موظفون أفغان بالجيش الألماني..كفاح من أجل الحصول على اللجوء
١٣ ديسمبر ٢٠١٩
أثناء مهمة إيساف في أفغانستان ساعد الكثير من الموظفين المدنيين الأفغان الجيش الألماني. إلا أن هذا العمل بالنسبة إلى بعضهم بات خطرا على حياتهم، مما دفعهم للفرار بعيدا. لكن حتى في ألمانيا لا يشعرون بأنه مرحب بهم.
إعلان
يجلس قيس جلال أمام الكومبيوتر في مكتبه، ويرتدي قميصا أنيقا وسروالا أسودا، ولحيته تلمع وشعره مرتب جيدا. وعلى الشاشة تظهر صورة نفس الرجل، لكن هذه المرة بعمر أصغر ولحيته تبدو بدون حلاقة لبضعة أيام، ويضع بدلة واقية عسكرية وهندامه مليء بالغبار. بعيون شاخصة ينظر قيس إلى وجهه المتعب في هذه الصور التي تعود للفترة التي كان يعمل فيها كموظف محلي.
بالنسبة للجيش الألماني في أفغانستان فإن الموظفين المحليين هو الأشخاص الذين يلتزمون معه في عين المكان في المهام الخارجية كمترجمين أو حراس أو سائقين. قيس جلال كان عمره 18 عاما عندما تقدم للعمل كمترجم لدى الجيش الألماني. ومرت ست سنوات رافق فيها الجنود الألمان في كل مكان أرسلوه إليه ليل نهار بما في ذلك مناطق الاقتتال الخطيرة. يتذكر قيس بدايته في هذا العمل بالقول: "في البداية عندما أعطوني البدلة الواقية والخوذة، لم يكن لدي شعور جيد، وقلت في نفسي يا الله أين نتجه الآن؟".
ومنذ تلك اللحظة يطارده الخوف في كل تدخل، لاسيما عندما تدهور الوضع الأمني ابتداء من 2010. لكن هذا لم يوقفه كما يوضح قيس جلال: "عايشت باستمرار أشياء فظيعة. رأيت نور الحياة في الحرب وترعرعت فيها ولهذا تمكنت من العمل طوال ست سنوات في الحرب لصالح الجيش الألماني".
دعم كبير للجيش الألماني
الموظفون المحليون يساندون الجيش الألماني ومنظمات دولية أخرى مثل مؤسسة التعاون الدولي في الكثير من المهام عالميا. لكن فيما يرتبط بتدخل "إيساف" في أفغانستان ابتداء من 2001 كانت الأهمية أعلى من أي وقت مضى . يقول فينفريد ناختفاي، خبير السياسة الأمنية: "المترجمون والموظفون المحليون كانت لهم أهمية خاصة بالنسبة إلى الجيش". وعلى هذا النحو مازال نحو 1600 مساعد في أفغانستان يعملون لصالح الجيش الألماني بالرغم من أن مهمة إيساف انتهت رسميا منذ 2014.
ولفترة تمتد إلى 16 يوما متواصلة رافق عمر قيس الجنود الألمان وكان ينام معهم في نفس الخيمة بدون حمام واتصال مع عائلته. وخلال التدخلات كان يتحدث مع رؤساء البلديات ويتفاوض مع زعماء قبائل ويتوسط بين الجيش الألماني والجيش الأفغاني. وبالنسبة إلى الناس من قريته كان يظهر مثل الجندي، وهذا ما بات في إحدى اللحظات يشكل خطرا على حياته.
"عميل، كافر وخائن"
يقول قيس جلال: "لو كان لطالبان الإمكانية لقطعوا رأسي فورا. بل حتى السكان المتدينين كان لديهم موقف ضدي. عميل وكافر وخائن، هذه الكلمات سمعتها كثيرا". وعندما كان يدخل المسجد للصلاة، فإن الناس كانوا يبتعدون عنه، لأنهم اعتبروه "نجسا". "كنت أصلي لكن لوحدي".، يضيف قيس.
وبعد ست سنوات في الجيش الألماني ناشد قيس جلال رئيسه ليأخذه وعائلته إلى ألمانيا. وفي النهاية تمكن من المغادرة مع زوجته وطفليه ضمن برنامج هجرة خاص بالموظفين المحليين السابقين. وفي ألمانيا بدء يتعلم الألمانية واجتاز في غضون سنة امتحان الباكالوريا وبحث عن عمل كمساعد اندماج لدى إدارة الأجانب في مدينة لايبتسيغ ويتحمل إلى اليوم مصاريف شقته وعائلته لوحده، لأنه لم يرد أبدا أن يعول على المساعدة الحكومية. لكن سعادته لم تكتمل بعد، لأنه حتى بعد مرور خمس سنوات على قدومه فإن رخصة إقامته محدودة زمنيا.
"وعن هذا الوضع يقول قيس جلال: "ماذا سيحصل بعد سنة؟ وماذا سيحصل مع مستقبل أبنائي؟ وعائلتي؟ ومستقبلي؟ لا يمكن لنا العودة إلى أفغانستان". لقد ترك كل شيء خلفه لبناء مستقبل جديد هنا في ألمانيا في أمان. وما يؤلمه بالأخص هي القوانين المختلفة بينهم وبين"اللاجئين العاديين"، الذين يرعاهم خلال عمله في إدارة الأجانب. فهم لا يحتاجون إلا المساهمة ثلاث سنوات فقط في صندوق التقاعد لتلبية شرط الحصول على إقامة دائمة. وبالنسبة إليه كموظف محلي سابق يحتاج إلى خمس سنوات.
قيس جلال يغلق الكومبيوتر ويصعد إلى سيارته ويذهب إلى البيت. والمسافة التي يقطعها هي 330 كيلومترا ذهابا وإيابا، لأن بيته يقع في مدينة ماغدبورغ وهو يستيقظ في الرابعة صباحا ليكون في الوقت المحدد في العمل. فالاتتقال من لايبتسيغ إلى ولاية أخرى لا يحق له بالنظر إلى رخصة إقامته، حسب وزارة الداخلية.
التطلع لحل إنساني
باب الشقة ينفتح في الطابق الرابع في عمارة بماغدبورغ. قيس تستقبله ابنته البالغة من العمر أربع سنوات وابنه ذو سبع سنوات بكلمات باللغة الألمانية. وبعدها يجلس قيس والقهوة بيده على الأريكة البيضاء في حجرة الضيوف ويتحدث فجأة بوضوح: "أنا ممتن لألمانيا، لا أريد تلقي هدايا، أريد العمل بجد. لكن آمل أن تجد وزارة الداخلية الألمانية لنا "الموظفين المحليين" الذين يعيشون هنا مع عائلاتهم في ألمانيا حلا إنسانيا وقيما"، لأنه فقط مع اليقين في البقاء دوما في ألمانيا يمكن لهم الشعور بأنهم حققوا فعلا اندماجهم.
قيس جلال مقتنع بأنه قدم الكثير لألمانيا في أفغانستان، بل خاطر بحياته. والآن قررت وزارة الداخلية تمديد رخصة إقامة الموظفين المحليين السابقين حتى نهاية 2021. مواساة صغيرة. لكن بعد سنتين سيتساءل ما هو حجم الخدمة التي ستقدمها ألمانيا له ولموظفين محليين سابقين لتمكينهم على المدى البعيد من حياة جديدة في وطنهم الجديد.
تيسا كلارا فالتر/ م.أ.م
عقدان من تاريخ أفغانستان في 20 صورة
ساهمت أكثر من 40 دولة في أعمال إعادة الإعمار في أفغانستان منذ سقوط طالبان، لكن استمرار الوضع الأمني المتدهور في البلاد يجعل جدوى هذه المهام محل تساؤل، لاسيما قبيل انتهاء مهمة إيساف.
صورة من: picture-alliance/dpa
بين التدخل العسكري والانسحاب
عاشت أفغانستان أحداثا كثيرة خلال هذا القرن فهجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر كانت السبب وراء عملية عسكرية دولية مازالت تأثيراتها قائمة على البلاد. فيما يلي بعض أهم المحطات على هذا الطريق الطويل الذي مرت به أفغانستان بداية من العملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة وحتى تسليم المهام الأمنية للأفغان.
صورة من: Getty Images
11 سبتمبر 2001: هجمات لها تبعات سياسية
سجل يوم الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 نفسه كيوم غير مسار العالم فالهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة كانت السبب وراء تغييرات سياسية كبيرة. تسببت الهجمات في مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص بعد اصطدام طائرتي ركاب مخطوفتين ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. قادت خيوط البحث عن الجناة إلى أفغانستان.
