على الرغم من أن الكثيرين في ألمانيا ليست لديهم حوافز دينية للقيام بالصيام، إلا أنهم يريدون التمرن على الاستغناء عن أنواع معينة من الطعام أو المشروبات أو الاستغناء عن المتع بصفة عامة. إذ يتخلى 78% من الألمان عن الكحول أو مشاهدة التلفزيون أو حتى استخدام الهواتف المحمول. وتختلف أشكال الاستغناء من شخص لآخر، حتى ان البعض يفضل استخدام الدراجة أو المواصلات العامة بدلاً من ركوب سيارته الخاصة.

الابتعاد عن نشوة الكحول

يجعلنا الصوم نشعر بأهمية الأشياء التي نحن معتادون عليها، هكذا يقول سلطان البالغ من العمر 39 عاماً والذي يعمل كاستشاري في إحدى الشركات الكبرى، فهو من عشاق وعازفي موسيقى الجاز على البيانو. فسلطان بإمكانه الاستمتاع بكل متع الدنيا كالطعام الشهي والنبيذ الجيد. لكنه قرر الاستغناء لعدة أسابيع عن الكحول مع أن فرص شرب الكحول متاحة له في كل وقت. ويعدد سلطان الأوقات التي يمتنع فيها عن شرب الكحول بالقول: " أمتنع في الصباح عن شرب البيكولو قبل الذهاب إلى العمل. ولا أشرب الريزلينج مع وجبة الغداء. ولا أشرب البيرة كعادتي بعد انتهاء يوم العمل". ثم يضيف: " إذا كنت أتعاطي المخدرات مثلاً كنت سأستغني عنها أيضاً كلية. ولكني أفعل بصرف النظر عن الامتناع عن شرب الكحول كل ما يحلو لي في فترة صومي".

الصيام لأسباب شخصية

سلطان لا يصوم لأسباب دينية - مثله مثل شتيفان، الموظف بمجال العقارات والذي قرر أيضاً الاستغناء عن شرب الكحول في وقت صيامه الشخصي. وعلى الرغم من أنه تم تعميده كاثوليكياً إلا أنه ترك الكنيسة وهو شاب. ويقول شتيفان :" صيامي غير مرتبط بالإيمان الديني ولكنه مرتبط بالأساس بإيماني بنفسي".

إذا فحافز شتيفان الداخلي نابع من أسباب تخصه هو كشخص. فهو يريد في هذه الفترة أن يعيش تجاربه بشكل واعي بدون شرب الكحول. سلطان- من ناحية أخرى- يشعر أنه أكثر عصبية منذ أن استغنى عن شرب الكحول. ولكن الأمر الإيجابي هو أن استغناءه هذا أثر على علاقاته الشخصية. ففي ليلة لم يشرب فيها تعرف سلطان في حانة على شابة تدعى ماريا وقد أعطته عنوان بريدها الإلكتروني.

" لو كنت قد قابلت ماريا وأنا مخمور كنت سأحصل على عنوانها البريدي أيضاً ولكنني لا أعتقد أنني كنت سأتذكرها في اليوم التالي." ويضحك سلطان ويضيف:" كنت سأسهر عدة ساعات أخرى وكنت سأبقي نائماً حتى الآن وكنت سأستيقظ بجانب بريتا أو باولا أو أية امرأة أخرى. ما أريد قوله هو: أن الاستغناء عن شيء من خلال الصوم يؤثر على قدر كل شخص".

الاستفادة من التجربة

ويصوم شتيفان كل عام بعد فترة الكرنفال الذي يقام في منطقة الراين. فهو يحتفل كالعديد من سكان مدينة كولنجا بشرب البيرة لمدة ستة أيام دون توقف. ويشرح شتيفان أنه عندما يتوقف عن الشرب يدرك أنه كان يشرب كثيراً. و يضيف: "في بعض الأحيان أتعجب من تصرفات أصدقائي حينما يسكرون وأدرك أنني غالباً أتصرف بنفس الشكل وأنا مخمور".

الصوم لفترة مؤقتة

ويستمتع شتيفان بشرب البيرة الخالية من الكحول لأنها تتيح له فرصة مراقبة الأشخاص وهم يشربون دون جذب الانتباه إلى أنه لا يشرب. و يأتي السؤال: إذا كان الاستغناء عن شرب الكحول ممتع بهذا الشكل، فلماذا يعود الصائم إذن إلى الشرب؟ السبب هو أن الصوم يعني الاستغناء عن شيء يحب الشخص أن يفعله فإذا توقف الشخص عن حب الكحول لن يرى داعياً للامتناع عنه.

ويقول سلطان: "لا يعتبر الصوم بالنسبة لي خطوة للاستغناء عن الأشياء المستحبة بشكل دائم. أعتبر الصيام فترة تدريبية لأشاهد حياة الآخرين ولكي أستفيد من تلك التجربة في حياتي الشخصية. و لكن الأمر يتوقف عند تلك النقطة. " ويشعر سلطان أنه عندما يعود الشخص إلى الشرب مجدداً يشعر كأنه التقى بنفسه من جديد فيصف متعة الشرب بعد الصيام قائلاً:" شرب أول جعة بيرة بعد الصيام أمر مذهل. وحتى طعم الكوب الثاني رائع. تعد هذه بمثابة مكافأة للنفس بعد تلك الأسابيع. فيستطيع الشخص الاحتفال ببضعة مشروبات بأنه نجح في الصيام" .

منى حفني/ زيلكه فونش

مراجعة: يوسف بوفيجلين