على ملعب المدينة التعليمية في الدوحة، واصل المنتخب المغربي اليوم الثلاثاء (6/12/2022) صنع التاريخ في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، المقامة حاليا في قطر ، ودون اسمه بحروف من ذهب في عالم الساحرة المستديرة، بعدما تأهل لدور الثمانية في المونديال، عقب تغلبه 3 / صفر بركلات الترجيح على نظيره الإسباني في دور الـ16 للمسابقة.

وتابع المنتخب المغربي نتائجه الرائعة في النسخة الحالية وحافظ على سجله خاليا من الخسارة كما أن شباكه اهتزت مرة واحدة عندما تغلب على كندا 2-1 في الجولة الثالثة الأخيرة بمرحلة المجموعات، التي ضمنت له التأهل إلى ثمن النهائي كأول المجموعة. 

واستحوذ منتخب إسبانيا على الكرة بنسبة زادت على 75 بالمئة وأكمل ما يقرب من 800 تمريرة لكن المنتخب المغربي تسبب له في متاعب حقيقية في الهجمات المرتدة وتصدى الحارس أوناي سيمون لعدة فرص بطريقة جيدة.

 

وانتهى الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف، ليحتكم المنتخبان للوقت الإضافي الذي انتهى أيضا بالتعادل بدون أهداف. وقدم نجوم المنتخب المغربي أداء بطوليا على مدار 120 دقيقة وكانوا ندا حقيقيا للمنتخب الإسباني، المتوج باللقب عام 2010 بجنوب أفريقيا، على مدار الأشواط الأربعة، وكان بإمكانهم خطف التقدم خلال الشوط الأول، وكذلك في الوقت الإضافي، الذي اعتمد خلاله أسود الأطلس على الهجمات المرتدة، في الوقت الذي فشل فيه لاعبو المنتخب الإسباني في اختراق الحصون الدفاعية المغربية.

وبعد انتهاء المباراة، استغل  المغرب في ركلات الترجيح أفضلية خوضه المباراة وكأنه يلعب على أرضه بفضل جماهيره الصاخبة التي اكتست باللون الأحمر في ملعب المدينة التعليمية. 
وأنقذ ياسين بونو حارس المغرب محاولتي كارلوس سولير وسيرجيو بوسكيتس في ركلات الترجيح بعد أن سدد بابلو سارابيا في القائم. فيما سجل للمغرب عبد الحميد صابيري وحكيم زياش فيما أهدر بدر بانون الركلة الثالثة، لكن أشرف حكيمي الإسباني المولد حافظ على رباطة جأشه وسدد الركلة الرابعة في الشباك ليضرب المنتخب المغربي موعدا في دور الثمانية مع البرتغال أو سويسرا.

وبعدما كان منتخب المغرب أول فريق عربي يتأهل لمرحلة خروج المغلوب في المونديال بنسخة المسابقة عام 1986 بالمكسيك، كان منتخب (أسود الأطلس) على موعد مع التاريخ أيضا في نسخة مونديال قطر، بعدما بات أول منتخب عربي يصعد لدور الثمانية في البطولة الأهم والأقوى على مستوى العالم كما أصبح المنتخب المغربي رابع منتخب أفريقي في التاريخ يحصد بطاقة الترشح لدور الثمانية، بعد الكاميرون والسنغال وغانا في نسخ 1990 و2002 و2010 على الترتيب.

وللنسخة الثانية على التوالي في المونديال، يعجز منتخب  إسبانيا عن الفوز على منتخب المغرب، بعدما تعادل معه 2 / 2 في مرحلة المجموعات بنسخة المسابقة الماضية التي أقيمت بروسيا عام 2018. وهذه رابع مرة تخسر فيها إسبانيا بركلات الترجيح في كأس العالم والثانية على التوالي.  وهي المرة الثالثة التي تودع فيها إسبانيا ثمن النهائي في 8 مناسبات، والمرة الأولى التي تخسر امام منتخب غير أوروبي.
 

ماذا قال الركراكي بين الشوطين؟

وقال المدير الفني للمنتخب المغربي وليد الركراكي: "أعتقد أننا قدمنا مباراة رائعة، تكتيكياً التزم اللاعبون بالخطة، لم يستسلموا. قلت لهم إننا سنتعب، لقد دخلوا التاريخ. وضعت لهم في رأسهم فكرة أنه يجب أن يكونوا طموحين". وأضاف "الأهم كان أن نظهر وجها جيدا. في ركلات الترجيح يوجد الحظ. لدينا حارس كبير، بين الأفضل في العالم، قادر على وضعنا في ربع النهائي. اللاعبون مستعدون للموت من أجل بلدهم. نحن طموحون وسنقدم كل شيء".

وكشف لاعب خط الوسط المغربي بلال الخنوس عن الرسالة التي وجهها وليد الركراكي بين شوطي المباراة. وقال الخنوس عقب المباراة :"بين الشوطين قال لنا المدرب إنه يتبقى أمامنا 45 دقيقة لدخول التاريخ، بعد ما تحقق في 1986 بالوصول إلى دور الستة عشر في المونديال، الآن يمكننا كتابة التاريخ من جديد". وأضاف اللاعب :"قال لنا حاربوا على كل كرة من أجل عائلاتكم ومن أجل المغرب ومن أجل المشجعين، واستطعنا تحقيق ذلك، حافظنا على هدوء أعصابنا وحاربنا لآخر لحظة... نحن نتطلع إلى الذهاب لأبعد الحدود".

ومن ناحيته قال المهاجم عبد الصمد الزلزولي، الذي شارك من مقعد البدلاء في الدقيقة 66 من المباراة: "سعيد للغاية بهذه المباراة التاريخية والتأهل لدور الثمانية، وسعيد بشكل خاص بالانتصار أمام إسبانيا"، علما بأن اللاعب يحمل الجنسية الإسبانية.

مدرب إسبانيا يثني على منتخب المغرب

ويفي تعليقه على الأداء خلال المؤتمر الصحفي عقب المباراة قال لويس إنريكي المدير الفني للمنتخب الإسباني: "سيطرنا على الملعب ولكننا لم نسجل، هذه هي الحقيقة، لقد سيطرنا على الملعب وصنعنا الفرص لكن كنا أمام منافس يملك مؤهلات وخصائص دفاعية عالية، كان علينا أن نصنع فرصا أكثر، ونكون أكثر فاعلية في الأمتار الأخيرة."

وأثنى على أداء المنتخب المغربي قائلا: "المغرب قدما أداء دفاعيا مدهشا، لكنني فعلا سعيد بما قدمه منتخبنا، لقد طبق طريقة اللعب التي أردتها، وأريد أيضا أن أثني على لاعبي المغرب وأقدم لهم التهنئة... لقد كانوا أفضل منا في ركلات الترجيح، و(حارس المرمى ياسين) بونو كان مدهشا، وأتمنى لهم حظا جيدا في هذه البطولة."

وشهدت المباراة حدثا تاريخيا آخر، تمثل في مشاركة جافي نجم خط وسط المنتخب الإسباني، في التشكيل الأساسي لفريقه بالمباراة، ليصبح أصغر لاعب يشارك منذ البداية بكأس العالم في إحدى مواجهات الأدوار الإقصائية للمونديال، منذ النجم البرازيلي بيليه. وفي سن 18 عاما و123 يوما أصبح جافي، لاعب برشلونة الإسباني، أصغر لاعب يشارك في مباراة بمرحلة خروج المغلوب بالمونديال منذ بيليه الذي لعب في نهائي كأس العالم 1958 بالسويد وهو يبلغ 17 عاما و249 يوما.

ومن المقرر أن يلتقي منتخب المغرب في دور الثمانية يوم السبت المقبل على ملعب (الثمامة)، مع الفائز من مباراة البرتغال وسويسرا التي تقام الليلة أيضا.

ص.ش/ع.ج.م (د ب أ، رويترز، أ ف ب)