الأشخاص البالغون من العمر عشرين عاما لا يمكن لهم تذكر وقت من دون ميركل التي تحكم ألمانيا منذ 12 عاما، وقد تكسب الانتخابات القادمة وتواصل مشوارها الساسي أربع سنوات إضافية. فما هي الخلفية.
إعلان
من يريد أن يعرف لماذا تستمر أنغيلا ميركل في تسيير دفة الحكم بلا منازع، عليه أن يلقي نظرة خارج حزبها. فالخضر المعارضون الطبيعيون لحزب المستشارة، أي الحزب المسيحي الديمقراطي ينوهون بعملها، لأنها نفذت ما كان الخضر يطالبون به دوما وهو التخلي عن الطاقة النووية واستقبال اللاجئين وطالبي اللجوء.
في الطريق إلى النجاح
حتى زيغمار غابرييل الزعيم السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزير الخارجية الحالي الذي يبدو حزبه من المتضررين سياسيا، لا يسعه إلا الحديث بإيجابية عن المستشارة الدائمة. والآن هي تريد الفوز بولاية حكم رابعة. فكما هو الوضع عليه فإن الألمان تعودوا على ميركل. واستطلاعات الرأي تضعها في المقدمة.
وحتى هلموت كول تولى في 1994 ولاية الحكم الرابعة، وهو كان ينظر دوما إلى كتب التاريخ التي كان يريد أن تدونه. فبعد الوحدة الألمانية كان مشروع اليورو في أجندته.
خطر ولاية الحكم الرابعة
سنوات كول الأربع الأخيرة جعلته مستشارا يشبه تمثالا متحجرا. وفي النهاية كان الألمان يريدون التخلص منه. والوقت كان ناضجا لغرهارد شرودر. وحتى كونراد أديناور تولى في 1961 ولاية الحكم الرابعة، وكان قد أنهى مشواره بنفسه ولم يتمكن إلا من قضاء نصف فترة ولاية الحكم. أما ميركل فقد فكرت مليا قبل أن تتقدم مرة أخرى لشغل المنصب. وكانت لها اسباب ناجعة.
شكل صيف 2015 مفارقة بحيث أن مليون لاجئ في البلاد كادوا يجعلونها تفقد منصبها، لأن الزلزال السياسي داخل حزبي الاتحاد المسيحي كان قويا. من ناحية أخرى هي وُصفت في كل الأوساط الاجتماعية والسياسية تقريبا كالأم الشجاعة. لكن موضوع اللاجئين كلفها الكثير من العناء، لأنها أيضا أرغمت على التراجع في شعار "نحن قادرون على إنجاز المهمة" والتنازل أمام منتقديها.
ما هي الأشياء التي حركتها للمخاطرة في تولي ولاية حكم رابعة؟ هذا يتم تعليله في الغالب بالتقلبات السياسية خارج ألمانيا. ومن هذه التقلبات فوز ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والأزمة داخل الاتحاد والشعبوية اليمينية ( التي تزدهر أيضا في ألمانيا) وبوتين واردوغان ـ وهنا يتم تقديم ألمانيا بقيادة ميركل دائما كقطب هادئ في أوقات غير آمنة. وكبروتستانتية قد تشعر بعدم القدرة على الذهاب عندما تصبح الأمور غير مريحة.
قضية سلطة
وهناك أيضا عامل السلطة. ويبدو أن أصدقاء في الحزب هتفوا بأنه "يجب عليها" أن تتولى المهمة عندما فكرت شهورا طويلة في ترشح جديد، كما كشفت للمندوبين في مؤتمر الحزب في ديسمبر. ويبدو أنها قررت في الـ 9 من نوفمبر عندما بات واضحا أن دونالد ترامب فاز في الانتخابات الأمريكية. ومنذ ذلك الحين هي مناهضة لترامب.
وهناك جملة متداولة من مشوارها السياسي السابق أنها لا تريد الكف "كجسم شبه ميت". وكشخص عقلاني قد تكون قد امتحنت نفسها وشعرت بأنها قادرة على مواصلة المهام في برلين لأربع سنوات إضافية. وأكيد أيضا أنه في الأثناء يُحتفى بها دوليا. فصحيفة نيويورك تايمز كرمتها "كأقوى مدافعة عن أوروبا". وهذا التزام.
الرقم ثلاثة في الدولة
وكمستشارة اتحادية تتمتع بمجال للتحرك في العمل السياسي حتى ولو أنها هي الرقم ثلاثة في الدولة ـ بعد رئيس البرلمان الألماني والرئيس الاتحادي. لكن لها كلمتها. إن ما يجعل المستشارة قوية سياسيا هي كفاءتها التوجيهية التي يضمنها لها القانون الأساسي. فهي تحدد مسار السياسة وتتحمل مسؤولية ذلك. وهي مارست ذلك بما يكفي في ولاياتها الثلاث في الحكم. ميركل ألغت الخدمة العسكرية الإجبارية وفتحت المجال أمام التخلي عن الطاقة النووية وفتحت الحدود أمام اللاجئين. وتعاقب مستشارون استمروا في الحكم فترات طويلة مثل كونراد أديناور وهلموت شميت وهلموت كول (16 عاما) وغرهارد شرودر (سبع سنوات). وخلال ولاية أنغيلا ميركل وحدها تعاقب على الحكم في إيطاليا سبعة رؤساء للحكومة.
" أنتم تعرفونني"
أنغيلا ميركل هي المستشارة الثامنة منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية في 1949. وفترات الحكم الطويلة في ألمانيا تواجه الانتقاد. فهناك باستمرار تفكير في وضع حد أقصى. غرهارد شرودر سلف ميركل هو الوحيد الذي تحدث في هذا الاتجاه. لكنه تخلى لاحقا عن الفكرة، لأنه ترشح بعد فترة حكم من 1998 وحتى 2005 لانتخابات إضافية.
يمكن قول الكثير عن فترة حكم ميركل الطويلة. فهي احتاجت إلى وقت طويل حتى أخذت القرار، لكنها حسمت أمرها. والمنتقدون يسمون ذلك مماطلة. لكنها على ما يبدو تحقق نجاحا بذلك، وعليه فإنها لا تحتاج إلى الكثير للتعريف بنفسها. فقبل أربع سنوات كانت جملة "أنتم تعرفونني" كافية.
فولكر فاغنير/ م.أ.م
ميركل المستشارة القوية التي "لا تُهزم"
أنغيلا ميركل عملت في مطلع حياتها نادلة خلال دراستها للفيزياء في ألمانيا الشرقية، لم يتحقق حلمها بأن تصبح معلمة لكنها أصبحت أول مستشارة في تاريخ ألمانيا. ميركل التي"لا تُهزم" تقود حزبها منذ 17 عاما وعينها على ولاية رابعة.
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، ترشحت ميركل لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته. وطيلة عقد ونيف من حكمها وُصفت ميركل بالمستشارة القوية التي "لا تُهزم".
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، أعيد انتخاب ميركل كرئيسة للحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته، وذلك في مؤتمره العام المنعقد الثلاثاء 06 ديسمبر كانون الأول 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
هكذا كانت تبدو طفولة المرأة التي توجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية... إنها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
صورة من: imago
ترعرعت أنغيلا ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. وكان والدها يعمل كقس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية "إنجي" واثنين من إخوتها الصغار. ولم يكن أحد يعتقد أن أنغيلا دوروثيا كازنر، ستصبح أقوى امرأة في العالم. ولكن صفات كالاجتهاد والموضوعية وضبط النفس والتواضع كانت وراء هذا النجاح الخارق.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
تعد ميركل من أكثر المتابعين لمنتخب بلادها لكرة القدم، إذ كانت من أبرز الحاضرين في نهائي كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين في البرازيل. وقد تفاعلت المستشارة مع مجريات المباراة، لتتوجه بعدها إلى غرفة تغيير ملابس اللاعبين وأخذت صورا تذكارية معهم، معبرة عن فخرها بالمنتخب الألماني وإنجازاته.
صورة من: Reuters
تظهر هذه الصورة غريتا ولودفيغ جدي المستشارة الألمانية، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوسن ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. وعندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دارسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. وفي ذلك الوقت التقت بزوجها الأول أولريش ميركل، الذي قال عنها إنها كانت تحب السفر. في هذه الصورة تظهر ميركل في العاصمة التشيكية براغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد انفصال ميركل عن زوجها الأول زاد اهتمامها بالمجال السياسي، حيث انخرطت في الحزب المسيحي الديمقراطي. وبعد تجاوزها للعديد من العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجل لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters
علاقة المستشارة الألمانية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن حارة، كما كان الحال عليه بين الرئيس الروسي وسلف ميركل، غيرهارد شرودر، وذلك حتى قبل أزمة القرم. ولكن بوتين يكن لها احتراماً كبيراً، وكلاهما يتحدث اللغة الألمانية والروسية بطلاقة.
صورة من: Reuters/G. Dukor
تظهر ميركل في هذه الصورة، التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة في ألمانيا، في افتتاح دار الأوبرا في أوسلو برفقة رئيس الوزراء آنذاك ينس شتولتنبرغ. وتعرف ميركل بعشقها للموسيقى الكلاسيكية، حيث تحضر العديد من حفلات هذا النوع من الموسيقي.
صورة من: Bjorn Sigurdson/AFP/Getty Images
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر العديد من الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا. الكاتبة الألمانية جولي زيه خصصت لها قطعة مسرحية بعنوان "Mutti" أي "الماما".
صورة من: picture-alliance/dpa
تزايدت شعبية ميركل بين السوريين والعرب بعد فتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين، لكن هذا القرار لم يلاقي نفس الترحيب من جانب السياسيين الألمان، إذ ظهرت بوادر خلاف داخل الائتلاف الحكومي في البلاد وانتقد مسؤولون سياسة ميركل الخاصة باللجوء معربين عن مخاوف أمنية وقلق من اختلال التوازن الثقافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka