1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"موظفون مزعومون" بالأمم المتحدة يحتالون على اللاجئين بلبنان

٩ يوليو ٢٠٢٤

مع ازياد أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان سوءاً، وازدياد الدعوات العنصرية لإخراجهم، يبحث العديد منهم عن طرقٍ سريعة تساعدهم على الخروج من لبنان دون العودة إلى سوريا. ما يجعل بعضهم يقع ضحيةً للاحتيال!

اللاجئون السوريون في لبنان يعيشون في ظروف صعبة
اللاجئون السوريون في لبنان يعيشون في ظروف صعبةصورة من: Mahmoud Zayyat/AFP

في أواخر أيار/مايو 2024 تصاعدت لهجة الخطاب داخل لبنان ضد  اللاجئين السوريين، بينما أصبحت قطاعات كبيرة في لبنان ترى أنهم يمثلون عبئاً ثقيلاً يجب التخلص منه، كل هذا جعل من حياة السوريين المقيمين هناك جحيمًا آخر، وأمرًا شاقًا أوقعهم بين البقاء في بلدٍ يرفضهم ويتعرضون فيه للكثير من التصرفات العنصرية والتميزية ضدهم، أو بين شبح العودة إلى سوريا وما يرافقه من مخاطر الاعتقال أو الموت، أو العودة إلى اللاشيء بعد خسارة كل ما يملكون في سوريا على أحسن تقدير.

كل هذا دفع محمد المهاجر السوري الذي يعيش في ألمانيا للبحث عن طرقٍ تساعد أخيه وعائلته الذين يقيمون في لبنان لمغادرته.

حاول محمد البحث عن منظماتٍ أو جمعيات قد تقدم مثل هذه المساعدة، حتى أرسل له شخصٌ يعرفه رقمًا تركيًا وأخبره: "هذا الشخص ثقة، يعمل بالأمم المتحدة، ويمكنه مساعدة عائلة أخيك للقدوم إلى ألمانيا".

يروي محمد لمهاجر نيوز ما حدث معه ويقول: "في 11 حزيران/ يونيو كنت أبحث عن شخص يساعدني لإخراج اخي وعائلته من لبنان، كنت ابحث عن منظمات وجهات موثوقة، لذلك تم وصلي بعدة جهات، لكن هذا الشخص تم تقديمه لي على أنه يعمل بالأمم المتحدة، وأنه قدم المساعدة لعائلة وأصبحوا في أوروبا، لم يكن أمامي خيارًا آخر وتواصلت معه".

ويتابع محمد: "رد الرجل بسرعة ورحب بي، كما عرفني عن نفسه بأنه يعمل بالأمم المتحدة، وأن بإمكانه تسريع طلب التوطين الذي قدمه اخي وعائلته إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، أو تقديم طلبٍ لهم، ودفعه ليتم سفرهم بسرعة، لكنه قال لي: أنا لا أعمل مجانًا، والقصة تكلف 7 آلاف دولار، تقسم على 3 دفعات، الأولى تدفع عند بداية العمل بالأوراق، والدفعة الثانية عندما أستلم الأوراق، والدفعة الثالثة تسلم قبل أن يصعد أخي وعائلته، وأخبرني انه بإمكانه ان يقابل أخي في لبنان لتسلم الأوراق".

جانب من معسكر اللاجئين عين الحلوة في لبنانصورة من: Mahmoud Zayyat/AFP

لم يطمأن محمد للموضوع، وطلب من الرجل ضمانات، واقترح ان يتم تسليم المبلغ لطرفٍ ثالث، يعطيه المال بعد أن يسافر أخيه، فاختفى الشاب، وأدرك محمد أنه كان عرضةً لعملية احتيال لم تكتمل.

رغم ذلك، بقي محمد يتابع يوميًا صورًا عبر خاصية القصص "Story" للرجل وهو ينشر ملفاتٍ لأشخاص تمكن من مساعدتهم وأصبحوا في أوروبا، للترويج لنفسه.

استغلال اليأس

تقدم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR إمكانية إعادة التوطين في بلدٍ ثالث، للاجئين الذين لا يستطيعون  الاندماج  محليًا أو العودة إلى بلدهم الأصلي وممن لديهم احتياجات حماية مستمرة في البلد الذي يعيشون فيه، بحسب ما تقول المفوضية على موقعها، لكن يتوجب على الأشخاص المسجلين كلاجئين في لبنان أو الأردن أو تركيا التقدم بطلب لذلك، كما تشدد على أن فرص إعادة التوطين محدودة للغاية، ولا تتوفر إلا للاجئين الذين تتعرض حياتهم أو حريتهم أو سلامتهم أو صحتهم أو حقوقهم الإنسانية الأساسية للخطر في البلد الذي يلتمسون فيه اللجوء.

ربا (اسم مستعار) وزوجها، سوريان يقيمان في لبنان أيضًا، ولقد تواصلا مع شخصٍ قال إنه موظف بالمفوضية، رفضت تزويدنا برقمه، وأخبرهما أن بإمكانه تسريع طلبهما، لجأت له ربا بعد أن باعت كل ما تملك واستدانت مبلغًا كبيرًا، طلب الموظف المزعوم منها 5000 دولار، عن كل شخص، وأعطته بالفعل الدفعة الأولى، ولا تزال تنتظر.

