أكد المستشار الألماني ميرتس على بدء إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم، مؤكدا أن "الحرب انتهت.. ولم يعد هناك أي مبرر" لطلب اللجوء، ومشددا على ترحيل من يرفضون العودة الطوعية. وقال إنه دعا الشرع إلى ألمانيا "لمناقشة المشكلة".
دعا فريديريش ميرتس إلى إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم على اعتبار أنّ "الحرب الأهلية في سوريا انتهت".صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
إعلان
دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم الاثنين (الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2025) إلى إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم، وإلى ترحيلهم إذا لزم الأمر، على اعتبار أنّ "الحرب الأهلية في سوريا انتهت".
وقال ميرتس خلال زيارته هوسوم في شمال ألمانيا "لم يعد هناك أي سبب لطلب اللجوء في ألمانيا"، معتبرا أنّه بات بالإمكان البدء بعمليات إعادة السوريين إلى بلادهم.
وقال ميرتس إنه "لم يعد هناك أي مبرر" للسوريين الذين فروا من الحرب التي دامت 13 عاما لطلب اللجوء في ألمانيا. وأضاف "هؤلاء الذين يرفضون العودة إلى بلدهم، يمكننا ترحيلهم بالطبع".
وكان وزير خارجيته يوهان فاديفول قد بدا الخميس أكثر تحفظا أثناء زيارته دمشق، حيث أشار إلى أنّ عودة السوريين إلى بلادهم ليست "ممكنة إلا على نطاق محدود للغاية، لأنّ جزءا كبيرا من البنى التحتية في البلاد مدمّر" بعد 13 عاما من الحرب.
وقوبلت تصريحاته هذ بانتقادات عدد كبير من أعضاء حزبه المسيحي الديمقراطي الذي ينتمي إليه هو وميرتس، الذين رفضوا اعتبار حجم الدمار "حجة" تحول دون العودة الطوعية أو الإلزامية للسوريين.
خلال زيارته دمشق، قال وزير خارجيته يوهان فاديفول إنّ عودة السوريين إلى بلادهم ليست "ممكنة إلا على نطاق محدود للغاية".صورة من: SANA/Handout/AFP
دعوة الشرع لمناقشة "حل هذه المشكلة معا"
وأضاف ميرتس أن سوريا "بحاجة إلى كل قوتها، وقبل كل شيء إلى السوريين، لإعادة الإعمار"، معربا عن ثقته في عودة الكثيرين طواعية.
وأشار إلى أنه دعا الرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة ألمانيا لمناقشة ترحيل مواطنين سوريين لهم سجلات جنائية. وشدد على أن ألمانيا تريد أيضا المساعدة في تحقيق الاستقرار في البلاد، مضيفا أنه يعتزم أن يناقش مع الشرع "كيف يمكننا حل هذه المشكلة معا".
وقال ميرتس للصحفيين "سنواصل بالطبع ترحيل المجرمين إلى سوريا. هذه هي الخطة. سوف ننفذ ذلك الآن بطريقة ملموسة للغاية".
وفي بداية تموز/يوليو، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أنّها تسعى لطرد السوريين مرتكبي الجنح والجرائم. ويعيش حوالى مليون سوري في ألمانيا، معظمهم وصلوا خلال موجة الهجرة الكبرى بين العامين 2015 و2016.
ولكن بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، أعلنت دول أوروبية عدة من بينها ألمانيا تجميد إجراءات طلبات اللجوء.
ووفقا لبيانات وزارة الداخلية الألمانية، كان يقيم في ألمانيا حتى أغسطس/آب الماضي نحو 951 ألف و406 سوري، من بينهم 920 شخصا ملزمون بمغادرة البلاد ولا يملكون تصريح إقامة مؤقتا.
تحرير: عبده جميل المخلافي
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.