موضات الأسماء في ألمانيا عبر العصور
١٦ أغسطس ٢٠٠٨تبدأ فترة البحث عن اسم مناسب للمولود الجديد خلال فترة الحمل. وشاعت في ألمانيا بعض الطرق لإيجاد اسم يتلاءم مع ذوق الأم والأب، حيث يفضل البعض اختيار اسم الأب الثاني، إذ عادة ما يكون للألمان بصفة عامة أسماء تتركب من ثالثة أو أربعة أو حتى خمسة أسماء. في حين يختار البعض الآخر إعطاء أبنائهم اسم عرّاب الأب أو الأم أو العرّاب الذي يرافق الطفل خلال عملية التعميد.
دراسة عن تطور الأسماء في ألمانيا
وآخرون يختارون إعطاء أولادهم أسماء قديسين مسيحيين. في حين يلجأ البعض الآخر إلى البحث في كتب خاصة بالأسماء أو في القواميس أو حتى في الإنترنت. كما أن هناك من يستلهم أسماء مواليدهم من الأفلام والمسلسلات أو من عالم الفن والغناء. في هذا الإطار أجرى بروفسور علم الاجتماع في الجامعة الحرة في برلين يورغين غيرهاردس دراسة حول تطور الأسماء في ألمانيا خلال القرنين الماضيين ونشرها في كتاب يحمل عنوان "العصر الحديث وأسماؤه".
وتبدأ دراسة يورغين غيرهاردس بداية من ثلاثينات القرن الماضي، عندما سيطر النازيون على الحكم في ألمانيا. وتميزت هذه الحقبة بتراجع الأسماء المستلهمة من الدين المسيحي لصالح الأسماء المستوحاة من التاريخ والأساطير الجرمانية على غرار آديلهايد (Adelheid) للنساء وفيلهالم Wilhelm للرجال. وبعد الحرب العالمية الثانية فقدت الأسماء الجرمانية القديمة شعبيتها وأصبحت تشير أحيانا إلى تعصب للعرق الآري. في حين بدأت أسماء ذات وقع فرنسي تنتشر بسرعة في ألمانيا على غرار رينه(René) أو نيكول (Nicole) إلى درجة أنها أصبحت أسماء عادية جدا في ألمانيا.
قوانين الموضة
وحسب المؤسسة الألمانية للغة الألمانية فقد تصدرت أسماء على غرار ماري (Marie) وصوفي (Sophie) وهانّه (Hannah) وآنا (Anna) قائمة الأسماء المفضلة في ألمانيا للبنات، في حين احتلت أسماء مثل ليون (Leon) وماكسيمليان (Maximilian) وألكسندر(Alexander) ولوكا (Luka) المراتب الأولى لأكثر الأسماء شعبية للذكور في ألمانيا عام 2007. ويقول يورغين غيرهاردس إن الأسماء قد تحولت إلى موضة، وإن لكل حقبة تاريخية موضتها في الأسماء، كما هو الحال بالنسبة للملابس وللموسيقى فإن الناس يتبعون تيارات الموضة المختلفة، على الرغم من أن الغالبية تعتقد أن لها ذوقها الخاص في إعطاء الأسماء لأولادهم.
وعلى الرغم من اختلاف الموضات عبر الحقب التاريخية، إلا أن هناك مقاييس معينة لإعطاء الأسماء، من بينها مقياس التفرد بالاسم، الذي يعتبر أهم مقياس يتبعه الآباء، ذلك أن أسماء على غرار شتفاني (Stefanie) أو تانيا (Tanja) أو ميشائيلا (Michaela) التي كانت تحظى في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بشعبية كبيرة، تكاد تختفي من قائمة الأسماء للمواليد الإناث الجدد، ذلك أن هذه الأسماء تعد متداولة جدا خاصة في الأجيال التي تتراوح أعمارهم بين عشرين وخمسة وثلاثين عاما.
لذلك يبحث الآباء والأمهات عن أسماء جديدة غير شائعة وخاصة غير مستهلكة، فيلجأ البعض منهم إلى الاستلهام من الأسماء القديمة. ففي الثمانينات أقبل الألمان على إعطاء مواليدهم الجدد أسماء يهودية على غرار يوديت (Judith) وسيمونه (Simone) للبنات أو دافيد (David) و يعقوب(Jacob) ويوناتان(Jonathan) بالنسبة للأولاد. وفي التسعينات شاعت الأسماء الألمانية القديمة على غرار آغاته (Aghate)وإليزابيت (Elisbeth)ولوته (Lotte) للبنات وبالنسبة للأولاد باول (Paul)وبيتر (Peter) وأنتون (Anton) . ويقول يورغين غرهاردس في هذا السياق إن اختيار البعض لأسماء الألمانية القديمة ليست له دوافع دينية أو نزعة وطنية بحتة - على العكس من بداية القرن العشرين.
أسماء من ثقافات ذات سمعة عالمية طيبة
من جهة أخرى تشير الدراسة إلى أنه شاع في العادة خاصة لدى الأكاديميين والحاصلين على شهادات جامعية عليا البحث عن أسماء نادرة جدا، فلا عجب أن يعطوا أولادهم مثلا أسماء ألمانية قديمة جدا، تكاد تنقرض، على غرار فريدريش (Friedrich) أو ألفريده (Elfriede). كما أن هناك من يفضل اللجوء إلى الأدب الكلاسيكي أو إلى الأسماء السكاندنافية على غرار يان (Jan) أو بيورن (Bjِrn) للذكور وأنيكا (Annika) وكارستين (Kerstin) للبنات. بيد أن الأكيد أن الآباء يسعون إلى إعطاء أولادهم أسماء خفيفة لها وقع جيد في الأذن.
وعلى الرغم من كثرة عدد المهاجرين من الأتراك والعرب واليوغسلافيين إلا أن الألمان لا يقبلون على إعطاء أولادهم أسماء تركية أو عربية على غرار اسم فاطمة أو أمينة الذي يسهل نطقه أكثر مثلا من الاسم الأمريكي ماندي (Mandy). ويفسر يورغين غيرهاردس هذا النفور من الأسماء التركية والعربية واليوغسلافية رغم تواجدها بكثرة في المجتمع الألماني أن الثقافات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية تتمتع بسمعة طيبة لدى الألمان بأنها ثقافات متميزة وغنية، وبالتالي يختار الآباء أسماء من هذه الثقافات التي يحبونها ويقدرونها.