عادت المستشارة الألمانية ميركل من إجازتها الصيفية لإعلان موقفها الرسمي إزاء موجة الاعتداءات التي هزت البلاد الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن ألمانيا تجد نفسها في حرب ضد تنظيم "داعش" وليس ضد الإسلام.
إعلان
أيدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرأي القائل بأن الإرهاب الإسلاموي وصل إلى ألمانيا أيضاً بعد الهجمات الأخيرة التي شهدتها بلادها. وقالت ميركل الخميس (28 تموز/ يوليو 2016) في مؤتمر صحفي بالعاصمة الألمانية برلين، بعد أن قطعت إجازتها الصيفية، إنه كان ممكناً إرساء هذه النظرية أيضاً في الماضي.
وأشارت ميركل إلى قتل جنديين أمريكيين في عام 2011 على يد شخص ألباني متطرف، وإلى هجوم سيدة منتمية إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على أحد أفراد الشرطة الاتحادية مطلع العام الجاري. وقالت ميركل، معلقة على الهجمات الأخيرة التي حدثت في مدينتي فورتسبورغ وأنسباخ: "لقد رأينا ذلك مرة أخرى مصحوباً بعنف شديد". ودعت ميركل لعدم تجميل الأحداث، مضيفة: "إذا جاز التعبير، لا بد من عرض الأمور بكل مأساويتها"، وأكدت أنه لا يمكن التوصل للاستنتاجات الصائبة إلا من خلال ذلك.
لكن المستشارة الألمانية أكدت أنها لا تعتزم توسيع نطاق المهمة التي يقوم بها الجيش الألماني ضد تنظيم "داعش" على الرغم من الهجمات الأخيرة التي حدثت في ألمانيا، والتي ترجع على الأرجح لدوافع إسلاموية متشددة. لكنها قالت الخميس إن ألمانيا في حالة حرب ضد التنظيم الإرهابي.
وأوضحت أنغيلا ميركل قائلة: "أعتقد أننا في حالة كفاح أو بالأحرى حرب ضد (داعش)"، ولكنها أكدت في الوقت ذاته بقولها: "إننا لسنا في حالة حرب أو كفاح ضد الإسلام". وأفادت ميركل بأن الجيش الألماني يشارك حالياً بالفعل من خلال طائرات استطلاع وطائرات تزويد بالوقود في القصف على معاقل "داعش: في سوريا والعراق، وقالت: "لا أرى التزامات جديدة في الوقت الراهن".
وعرضت ميركل خطة مكونة من تسع نقاط لتوفير مزيد من الأمن في البلاد كرد فعل على الهجمات الأخيرة في ألمانيا، موضحة أن من بين هذه النقاط الحد من العوائق القائمة أمام ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين واستخدام "نظام إنذار مبكر" للكشف عن التطرف بين اللاجئين، وكذلك استعدادات للاستعانة بالجيش الألماني داخل البلاد عند التعرض لهجمات إرهابية كبيرة.
وأكدت ميركل قائلة: "يتعين علينا اتخاذ خطوات إجرائية دائماً في الأماكن التي يوجد بها ثغرات".
ح.ع.ح/ ي.أ (د.ب.أ)
صدمة وحزن وخوف وإرهاب... أسبوع دام في ألمانيا
شهدت ألمانيا خلال أسبوع واحد فقط عمليات قتل وترهيب وهجمات إرهابية، ثلاثة منها نفذها لاجئون قدموا إليها حديثا، واثنان منهما تبناهما تنظيم "داعش". جولة مصورة توثق أسبوعا من الإرهاب والحزن والخوف في عدة مدن ألمانية.
صورة من: Getty Images/J. Simon
لا يزال الحزن يخيم على مدينة ميونيخ الألمانية، حيث تضع امرأة وردة في المكان الذي شهد يوم الجمعة الماضي عملية قتل عشوائية مروعة، راح ضحيتها تسعة أشخاص، أغلبهم في مقتبل العمر. العملية التي نفذها شاب ألماني-إيراني، قيل إنه يعاني من اضطرابات نفسية، راح ضحيتها فتيان وشباب، غالبيتهم من أصول مهاجرة (ثلاثة أتراك وثلاثة ألبان كوسوفو ويوناني). ذنبهم الوحيد أنهم كانوا في المكان والوقت غير المناسبين!
صورة من: GGetty Images/AFP/C. Stache
بحر من الورود أمام مركز أولمبيا التجاري في ميونيخ، حيث مسرح عملية القتل الجماعي العشوائي، حداداً على أرواح الضحايا وسط تساؤلات عمّا دفع الجاني، الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما، إلى هذه الجريمة؟ التحريات تشير إلى حد الآن أن الشاب، الذي ولد في ألمانيا لأبوين قدما من إيران في التسعينات كطالبي لجوء، قد خطط لعمليته طويلاً و"جيداً".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير اضطر في غضون ثلاثة أيام إلى قطع عطلته كان يقضيها مع زوجته في الولايات المتحدة الأمريكية. المرة الأولى كانت مطلع الأسبوع عقب عملية إرهابية نفذها لاجئ في 17 من عمره في قطار في مدينة فورتسبورغ، والمرة الثانية عقب عملية القتل الجماعي العشوائي في ميونيخ. الوزير قرر بعدها التخلي نهائيا عن إجازته والبقاء في ألمانيا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
في غضون ذلك، لا تزال صور دماء تغطي أرضية عربة في القطار الذي شهد عملية إرهابية في مدينة فورتسبورغ الألمانية عالقة في أذهان الكثيرين في ألمانيا. العملية، التي نفذها فتى لاجئ في 17 من عمره، أسفرت عن إصابة أسرة قدمت من هونغ كونغ سائحة في ألمانيا بجروح بليغة وامرأة ألمانية ذنبها الوحيد أنها كانت في طريق الإرهابي عند محاولته الفرار من القطار. العملية تبناها فيما بعد تنظيم "داعش".
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Hildenbrand
وفيما تزداد المخاوف من ألمانيا من عمليات دامية كتلك التي شهدتها باريس ونيس وبروكسل واسطنبول وأنقرة وغيرها، تبقى التساؤلات قائمة عما دفع بفتى قدم فاراً من أفغانستان (أو باكستان) ليجد ملجأ وأسرة تحتضنه في ألمانيا إلى القتل؟ الكثيرون صدموا لكم الكراهية التي يكنها هذا الشباب خاصة بعدما نشر "داعش" فيديو يظهر فيه الفتى وهو يهدد ويتوعد فيه الألمان بالقتل والانتقام.
صورة من: picture-alliance/dpa/Amak
وما لبث الناس يتنفسون الصعداء بعد عملية ميونيخ التي بثت الذعر في القلوب خوفا من عمليات إرهابية منسقة كتلك التي شهدتها باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وأسفرت عن مصرع 130 شخصا وجرح المئات، هاهي ألمانيا تشهد بعد يوم فقط جريمة أخرى اهتزت لها مدينة رويتلينغن، حيث قام لاجئ سوري في مقتل العمر بقتل مقتل امرأة وجرح خمسة آخرين بسكين كبير.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
حالة من الذعر تسود رويتلينغن، المدينة الصغيرة الهادئة في جنوب ألمانيا، بعد الجريمة البشعة. وفيما تتواصل التحقيقات مع الجاني لمعرفة دوافعه، تؤكد السلطات الألمانية على عدم الاشتباه بالإرهاب والعنف بشكل عام في طالبي اللجوء، لافتة إلى أن أغلب العمليات الإرهابية التي شهدتها أوروبا في الآونة الأخيرة لم تكن من فعل لاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Schmidt
لكن تحذيرات السلطات الألمانية من عدم وضع اللاجئين في قفص الاتهام قد لا تجد آذانا صاغية، على الأقل لدى البعض، بعد هجوم أنسباخ الانتحاري الذي شُن مساء يوم الأحد، أي في نفس اليوم الذي شهدت فيه روتلينغن عملية القتل بسكين، والذي نفذه لاجئ سوري آخر (27 عاما). العملية الإرهابية التي أسفرت عن مقتل المنفذ وجرح 15 شخصا، أربعة منهم في حالة خطيرة، كان هدفها الانتقام من ألمانيا وتبنتها داعش.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
وفيما تشير التحريات الأولى إلى ضلوع "داعش" في العملية التي نفذها اللاجئ السوري الذي فجر نفسه ليل الأحد الاثنين في بلدة أنسباخ الألمانية، يبقى من المؤكد أنه أراد قتل أكبر عدد ممكن من الناس، إذ أنه تحول إلى مهرجان للموسيقى جاءه زوار من كل حدب وصوب. ولولا أن رجال الأمن منعوه من الدخول، ويقوم بتفجير نفسه عندها، لكانت الحصيلة أثقل بكثير.
صورة من: DW/N.Niebergall
يواخيم هيرمان، وزير داخلية ولاية بافاريا الألمانية - التي شهدت ثلاث عمليات قتل وترهيب من إجمالي أربع عمليات خلال أسبوع واحد - يقول إن الهجمات الأخيرة أثارت تساؤلات بشأن قانون اللجوء الألماني والأمن في مختلف أرجاء البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
وإن لم يصدر أي تعليق بعد عن المستشارة الألمانية أو وزير داخليتها بشأن عزمهما تشديد قانون اللجوء الذي قدم بموجبه العام الماضي أكثر من مليون لاجئ، أغلبيتهم من السوريين، إلا أن المخاوف الأمنية تبقى قائمة، حيث كثفت الشرطة من تواجدها في كل المرافق العامة الحساسة. ولكن الأكيد أن ما حدث في ألمانيا خلال أسبوع، لن يمّحي من ذاكرة العديد من الناس.. أملا في ألاّ يستغلها اليمنيون المتطرفون لصالحهم!