150 دولة تبنت في مراكش ميثاق الأمم المتحدة للهجرة. المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، اعتبرته نقلة نوعية في السياسة الدولية للتعامل مع قضية الهجرة. فكيف نشأت فكرة الميثاق وماذا يعني بالنسبة لألمانيا؟
إعلان
بعد أن تم إعلانه شفهياً، تبنت 150 دولة اليوم الاثنين (10 ديسمبر/كانون الأول) في مراكش ميثاق الأمم المتحدة للهجرة. وسيخضع الميثاق لتصويت نهائي من أجل إقراره في الـ19 من شهر كانون الأول/ديسمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويهدف هذا الميثاق إلى تعاون دولي من أجل "تنظيم هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة". وتعرض الميثاق لانتقادات كثيرة من قبل أنصار إغلاق الحدود في وجه المهاجرين، فما هي تفاصيل هذا الميثاق؟
كيف نشأت الفكرة؟
في ذروة أزمة اللاجئين عام 2016، وافقت الأمم المتحدة على ما يعرف بـ "إعلان نيويورك" لتحسين التنسيق الدولي وتقاسم الأعباء في مساعدة اللاجئين. وبناء عليه تفاوضت الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع الدول الأعضاء على بنود الميثاق. في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر صوتت 176 دولة لصالح نص المشروع النهائي.
والجدير ذكره أنه ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين، يوجد حوالي 24 مليون لاجئ حول العالم اليوم.
ما هي أهداف الميثاق؟
الشعار الرئيسي للميثاق "أعباء متوازنة وتقاسم المسؤولية" ضمن المجتمع الدولي. وللميثاق أربعة أهداف:
1. تخفيف العبء على الدول التي استقبلت الكثير من اللاجئين مثل تركيا والأردن ولبنان.
2. زيادة الدعم المادي والإنساني للاجئين، ما يتيح لهم العيش بشكل مستقل ويضمن لهم حياة كريمة ويمكّن أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة.
3. إعادة توطين للاجئين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية ويعانون من أمراض خطيرة.
4. تهيئة الظروف في الدول التي ينحدر منها اللاجئون، بما تسمح للاجئين بالعودة والعيش "بكرامة وأمان".
لماذا يعد الميثاق ضرورياً؟
تنص اتفاقية جنيف للاجئين والتي تم اعتمادها عام 1951، على منح اللجوء لأولئك الأشخاص الذين فروا من بلادهم بسبب الحرب والاضطهاد. كما تؤكد على الحقوق الأساسية التي يحصل عليها اللاجئ. ولكن الاتفاقية لا تتطرق كثيراً إلى تعاون الدول بخصوص مساعدة اللاجئين.
لذا من المفترض أن يقدم الميثاق أطر عمل ملموسة لمواجهة أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ووضع معايير دولية وأن تكون مساعدات المتضررين ضمن المسؤولية العالمية المشتركة، وهذه المسؤولية لا تنطوي على الدول فحسب، بل تضم القطاعات الخاصة والمنظمات الإنسانية والجهات الفاعلة الأخرى كشركاء في التعاون.
هل الميثاق ملزماً؟
لا يتضمن الميثاق أي التزامات قانونية، لم تلتزم به ألمانيا فعلياً من خلال الامتثال لاتفاقية جنيف للاجئين وغيرها من الاتفاقيات الدولية. علاوة على ذلك، لا يمس هذا الميثاق السيادة الوطنية للدول. إذ يمكن للدول المشاركة الاستمرار في اتخاذ قرار بشأن سياسة اللاجئين الخاص بهم، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية. وينص الميثاق على عقد اجتماعات ومؤتمرات بشكل دوري، لمراجعة ما تم تطبيقه من التدابير والمعايير الموقعة من قبل كل دولة.
معانيه وتبعاته على ألمانيا
بالنسبة لألمانيا، فإن هذه الميثاق يثير جدلاً أكثر من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، إذ أن الاتفاقية لا تتعلق بالهجرة الاقتصادية، بل باللاجئين المعترف بهم دولياً.
ويمني أنصار الميثاق النفس بتوزيع العبء الذي تحملته ألمانيا لتوفير رعاية لللاجئين على دول أخرى، وأن اللاجئين، وبفضل وضع معايير أفضل، سيبقون في البلدان الأولى التي استقبلتهم، ما يجعل اتفاق زيادة عدد اللاجئين في ألمانيا أمر غير ممكن.
جميع الأحزاب الألمانية في البرلمان الألماني (بوندستاغ) أيدت هذه الاتفاقية باستثناء حزب البديل لأجل ألمانيا. وصرح متحدثون باسم الحزب في شهر نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن برامج إعادة التوطين من شأنها تحويل ألمانيا إلى "مناطق توطين". جدير بالذكر أن الحكومة الاتحادية تعهدت باستقبال 10200 لاجئ بحلول عام 2019 في إطار عملية إعادة التوطين.
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.