ميركل تندد بـ"السم" العنصري بعد عمليتي إطلاق النار في هاناو
٢٠ فبراير ٢٠٢٠
أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وجود مؤشرات يمينية متطرفة كخلفية للجريمتين اللتين هزتا مدينة هاناو، فيما توالت ردود الفعل المنددة داخل ألمانيا وخارجها الداعية إلى تكثيف الجهود لمحاربة الإرهاب اليميني المتطرف.
إعلان
نددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بـ"السم" المتمثل في العنصرية بعد عمليتي إطلاق النار في هاناو. وقالت ميركل للصحافيين "العنصرية سم، الكراهية سم وهذا السم موجود في مجتمعنا وعليه تقع المسؤولية في الكثير من الجرائم" مشيرة الى سلسلة جرائم واعتداءات ارتكبها نازيون جدد في سنوات الالفين وقتل سياسي مؤيد للهجرة في حزيران/يونيو ثم الهجوم على كنيس أوقع قتيلين في تشرين الاول/اكتوبر.
كما أعلن الرئيس الألماني فرانك فالتر ـشتاينماير تضامنه مع الضحايا وقال "أقف إلى جانب كل المهددين بالحقد العنصري. إنكم لستم لوحدكم".
من جانبه، دعا وزير الخارجية هايكو ماس لتكثيف مكافحة الإرهاب اليميني وكتب ماس اليوم الخميس في تغريدة على "تويتر": "صار الإرهاب اليميني تهديدا لبلادنا مرة أخرى". وأكد الوزير أنه من الواضح منذ فترة طويلة أنه "يجب أن تدافع الديمقراطية عن نفسها في مواجهة أعداء الحرية"، مؤكدا أن ذلك يسري أيضا بالنسبة لدولة القانون، وقال: "ويسري ذلك أيضا بالنسبة لنا جميعا".
وأوضح ماس بالنظر إلى قتل رئيس حكومة مقاطعة كاسل، فالتر لوبكه، والهجوم على معبد يهودي في مدينة هاله، أنه عندما يتأكد الاشتباه (في أن واقعة هاناو تعد عملا إرهابيا)، ستكون بذلك ثالث هجوم قتل يميني متطرف في ألمانيا في غضون عام. يشار إلى أن مدينة هاناو بولاية هسن غربي ألمانيا شهدت مقتل تسعة أشخاص في موقعين مختلفين، مساء أمس الأربعاء، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات، ليلة الأربعاء / الخميس على جثة الشخص الذي يشتبه بأنه هو من أطلق النار على الأشخاص التسعة، في مسكنه، وعثروا على جثة أخرى أيضا بالمسكن. ويجري الادعاء العام الاتحادي بألمانيا حاليا تحقيقات على خلفية الاشتباه في أنها جريمة إرهابية.
وأكد وزير داخلية ولاية بافاريا، يواخيم هيرمان على ضرورة الاعتقاد بأن الجريمة "ذات دوافع أصولية يمينية معادية للأجانب".
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية والوزيرة الألمانية السابقة أورسولا فون دير لايين عن شعورها "بصدمة عميقة"، إزاء عمليتي إطلاق النار في هاناو. وكتبت وزيرة الدفاع السابقة في حكومة ميركل على حسابها على موقع تويتر "هذا الصباح، بحزن كبير أفكّر بعائلات وأقارب الضحايا الذين أُقدّم لهم تعازيّ الحارة. اليوم، نتشارك حزنكم".
ووصف رئيس المجلس الأوروبي (الذي يمثل قادات الدول الـ27 للاتحاد الأوروبي) البلجيكي شارل ميشيل الاعتداء المزدوج بأنه "مأساة" وندّد بـ"خسارة أرواح بشرية بلا طائل".
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "حزنه الشديد" و"دعمه الكامل لألمانيا في مواجهة هذا الاعتداء المأساوي"، في هاناو. وأضاف ماكرون في تغريدة "أفكارنا تتجه نحو الضحايا والعائلات المكلومة. أنا (أقف إلى) جانب المستشارة (أنغيلا) ميركل في هذه المعركة من أجل قيمنا وحماية ديموقراطياتنا".
وأدان إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حادثتي اناو. وكتب في تغريده على "تويتر" إن أنقرة تتوقع من السلطات الألمانية بذل "أقصى جهد" لكشف ملابسات الحادث.
ح.ز/ خ. س (د.ب.أ / رويترز / أ.ف.ب)
تعصب وتطرف أم خوف من الآخر؟ مظاهر العنف في أوروبا
لئن عاشت الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة من مختلف الأديان والثقافات في كنف السلام والاحترام، إلا أنها لم تخل أيضا من مظاهر للعنف تحت ذرائع مختلفة: دينية وقومية وغيرها، لكنها مرفوضة من الأغلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.
صورة من: Reuters/Platiau
الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/K. Tribouillard
وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.
صورة من: Reuters/S. Bidstrup
ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.
صورة من: Reuters/M. Rehle
اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
وبعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بعض المتطرفين اليمينيين أصبح يعمد بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد.