استأثر ملف اللاجئين بحيز كبير من كلمة المستشارة ميركل بمناسبة السنة الجديدة، وشددت على أن ألمانيا بلد قوي قادر على مواجهة التحديات. وقالت إن "كم من دولة استفادت من الهجرة إليها"، محذرة من الكراهية وإقصاء الآخرين.
إعلان
كلمة المستشارة الألمانية بمناسبة العام الجديد
06:37
المواطناتُ العزيزات والمواطنون الأعزاء،
قبل عام، في ليلة رأس السنة ألفين وأربعة عَشَر، ودعنا سنة شهدت الكثير من الحروب والأزمات. البعض منها مثلُ كارثةِ انتشار وباء الإيبولا في أفريقيا لم يعد يتصدر العناوين. لكن أزمات أخرى شغلتنا في عام ألفين وأربعة عشر، لم تفقد أهميتها حتى في هذا العام، للأسف. ومنها الحرب في سوريا وجرائم القتل البشعة، التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.
في ليلة رأس السنة قبل عام قلت إن تداعيات هذه الحروب والأزمات ستسفر عن موجات لاجئين في العالم لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. كثير من هؤلاء اللاجئين نجوا من الموت وفروا بحياتهم، ومن البديهي أن نساعد ونستقبل من يبحث عن ملاذ لدينا.
ومساء اليوم أكرر هذا النهج، لأننا نادرا ما واجهنا تحديات كبيرة ترجمنا فيها أقوالنا إلى أفعال مثلما حدث في عام ألفين وخمسة عشر. لهذا السبب أحب أن أتوجه لكم اليوم بمناسبة رأس السنة بكلمة هي: شكراً.
شكراً، على هذه الموجة العارمة والمؤثرة من العمل التطوعي التلقائي، الذي شهدناه هذا العام من أجل استقبال أناس كثيرين غامروا بحياتهم بحثاً عن ملاذ لدينا.
أتوجه بالشكر للأعداد التي لا تحصى ولا تعد من المتطوعين، على دفء قلوبهم وتفانيهم في تقديم المساعدة التي ستظل مرتبطة بذكر عام ألفين وخمسة عشر.
وأشكر جميع من قام بعمله. أشكر جميع أفراد الشرطة والجنود على خدماتهم. أشكر موظفي السلطات في الدولة وفي الولايات والبلديات. هؤلاء جميعا يعملون بشكل يفوق بكثير حدود واجبهم. الجميع سواء المتطوعون أو المسؤولون، تعاونوا سوية على تقديم إنجاز رائع ولا يزالون على هذا الأداء حتى اللحظة.
رغم ذلك ليس هناك أي شك في أن تدفق هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين إلينا سيتطلب منا المزيد، وأنه سيكلفنا الوقت والجَهد والمال، مع استمرار مهمتنا في إدماج الأشخاص الذين سيظلون هنا معنا.
وفي هذا الصدد علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي، وأن نحافظ على قيمنا وتقاليدنا ومفهومنا للقانون. لغتنا وقوانيننا وقواعدنا تحمي مجتمعنا، وتمثل الأساس للتعايش الجيد، القائم على الاحترام المتبادل بين الجميع في بلدنا. وهذا يسري على كل من يريد العيش هنا. فكم من دولة استفادت من الهجرة الناجحة إليها سواء اقتصاديا أو اجتماعيا.
أيضا ليس هناك أي شك في أن بلدنا نجح بامتياز في مواجهة تحديات عظيمة زادته قوة. في الثالث من أكتوبر الماضي احتفلنا بمرور خمسة وعشرين عاما على إعادة توحيد ألمانيا. أليس ما حققناه في هذه الأعوام الخمسة والعشرين أمراً رائعا؟
لقد التأمنا ونمونا كأمة واحدة، ولدينا أقل معدل بطالة وأعلى معدلات لأعداد العاملين في ألمانيا الموحدة. ونجحت الدولة على مدى عامين متتالين في تجنب أية مديونية جديدة في الميزانية، كما ارتفعت الأجور في ظل تميز اقتصادنا بالثبات والابتكار.
وأنا على قناعة بأننا على المسار الصحيح لإنجاز المهمة الكبيرة في استيعاب اللاجئين ومنح كثير من الناس فرصة للمستقبل، وذلك لأن لدينا مشاركة وطنية رائعة ومنظومة شاملة من الإجراءات السياسية.
نحن نعمل في الداخل وعلى مستوى أوروبا والعالم من أجل تحسين حماية الحدود الخارجية لأوروبا وتحويل الهجرة غير القانونية إلى هجرة مشروعة، وذلك من خلال محاربة أسباب اللجوء، لكي تنخفض أعداد اللاجئين بشكل مستمر وعلى المدى الطويل.
ميركل المستشارة القوية التي "لا تُهزم"
أنغيلا ميركل عملت في مطلع حياتها نادلة خلال دراستها للفيزياء في ألمانيا الشرقية، لم يتحقق حلمها بأن تصبح معلمة لكنها أصبحت أول مستشارة في تاريخ ألمانيا. ميركل التي"لا تُهزم" تقود حزبها منذ 17 عاما وعينها على ولاية رابعة.
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، ترشحت ميركل لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته. وطيلة عقد ونيف من حكمها وُصفت ميركل بالمستشارة القوية التي "لا تُهزم".
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، أعيد انتخاب ميركل كرئيسة للحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته، وذلك في مؤتمره العام المنعقد الثلاثاء 06 ديسمبر كانون الأول 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
هكذا كانت تبدو طفولة المرأة التي توجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية... إنها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
صورة من: imago
ترعرعت أنغيلا ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. وكان والدها يعمل كقس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية "إنجي" واثنين من إخوتها الصغار. ولم يكن أحد يعتقد أن أنغيلا دوروثيا كازنر، ستصبح أقوى امرأة في العالم. ولكن صفات كالاجتهاد والموضوعية وضبط النفس والتواضع كانت وراء هذا النجاح الخارق.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
تعد ميركل من أكثر المتابعين لمنتخب بلادها لكرة القدم، إذ كانت من أبرز الحاضرين في نهائي كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين في البرازيل. وقد تفاعلت المستشارة مع مجريات المباراة، لتتوجه بعدها إلى غرفة تغيير ملابس اللاعبين وأخذت صورا تذكارية معهم، معبرة عن فخرها بالمنتخب الألماني وإنجازاته.
صورة من: Reuters
تظهر هذه الصورة غريتا ولودفيغ جدي المستشارة الألمانية، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوسن ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. وعندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دارسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. وفي ذلك الوقت التقت بزوجها الأول أولريش ميركل، الذي قال عنها إنها كانت تحب السفر. في هذه الصورة تظهر ميركل في العاصمة التشيكية براغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد انفصال ميركل عن زوجها الأول زاد اهتمامها بالمجال السياسي، حيث انخرطت في الحزب المسيحي الديمقراطي. وبعد تجاوزها للعديد من العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجل لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters
علاقة المستشارة الألمانية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن حارة، كما كان الحال عليه بين الرئيس الروسي وسلف ميركل، غيرهارد شرودر، وذلك حتى قبل أزمة القرم. ولكن بوتين يكن لها احتراماً كبيراً، وكلاهما يتحدث اللغة الألمانية والروسية بطلاقة.
صورة من: Reuters/G. Dukor
تظهر ميركل في هذه الصورة، التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة في ألمانيا، في افتتاح دار الأوبرا في أوسلو برفقة رئيس الوزراء آنذاك ينس شتولتنبرغ. وتعرف ميركل بعشقها للموسيقى الكلاسيكية، حيث تحضر العديد من حفلات هذا النوع من الموسيقي.
صورة من: Bjorn Sigurdson/AFP/Getty Images
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر العديد من الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا. الكاتبة الألمانية جولي زيه خصصت لها قطعة مسرحية بعنوان "Mutti" أي "الماما".
صورة من: picture-alliance/dpa
تزايدت شعبية ميركل بين السوريين والعرب بعد فتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين، لكن هذا القرار لم يلاقي نفس الترحيب من جانب السياسيين الألمان، إذ ظهرت بوادر خلاف داخل الائتلاف الحكومي في البلاد وانتقد مسؤولون سياسة ميركل الخاصة باللجوء معربين عن مخاوف أمنية وقلق من اختلال التوازن الثقافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka
14 صورة1 | 14
وأيضا في محاربة إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية ساهمت ألمانيا بقسط مهم. والآن تدافع جندياتنا وجنودنا عن قيمنا وأمننا وحريتنا بالجسد والروح. وأنا أتوجه لهن ولهم بالشكر من كل قلبي.
وفي العام المقبل أيضا سيكون نجاحنا مرهوناً بشيء مهم ألا وهو تكاتفنا. سيتوقف نجاحنا على إنصاتنا لآراء الآخرين، حتى وإن كانت نظرتهم للمشاكل والفرص مختلفةً عما نتصوره نحن.
علينا أيضا ألا نسمح لأمر أن يقسمنا، لا بين الأجيال أو اجتماعيا أو بين المواطنين القدامى والجدد.
نجاحنا مرهون أيضا بعدم إتباع أولئك، الذين يَدَّعون ببرودة قلب أو حتى كراهية أنهم وحدهم الألمان، أولئك الذين يسعون إلى إقصاء الآخرين.
نجاحنا سيتوقف كذلك على أن نظل في المستقبل دولة نستطيع العيش فيها بثقة وحرية وإنسانية وبانفتاح على العالم وبفرحة بالنجاح، وبسعادة عندما نبذل أفضل ما لدينا.
الاقتصاد والعاملون وأرباب العمل عناصر أساسية من أجل تطوير الاقتصاد الحر الاجتماعي، وكذلك مجالات العلومِ والفنون والثقافة، أي أداء كل شخص في موقعه.
وبطبيعة الحال في الرياضة، عندما يخوض رياضيونا العام المقبل دورة الألعاب الأوليمبية والألعاب البارالمبية للفوز بميداليات وتقديم أفضل أداء. وهذا يسري أيضا على منتخبنا، بطل العالم لكرة القدم، والذي يسعى إلى الفوز في فرنسا ببطولة أوروبا.
المواطناتُ العزيزات والمواطنون الأعزاء،
صحيح أننا نشهد زمنا مليئا بالتحديات، لكن من الصحيح أيضا أننا سننجح لأن ألمانيا دولة قوية.
وبهذه الروح أتمنى لنا جميعا الصحة والقوة والتفاؤل، وليبارككم الرب في عامكم الجديد ألفين وستة عشر.