صورة من: picture-alliance/dpa
13 نوفمبر 2001: عملية "الحرية الدائمة"
شنت حكومة جورج بوش آنذاك هجوما على أفغانستان حيث كان ترجح وجود أسامة بن لادن، الذي اتهمته بتدبير الهجمات. أسقطت الولايات المتحدة نظام طالبان في أفغانستان وحاولت تفتيت تنظيم القاعدة. في الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفبمر 2001 سقطت كابول وانسحبت طالبان لمنطقة الحدود الأفغانية الباكستانية.
صورة من: picture-alliance/dpa
27 نوفمبر 2001: مؤتمر بون
في نهاية عام 2001 التقى ممثلو أربعة من الأطياف الشعبية في أفغانستان بالقرب من مدينة بون الألمانية. لم تكن حركة طالبان ممثلة في المؤتمر الذي تم برعاية الأمم المتحدة. اتفقت الأطراف المشاركة في المؤتمر في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر 2001 على بناء حكومة انتقالية تعمل تحت إشراف الرئيس حامد كرزاي الذي عُلقت عليه الآمال لقيادة البلاد نحو الديمقراطية.
صورة من: Getty Images
22 ديسمبر 2001: البرلمان الألماني يصوت على المشاركة العسكرية
أقر البرلمان الألماني في الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2001 وبأغلبية كبيرة، مشاركة الجيش الألمانية في مهمة السلام التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان. تركزت مهمة قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) على الاهتمام بعودة الأمن ودعم الحكومة في أعمال إعادة البناء.
صورة من: picture-alliance/dpa
6 مارس 2002: أول الضحايا في صفوف القوات الألمانية
شهد يوم السادس من آذار/ مارس 2002 سقوط أول الضحايا الألمان أثناء إبطال مفعول صاروخ أرض جو. توالت الحوادث المشابهة، إذ فجّر انتحاري نفسه في كابول في السابع من حزيران/ يونيو 2003 مما أسفر عن مقتل أربعة جنود وإصابة 29 بجروح. كان هذا هو الحادث الأول الذي يقتل فيه جنود ألمان نتيجة تفجير انتحاري.
صورة من: picture-alliance/dpa
26 يناير 2004: دستور جديد
أقرت الحكومة الأفغانية، في كانون الثاني/ يناير 2004، دستورا ديمقراطيا للبلاد بعد أكثر من عامين على سقوط طالبان. اتفق المشاركون في وضع الدستور على تأسيس جمهورية أفغانستان الإسلامية ذات النظام الرئاسي ليمهدوا بذلك الطريق لانتخابات عامة. أجريت الانتخابات في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2004 وفاز بها حامد كرزاي.
صورة من: picture alliance/AP Photo
31 مارس 2004: مؤتمر برلين
وافق المجتمع الدولي خلال مؤتمر برلين على تخصيص 8.2 مليار دولار لأعمال إعادة الإعمار في أفغانستان. ساهمت ألمانيا بنحو 80 مليون يورو. تناول المؤتمر العديد من النقاط منها سبل مكافحة تهريب المخدرات وتعزيز قوة إيساف بعناصر إضافية.
صورة من: picture alliance/AP Photo
31 يناير 2006: مؤتمر لندن
اتفق المشاركون في مؤتمر لندن على برنامج مدته خمسة أعوام لأفغانستان وخصصوا من أجله 10.5 مليار دولار. طرح المؤتمر مسألة تسليم أفغانستان المسؤولية على مراحل. لم يكن هذا المؤتمر هو نهاية المطاف، فقد تطلب الوضع الأمني الشائك في أفغانسان تنظيم مؤتمرات عديدة في السنوات اللاحقة.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb
4 سبتمبر 2009: غارة قندز
أمر غيورغ كلاين، قائد القوات الألمانية في أفغانستان، بشن غارة جوية على شاحنتي وقود استولى عليها عناصر من طالبان بالقرب من مدينة قندز. أسفرت الغارة الجوية عن مقتل نحو 140 شخصا معظمهم من المدنيين. أدت الغارة لانتقادات حادة في أفغانستان وألمانيا وتسببت في استقالة وزير الدفاع الألماني آنذاك فرانتس يوزيف يونغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
31 مايو 2010: استقالة الرئيس الألماني
أدلى الرئيس الألماني آنذاك هورست كولر بتصريحات صحفية مثيرة للجدل أثناء رحلة عودته من زيارة تفقدية لقوات بلاده في أفغانستان. وبرر كولر في المقابلة الصحفية مشاركة قوات بلاده في أفغانستان بتأمين مصالح اقتصادية ألمانية. أثارت هذه التصريحات نقاشات سياسية حادة في ألمانيا، أعلن كولر بعدها استقالته من منصبه.
صورة من: picture-alliance/dpa
19 يوليو 2010: لقاء قمة في كابول
في ظل إجراءات أمنية مشددة، اجتمع وزارء خارجية دول الناتو في العاصمة الأفغانية كابول في أول اجتماع في المدينة المتأزمة. وبالرغم من استمرار تردي الأوضاع الأمنية في أفغانستان، بحث الوزراء خلال اجتماعهم خطط تسليم المسؤولية بالكامل لقوات الأمن الأفغانية بحلول عام 2014 وسحب قوات الناتو من هناك.
صورة من: picture-alliance/dpa
18 سبتمبر 2010: انتخابات برلمانية
شهدت أفغانستان في الثامن عشر من أيلول/ سبتمبر انتخابات برلمان جديد. خيمت على الانتخابات هجمات أودت بحياة 22 شخصا على الأقل. تحدث مراقبون دوليون عن عمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات التي لم تسفر عن فائز بأغلبية كبيرة.
صورة من: picture alliance/dpa
2 مايو 2011: مقتل بن لادن
نفذت عناصر من القوات الأمريكية الخاصة عملية ضد مجمع سكني في بلدة ايبت آباد الباكستانية ليلة الثاني من آيار/ مايو 2011 أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن، قائد تنظيم القاعدة. تابع الرئيس الأمريكي باراك أوباما تفاصيل الهجوم مع مساعديه عبر شاشة عرض مباشر. خرج الآلاف في الولايات المتحدة إلى الشوارع احتفالا بمقتل بن لادن.
صورة من: The White House/Pete Souza/Getty Images
5 ديسمبر 2011 : مؤتمر بون الثاني
استضافت مدينة بون الألمانية المؤتمر الدولي الثاني حول أفغانستان في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر 2011، بعد عشرة أعوام على المؤتمر الأول. اتفق المشاركون في المؤتمر على مواصلة دعم أفغانستان ماليا كما تعهد كرزاي بالقيام بإصلاحات وبمكافحة الفساد والعمل من أجل تحقيق ديمقراطية مستقرة.
صورة من: Getty Images
16 مايو 2012 : تعاون ألماني أفغاني
وقعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الأفغاني حامد كرزاي في 16 أيار/ مايو 2012 اتفاقية للتعاون بين ألمانيا وأفغانستان. تعهدت الحكومة الألمانية بتقديم المزيد من المساعدات لأفغانستان لكنها ربطت هذه المساعدات بالإصلاحات في أفغانستان. تعهد كرزاي من جهته بالحفاظ على حقوق الإنسان ومبادئ دولة القانون.
صورة من: dapd
18 يونيو 2013: تسليم المسؤولية الكاملة
أعلن الرئيس كرزاي تسلم المسئولية الأمنية في مختلف أنحاء البلاد وانتقلت إلى الجيش الأفغاني المهام التي كانت تقوم بها قوات الناتو كتمهيد لسحب القوات الدولية من أفغانستان. ألقى تفجير انتحاري في كابول بظلاله على هذا الإعلان.
صورة من: picture-alliance/dpa
21 أغسطس 2013: تسليم مركز لتدريب الشرطة
سلم السفير الألماني في أفغانستان أوليفر أوفتسا في 21 آب/ أغسطس 2013، مركز قندز للتدريب الشرطي إلى وزارة الداخلية الأفغانية. يعني تسليم المركز النهاية الرسمية للمشاركة الألمانية في تدريب الشرطة في إقليم قندز حيث تم هناك تدريب ما يزيد على 4600 شرطي منذ عام 2010.
صورة من: picture alliance/dpa
6 أكتوبر 2013: سحب القوات الألمانية
سلم وزير الدفاع الألماني دي ميزير ووزير الخارجية فيسترفيله مسؤولية المعسكر الألماني في قندز للحكومة الأفغانية. من المقرر أن تستخدم الشرطة والجيش الأفغاني المعسكر الذي يعد ثاني أكبر معسكر للجيش الألماني. وتنهي عملية التسليم عشر سنوات من التواجد العسكري الألماني في أفغانستان.
صورة من: Reuters
2014: الانسحاب من أفغانستان
تبدأ جميع القوات الدولية المشاركة في أفغانستان عمليات سحب قواتها خلال هذا العام. يواصل المجتمع الدولي ضخ المليارات في عمليات إعادة الإعمار في البلاد حتى بعد عمليات سحب القوات التي تعد خطوة على طريق تحقيق الاستقلال الكامل لأفغانستان.