لم تخبرنا ربا عن اسمها الحقيقي خوفًا من أن تخسر مساعدة المهرب، الذي قالت إنه بالفعل أعطاها أوراق ملف توطين، لم تكن قد قدمته سابقًا وان الموضوع كان سريعًا، طلب منها حسب ما أخبرت "مهاجر نيوز" صورة البطاقة شخصية، وصورة عن جواز السفر إذا وجد، وعنوان سكنها الحالي، صورًا شخصية ورقم هاتف وبريد الكتروني وأخبرها أنه يساعدها شرط أن تكون مسجلة كلاجئة عن طريق المفوضية في لبنان حتى لو لم تتقدم بطلب إعادة توطين سابقًا.

الطقس البارد ينغص الحياة على اللاجئين السوريين في لبنانصورة من: Marwan Naamani/dpa/picture alliance

بينما لا تزال بانتظار موعد المقابلة لتحديد موعد السفر النهائي، وإكمال المبلغ للرجل، وعندما سألناها هل تثق به، أجابت ربا "مهاجر نيوز": "أعرف أن العملية فيها مخاطرة لكن ليس أمامي حل آخر، والرجل كان صادقًا حتى الآن، لا أدرى ربما لن يعود، وربما سأخسر المال، لكني يائسة لهذا الحد، أنا ميتة في  لبنان، وسيموت زوجي إذا عدنا إلى سوريا، ليس لدينا خيار".

كيف يعمل هؤلاء "الموظفون المزعومون"؟

تحدد UNHCR اللاجئين الذين ستقوم بإعادة توطينهم، وبعد أن تجري معهم المقابلة الأولية، تعدّ ملفًا لهم، حسب البيانات المنشورة على موقعها، لذلك منطقيًا قبول طلب إعادة التوطين يجب أن يتم بعد المقابلة، وعادةً لا يتحدث هؤلاء "الموظفون المزعومون" عن أي مقابلة.

"مهاجر نيوز" تواصل مع أحد هؤلاء، للاستفسار عن الأسعار والطريقة، وتم التوجه لمهرب يستخدم رقمًا تركيًا، عن طلبٍ في لبنان، فرحب الرجل مباشرةً، وأكد أنه موظف بالأمم المتحدة ولم يحدد المنظمة، أخبرنا أنه قادر على: "فتح ملف اللجوء أو ملف إعادة توطين، وتسريع السفر للدولة التي نريدها، خلال 3 أشهر فقط، بكلفة 5000 دولار للشخص الواحد".

وأخبرنا "الموظف المزعوم" أنه يمكننا اختيار بين: كندا وبريطانيا وألمانيا والنمسا والنرويج وهولندا، وأن الدفع عبر ثلاث دفعات، كما أخبر محمد بنفس الطريقة، أيضًا دون تقديم أي ضمانات،

يتم التواصل عبر تطبيقات مثل الـ what’s appأو فيسبوك وحتى TikTok، بينما يذهب بعضهم أبعد للترويج لأنفسهم عبر مقاطع فيديو في تيكتوك مباشرةً، مع الحرص على استخدام أرقامٍ جديدة، ودون إظهار وجوههم.

وعندما سألنا "الموظف المزعوم" عن طريقة الدفع، أخبرنا أنه بإمكاننا القيام بالتحويل البنكي إلى تركيا او لبنان، وليس فقط عن طريق الحوالات.

"لدينا علم!"

لا يعمل هؤلاء المحتالون في لبنان وحده، بل كذلك في الأردن وتركيا، حتى أن السلطات الأردنية ألقت بالقبض على 3 متورطين بمثل هذه العمليات بالفعل.

الأطفال هم الضحية الأولى في معاناة اللجوء في لبنانصورة من: Mohammad Zaatari/AP/picture alliance

بينما تحاول الأمم المتحدة مكافحة ذلك، بعد وصول شكاوى متكررة عن الموضوع، بحسب ما قالت ليزا أبو خالد، مسؤولة الاتصالات المساعدة في مفوضية اللاجئين في لبنان لـ"مهاجر نيوز".

وأوضحت أبو خالد في رسالة عبر البريد الإلكتروني لـ"مهاجر ميوز" أن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تدرك وجود مخططات استغلال مرتبطة بإعادة التوطين. وتسعى هذه المخططات، باستخدام قنوات اتصال مختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، إلى استهداف اللاجئين بوعود بالخدمات أو المساعدة أو إعادة التوطين في مقابل المال أو أشكال أخرى من الأنشطة المسيئة. وتبلغ المفوضية السلطات عن مثل هذه المخططات كما وضعت إجراءات تركز بشكل كبير على التدابير الوقائية والتوعية والاتصالات لمجتمع  اللاجئين".

وأشارت أبو خالد إلى أن المفوضية تنسق مع السلطات اللبنانية وتشارك المعلومات المتاحة حول مخططات الاستغلال المحتملة، لافتةً إلى أنه يمكن لللاجئين تقديم شكوى رسمية إلى السلطات اللبنانية المختصة إذا وقعوا ضحية للاحتيال. وتقدم المفوضية للاجئين المشورة بشأن العملية القانونية وأي آثار ذات صلة.

دون التطرق إذا ما كان هناك تحقيقات داخلية مع الموظفين للتأكيد على عدم تورط أحدهم، من عدمه.

 ويمكن للاجئين في لبنان الإبلاغ عن أي عملية احتيال هنا على الرابط.

 مهاجر نيوز 2024

راما الجرمقاني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW