ميركل تؤكد الالتزام بدعم ليبيا والمنفي يثني على جهود برلين
١ أكتوبر ٢٠٢١
أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التزام ألمانيا بدعم ليبيا حتى بعد تغيير الحكومة ببرلين، داعية إلى انسحاب المرتزقة الأجانب من ليبيا. فيما أثنى رئيس المجلس الرئاسي الليبي على الدور الإيجابي لألمانيا في ليبيا.
إعلان
قالت المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل اليوم الجمعة (الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2021) إن ألمانيا ستظل ملتزمة بدعم ليبيا حتى بعد التغييرات الحكومية في برلين.
وأضافت ميركل في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي: "بوسعي أن أؤكد لكم أنه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة أيضاً، حتى لو كان لدينا الآن انتقال من حكومة إلى أخرى، فإن القضية الليبية ستظل أولوية بالنسبة لألمانيا... لذلك ستكون هناك استمرارية".
كما حثت ميركل السلطات الليبية على العمل على انسحاب المرتزقة الأجانب من ليبيا بأسرع وقت، وأضافت بأن "مسألة مستقبل ليبيا يجب أن تحددها القوات الليبية والمواطنون الليبيون وليس النفوذ الأجنبي". وانتقدت ميركل أيضاً ضعف الاستعدادات للانتخابات الليبية المقررة في 24 أيلول/سبتمبر، وقالت إنه "لايزال هناك الكثير للقيام به".
ووعدت المستشارة بتقديم دعم اقتصادي لليبيا، وقالت: "لن يكون من الممكن تحقيق الاستقرار إذا كانت هناك حاجة ونقص في التزويد"، مشيرة إلى الاستقرار الاقتصادي متعلق أيضاً بدور الشركات الأجنبية في ليبيا. وأضافت أن ألمانيا مستعدة لتقديم المساعدة في هذا الجانب. وأشارت ميركل إلى أن ليبيا دولة غنية باحتياطياتها النفطية، وتابعت: "لكن هذه الثروة يجب أن تكون متاحة أيضاً للشعب الليبي".
من جانبه أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي أن "الشعب الليبي لا ينسى من وقف معه، ومن وقف ضده خلال محنته". وأثنى المنفي الذي يزور برلين على الدور الإيجابي الذي لعبته دولة ألمانيا بقيادة المستشارة ميركل خلال الفترة الماضية عبر مساري برلين، بحسب بيان أصدره مكتب المنفي . وذكر المنفي خلال المؤتمر: " أننا نؤكد على متابعة عملنا لإتمام هذه المرحلة للوصول إلى الانتخابات، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في مخرجات جنيف ومؤتمر برلين 2"، وأضاف : "سنتابع المبادرات المطروحة في حال استمرار الانسداد القانوني والدستوري، خلال هذه الفترة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية".
مجلس الأمن يمدد تفويض البعثة الأممية
وتبنى مجلس الأمن الدولي أمس الخميس بالإجماع قراراً يمدد حتى 31 كانون الثاني/يناير تفويض بعثته إلى ليبيا، في تطوّر يضعف موقف المبعوث الأممي بعد ثلاثة أسابيع من الاستقطاب الحاد بين لندن وموسكو.
وكان من المفترض أن يمدد مجلس الأمن في منتصف أيلول/سبتمبر تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشكل شبه آلي لمدة عام، خصوصاً وأن البلاد على مشارف انتخابات رئاسية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر ترمي إلى طي صفحة حرب استمرت عشر سنوات. لكن روسيا هددت باستخدام حق النقض "الفيتو" وهي لم توافق على النص الذي أعدته المملكة المتحدة رافضة الإشارة إلى انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا وإلى مستقبل المبعوث الأممي الخاص.
وإزاء انسداد الأفق اضطر مجلس الأمن إلى إقرار تمديد تقني آخر لتفويض البعثة حتى 31 كانون الثاني/يناير. وأعربت الدول الغربية والإفريقية الأعضاء في المجلس عن "أسفها" لهذه النتيجة. من جهتها أوضحت فرنسا أن المؤتمر الدولي الذي تعتزم تنظيمه مع ألمانيا وإيطاليا سيعقد في 12 تشرين الثاني/نوفمبر.
مشاورات في المغرب
ويعقد وفدان ليبيان يمثّل الأول مجلس النواب والثاني المجلس الأعلى للدولة مشاورات في المغرب تتمحور حول قانون الانتخابات الذي يثير خلافات حادّة بين الطرفين قبل ثلاثة أشهر من انتخابات رئاسية وتشريعية يؤمل أن تخرج البلاد من أزمتها السياسية.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند الذي يحضر هذه المشاورات "لا بدّ من إقرار قاعدة قانونية لانطلاق الحملة الانتخابية التي ينبغي أن تبدأ في غضون أسبوع أو أسبوعين، وهذا ما يعكف عليه ممثّلو الليبيين اليوم"، وأضاف: "الشعب الليبي ينتظر أن يتمكّن من انتخاب مرشّح يختاره وتكوين حكومة موحّدة، لديها ما يكفي من الشرعية للتخلّص من القوات المسلّحة الأجنبية (...) وتمكين الليبيين من استعادة حياة طبيعية".
وتأتي هذه المشاورات التي تجري في أحد فنادق الرباط، في أعقاب بروز خلاف بين طرفيها بسبب مصادقة رئيس مجلس النواب ومقرّه في طبرق (شرق) على قانون انتخابات قال مراقبون إنّه يصبّ في صالح الرجل القوي في شرق البلاد المشير خليفة حفتر. وعارض هذا القانون المجلس الأعلى للدولة ومقرّه في طرابلس. ويراهن على لقاء الوفدين في المغرب لتذليل هذا الخلاف.
م.ع.ح/و.ب (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة