مونديال في مهب السياسة.. كأس العالم 2026 وقيود ترامب
٢٠ يونيو ٢٠٢٥
تعيش الولايات المتحدة التي ستحتضن عددًا كبيرًا من مباريات بطولة كأس العالم لعام 2026 على وقع احتجاجات مناهضة لسياسات الهجرة، خاصة في مدينة لوس أنجلوس، إحدى أبرز المدن المستضيفة. ويتزامن ذلك مع تصاعد توترات تجارية مع كندا والمكسيك، ما يثير مخاوف من تدابير قد تحد من حركة المشجعين عبر الحدود، خاصة إذا تم تطبيق قرارات جديدة لحظر السفر.
في ظل هذه التطورات، يجد اللاعبون والمشجعون والمنتخبات أنفسهم في مواجهة واقع سياسي متقلب، تغذيه عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم. ورغم أن قرار استضافة البطولة قد تم خلال ولايته الأولى حين كانت العلاقات أكثر انسجامًا، فإن الظروف الراهنة تبدو أقل استقرارًا.
قلق أمني في ظل احتجاجات متصاعدة
تثير الاحتجاجات المستمرة ضد سياسات ترامببشأن الهجرة قلقًا أمنيًا متزايدًا. وستكون مدينة لوس أنجلوس مسرحًا لأول مباراة للمنتخب الأميركي في مونديال 2026 يوم 12 يونيو/ حزيران 2026، أي بعد يوم واحد من افتتاح البطولة في المكسيك، ما يضع التحضيرات تحت ضغط أمني وسياسي متزايد.
حظر سفر يستثني اللاعبين ويستبعد الجماهير
زاد قرار حظر السفر الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوعمن الجدل الدائر، إذ يمنع دخول مواطني 13 دولة، من بينها إيران واليمن وليبيا والسودان، إلى الأراضي الأميركية. ورغم استثناء الرياضيين وأعضاء الوفود الرسمية، فإن الحظر يشمل الجماهير، ما يعني حرمان مشجعي منتخبات مثل إيران من حضور مباريات منتخباتهم، رغم التأهل.
بين استعراض ترامب وطموح الجيران
يرى أندرو زيمبالست، أستاذ الاقتصاد في كلية سميث ومؤلف كتاب سيرك ماكسيموس، أنالرئيس ترامب يسعى إلى استغلال البطولات الرياضية الكبرى لتعزيز صورته الدولية. ويقول في حديث لـDW:
"يظهر ترامب استعدادًا لتقديم استثناءات حين يتعرض لضغط سياسي، كما أنه من عشاق الرياضة، وهذا يجعله حريصًا على التواجد في قلب الأحداث خلال كأس العالم للأندية وكأس العالم 2026".
لكن زيمبالست يشير إلى أن سلوك الرئيس الأميركي لا يمكن التنبؤ به، ما يزيد من الغموض المحيط بالتحضيرات. ويضيف: "لا أحد يعرف على وجه اليقين كيف سيتصرف ترامب، وهذا بحد ذاته مصدر قلق". ورغم الهجمات السياسية التي استهدفت كندا والمكسيك في السابق على خلفية خلافات تجارية، فإن زيمبالست لا يتوقع تأثيرًا كبيرًا لذلك على البطولة، مرجعًا ذلك إلى قوة الطلب الجماهيري.
ويؤكد أن القيادات الجديدة في البلدين، كلوديا شينباوم في المكسيك ومارك كارني في كندا، تمتلك من الكفاءة والدعم الشعبي ما يؤهلها لمواجهة ضغوط ترامب. ويضيف: "كلاهما يتمتع بالاستقلالية والحنكة، ولن يكون من السهل التأثير عليهما".
الجمهور المكسيكي بين الحماسة والقلق
ورغم شغف الجماهير المكسيكية بكرة القدم، فإن كثيرين بدأوا يعبرون عن ترددهم في السفر إلى الولايات المتحدة لحضور مباريات بطولة كأس العالم 2026. يقول ألان، أحد مشجعي نادي باتشوكا، في حديث مع DW: "لا أخاف من الذهاب إلى أميركا، لكن الأمر أشبه بزيارة منزل لا يرحب بك".
ويشكو آخرون من تأخير كبير في معالجة طلبات التأشيرة، إذ تستغرق الإجراءات في بعض الحالات أكثر من عامين، ما يحول دون قدرتهم على دعم فرقهم في البطولات الدولية. يقول المشجع أكسل: "المواعيد تأجلت، ثم جاءت تصريحات ترامب ضد المكسيكيين، وهذا ما زاد الأمور تعقيدًا".
ورغم التوقعات بأن تكون كأس العالم أكثر جذبًا من بطولة الأندية، فإن الأثر النفسي والسياسي يبدو حاضرًا بقوة. "سأشعر بعدم الارتياح وسط هذا الكم من الإجراءات الأمنية والوجود المكثف للشرطة وكل ما يرتبط بالحكومة الأميركية في تلك المناطق"، يضيف أكسل بامتعاض.
كندا والمكسيك.. صمود سياسي محسوب
أما في كندا، فقد وصل التوتر السياسي مع إدارة ترامب إلى ملاعب الرياضة، حيث تعرض النشيد الوطني الأميركي لصيحات استهجان خلال مباريات هوكي الجليد مؤخرًا. ويُنظر إلى فوز مارك كارني برئاسة الحكومة الكندية على أنه رسالة واضحة برفض تبعية بلاده لأي أجندة أميركية، خاصة بعد تصريحاته التي انتقد فيها سعي ترامب لتحويل كندا إلى "الولاية الحادية والخمسين".
كرة القدم في مواجهة السياسة
ورغم أن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مايو/ أيار الماضي كان وديا إلى حد ما، إلا أن الخلافات لم تحل بالكامل، إذ وجه كارني رسالة مباشرة إلى الرئيس الأميركي خلال لقاء وُصف بالودي، قائلاً إن لقاءاته مع قادة كندا خلال الحملة الانتخابية عززت قناعة واحدة: "كندا ليست للبيع، ولن تكون كذلك أبدًا".
ومع اقتراب موعد كأس العالم، لم يعد انتظار نتائج التصفيات وحده يشغل المتابعين. أصبح المزاج السياسي عاملاً لا يقل أهمية، في ظل تقلبات قد تلقي بظلالها على التحضيرات ومسار البطولة.
ولم يستبعد الخبير الاقتصادي أندرو زيمبالست صدور تهديدات غير متوقعة من واشنطن، إذا اصطدمت إدارة ترامب بمواقف حازمة من المكسيك. "إذا اتخذت شينباوم موقفًا أكثر تشددًا مما يرغبه ترامب، أو تحدت بعض قراراته المرتبطة بالهجرة، فقد يلوّح بمنع مشاركة المكسيك أو عرقلة بعض جوانب البطولة. لكنني لا أرجح تنفيذ مثل هذه التهديدات" يقول زيمبالست.
أعدته للعربية: نور عبد الله
تحرير: عادل الشروعات