1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مواقف السخرية من الكنيسة – بين الرفض والترحيب

مارك فان لوبك شفارتس / هشام الدريوش١٠ يوليو ٢٠١٣

عادة يتسم الحديث في مواضيع العقيدة أو الإيمان بمواقف منضبطة. واحتراما لمشاعر الناس لا يتم توظيف الأديان في مواقف السخرية والاستهزاء. غير أن عالم اللاهوت الألماني هاينريش فيستفال ينطلق في هذا الموضوع من منظور آخر.

صورة من: picture-alliance/dpa

هل سبق لك أن سمعت هذه النكتة " إثنان من القساوسة يتحدثان، سأل أحدهم الآخر: هل سنعيش إلى حين بداية زمن إلغاء عزوبية القساوسة؟، فأجابه الثاني: إذا لم نعش نحن تلك الفترة فسيعيشها أبناؤنا". هناك من سيضحك عند سماع هذه النكتة، في حين سيتساءل آخرون: هل السخرية من الدين أمر مسموح به؟

الجواب هو نعم بالنسبة للعالم في الدراسات الدينية والصحفي هاينريش فيستفال الذي ألف كتاباً جمع فيه أحسن النكت الدينية وسماه " المرح حتى في المقدس". في هذا الكتاب يسرد فيستفال مقولة للقس الإنجليزي الشهير تشارلز هادون سبورجون الذي عاش في القرن 19 " القسيس المسيحي يجب أن يكون مرحاً". فالدعابة والنكتة تجعل الحياة أكثر مرحا، كما تسمح بتحويل الأمور الدينية المجردة إلى أشياء ملموسة بما في ذلك موضوع الموت. وفي هذا السياق يحكي فيستفال النكتة التالية: " اندهش القسيس فايغلت عندما قرأ في إحدى الصحف إعلانا عن وفاته. فبادر إلى التليفون للاتصال بالأسقف وإخباره بخطأ. فاندهش الأسقف عند سماع ذلك وقال له: أخي العزيز، بالله عليك من أي مكان تتصل الآن".

الضحك في الإنجيل

عالم الدين والصحفي هاينريش فيستفالصورة من: Brunnen Verlag

طبعا لا يعلم أحد هل كان المسيح عليه السلام يضحك أم لا، فالإنجيل لم يشر إلى ذلك. وحسب الكتاب المقدس ( العهد الجديد) فقد كان المسيح يُعبر باستمرار عن مشاعره سواءا كانت مفرحة أو حزينة، غير أنه ليس هناك من دليل على قيامه بالضحك. من جهة أخرى يتضمن التوراة أو الكتاب المقدس (العهد القديم) قصصاً كثيرة عن الضحك ومواقف الدعابة مثل قصة سارة، زوجة النبي إبراهيم، التي ضحكت بشكل عفوي عندما أُخبرت بأنها ستلد وهي في التسعين من العمر.

الإنجيل طبعا كتاب مقدس ومن الطبيعي ألا يشمل مجالا كبيرا في المزاح والضحك، لكن رغم ذلك يمكن لمخيلة قارئ الإنجيل استحضار مواقف ساخرة عند قراءة بعض القصص فيه، مثل قصة النبي بلعم الذي اندهش وهو يمتطي حماره الذي بدأ يتكلم.

الضحك في الكنيسة

في الماضي أيضا اعتبر الضحك والفكاهة وعدم الانضباط في الكنيسة أمرا مكروها، رغم أن التاريخ يتحدث عن وجود مواقف ضحك أمام المنابر. ويقول هاينريش فيستفال " الفكاهة تنتشر كثيرا خلال أعياد الفصح المسيحية". "فضحكة عيد الفصح" كانت أمراً مترسخاً في الكنيسة خلال القرون الوسطى. وعندما يتم الإعلان في قداس عيد الفصح بأن "الرب قد قام" يضحك الجميع. والسبب في ذلك هو أن قيامة المسيح خلفت ارتياحا كبيراً وفرحة غير محدودة.

وفي نفس الوقت تعكس "ضحكة عيد الفصح" شعور الفرح، حيث إن قيامة المسيح تعني التغلب على الموت والشيطان، ويصف فيستفال ذلك بقوله " إنها ضحكة العالم على انهزام الموت". وكان قساوسة القرون الوسطى يحكون في خطب عيد الفصح نكتاً وقصصاً مضحكة تسر المؤمنين بشكل كبير. وبسبب مبالغة بعض القساوسة في ذلك، قررت الجهات العليا في الكنيسة إيقاف الخطب الفكاهية ليصبح الضحك في الكنيسة أمرا ناذرا ولكن لم ينقطع بشكل كامل.

البابا فرنسيسكوس خلال الاحتفال بعيد الفصح 2013صورة من: Getty Images

بعد انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في مارس 2013 قال البابا فرانسيسكوس"أدعو الله أن يغفر لكم أعمالكم". ويبدو من خلال هذه العبارة أن البابا فرانسيسكو يعرف كيف يزيل مناخ التوتر الذي خيم على عملية انتخاب البابا الجديد، وقداستقبل الحاضرون هذه العبارة بضحك عال. لا تقتصر النكت في الكنيسة الكاثوليكية على موضوع العزوبة فحسب، بل إن تبجيل مريم العذراء كان أيضا موضوعا لبعض النكت مثلا: " في تجمع كبير لمسيحيين انطلق أحد الأشخاص مسرعاً وسط الحشود وهو يصيح بأعلى صوته الآن أستطيع الجري!، الآن أستطيع الجري!. فسألته إحدى الراهبات التي اعتقدت أنه كان مقعدا وأصبح الآن قادرا على المشي وقالت له: هل حدثت لك معجزة كما حدث لمريم العذراء؟. فأجابها قائلا: لا، لقد سرقت مني دراجتي".

يريد هاينريش فيستفال من خلال كتابه تغيير الصورة النمطية عن القساوسة الذين ينظر إليهم بأنهم " موظفو الله على أرضه" ويرفضون المزاح. ويضيف في هذا السياق قائلا" الآن أصبح بعض الزملاء والزميلات يتصلون بي ويطلبون منى امدادهم بنكت جيدة". فهم يريدون بذلك إثراء خطبهم في المنابر حتى تصبح أكثر جاذبية للمؤمنين. لكن ما الذي يجعل الدعابة عنصرا مهما في الأديان؟ هاينرش فيستفال يرى بأن للمسيحيين في بعض الأحيان ميولا لنهج القوانين ومواقف الأخلاق.

الإله والدين والضحك

كتاب هاينريش فيستفال " الضحك حتى في المقدس"

طبعا، لاينبغي جرح مشاعر أتباع الديانات عبر استخدام النكت. ويذكر هاينريش فيستفال بعالم اللاهوت هيلموت تيلكه الذي قال"يسخرالمسيحي من الأشياء القديمة فقط أما الأشياء الجديدة فتظل بالنسبة له مصونة ومقدسة". كما يقدم فيستفال مثالاً على استيعاب المواقف الدينية للسخرية والضحك من خلال الشخصية الروائية " الأب براون" للكاتب الإنجليزي تشيسترتون،حيث إن " الدعابة ليست سوى مظهر من مظاهر الدين. وفقط من هو أعظم من الأشياء يستطيع السخرية منها". وفي هذا السياق فإن الضحك في العمق عنصرا إلهيا حتى ولو كان موضوع الضحك يشكل انعكاسا لصور عقائدية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW