تراجع تبعية الاتحاد الأوروبي التجارية إلى واشنطن على ضوء التوسع الكبير الذي شهدته سوقه خلال السنوات القليلة الماضية، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة التبادل التجاري بين دوله. وفي هذا السياق تشير آخر المعطيات الإحصائية إلى أن نسبة التبادل المذكور وصلت إلى نحو 66 بالمائة من مجمل التبادل التجاري للاتحاد. مقابل ذلك لم تعد السوق الأمريكية تستوعب أكثر من 8 بالمائة من الصادرات الأوروبية.

أوروبا والولايات المتحدة تخسران لصالح آسيا

قطاع السيارات الأمريكي أكبر شاهد على تراجع الحضور الأمريكي في السوق العالميةصورة من: picture alliance /dpa

وعلى الصعيد الثاني يستمر تراجع النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة والاتحاد الأوربي لصالح دول شرق آسيا والهند بوتيرة عالية. ويشهد على ذلك مثلاً العجز التجاري الأمريكي الذي تراوح خلال السنوات الخمس الماضية بين 550 إلى نحو 700 مليار دولار سنوياً مقابل فوائض مالية متراكمة في دول شرق آسيا تقدر قيمتها بنحو 3000 مليار دولار، تمتلك الصين لوحدها 1000 مليار منها. وهو الأمر الذي يجعل من هذه الدول قادرة على اللعب بمصير الدولار الأمريكي الذي ما يزال العملة الاحتياطية الدولية الأولى. ومما يعنيه ذلك قدرتها أيضاً على اللعب بمصير النظام التقدي الدولي ومعه النظام الاقتصادي العالمي الذي يرتكز على هذه العملة.

هياكل قمة الدول الصناعية لم تعد عملية

هذه التغيرات الجديدة تضع ألمانيا ومعها قمة الدول الصناعية الثماني أمام تحديات جديدة أبرزها كيفية ضمان مصالحها من خلال استمرار سيطرتها على استقرار ولو نسبي للنظام النقدي العالمي الذي بدأ توازنه يختل بشكل تدريجي، لاسيما على الصعيد المالي لصالح لاعبين جدد وفي مقدمتهم الصين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن الحصول على هذا الضمان في وقت ما يزال فيه لاعبون أقوياء كالصين والهند خارج طاولة القمة؟

قمة الدول الصناعية الثمانية في ألمانيا ستعقد في ألمانيا خلال الصيف القادم والتحضيرات جارية على قدم وساق.صورة من: AP

يجمع الخبراء على إن مجموعة الدول الصناعية السبع لم تعد قادرة في المدى المنظور على ضمان الاستقرار المذكور ومعه استقرار النظام الاقتصادي العالمي الذي يخدم مصالح الغرب بالدرجة الأولى كما كان عليه الأمر سابقاً. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى أن اللاعبين الجدد بفوائضهم من العملات الصعبة لم يعودوا رهن السياسات النقدية لهذه المجموعة ممثلة بصندوق النقد الدولي الذي لعب دور أهم الحارس الأمين لهذا النظام. وعليه فإن إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام النقدي الدولي الحالي إزاء العواصف العاتية من شرق آسيا تتطلب تجاوز هياكل المجموعة الحالية إلى هياكل أوسع تراعي أيضاً مصالح الدول الصناعية الجديدة التي ليس لها مصلحة في انهيار هذا النظام خوفاً من فقدانها لقيمة احيتاطياتها الضخمة بالدولار الأمريكي. ويطرح في هذا الإطار اقتراح رئيس الوزراء الكندي سابقاً باول مارتين بتوسيع قمة مجموعة الثماني لتضم عشرين دولة في مقدمتها الدول الصناعية الناهضة كالصين والهند والبرازيل والمكسيك. وهناك طروحات أخرى تطالب بإعادة هيكلة الأمم المتحدة بهدف إشراك الدول الصناعية الجديدة في آليات اتخاذ القرار إلى جانب الدول الصناعية الرئيسية السبع.

ضفتي الأطلسي في مواجهة التحدي الآسيوي

وبغض النظر عما ستتمخض عنه هذه الطروحات فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أصبحا في موقع الدفاع عن مصالحهما الاقتصادية التي تهددها نمور شرق آسيا والهند ودول أخرى دخلت عتبة التصنيع مؤخراً. ويطرح الواقع الجديد على حكومة برلين تحدي العمل على توحيد جهود الغرب من أجل الدفاع عن هذه المصالح. وفي هذا الإطار يمكن تفسير زيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إلى واشنطن أوائل شهر يناير/ كانون الثاني الجاري ودعوتها من هناك إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية بين طرفي الأطلسي، أي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل مواجهة المنافسة العاتية من قبل شرق آسيا وأمريكا اللاتينية على حد قولها. وعلى الرغم من أن الوقت ما يزال مبكراً للحكم على مدى نجاح ميركل في تنفيذ مضمون دعوتها فإن ليس أمام طرفي الأطلسي خيارات بديلة. عدا ذلك فإن موقعهما في الاقتصاد العالمي سيشهد بسرعة أكبر مزيداً من التراجع لصالح الصين والهند واللاعبين الجدد الآخرين. أخيراً وحتى في حال النجاح في تعزيز الشراكة المذكورة فإن النظام الاقتصادي العالمي الحالي لا يمكن أن يستمر دون أخذ مصالح الدول الصناعية الصاعدة بعين الاعتبار أكثر من أي وقت مضى.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW