ميركل تؤكد على ضرورة التدخل إذا استخدمت سوريا أسلحة كيميائية
١٢ سبتمبر ٢٠١٨
قالت ميركل إن ألمانيا لا يمكنها رفض التدخل العسكري في سوريا حال استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية، وذلك في انتقاد مباشر للحزب الديمقراطي الاشتراكي شريكها في الائتلاف الذي رفض المشاركة العسكرية دون موافقة أممية.
إعلان
وجهت المستشارة أنغيلا ميركل انتقادات حادة لشريكها في الائتلاف الحاكم، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بسبب رفضه القاطع لمشاركة الجيش الألماني في تدخل عسكري محتمل في سوريا. وقالت ميركل اليوم الأربعاء (12 أيلول/سبتمبر 2018) خلال مناقشة عن موازنة ديوان المستشارية لعام 2019 في البرلمان الألماني (بوندستاغ) في برلين: " لا يمكن أن يكون الرد هو الادعاء ببساطة أنه بإمكاننا غض الطرف عندما يتم استخدام أسلحة كيميائية في مكان ما أو عدم الالتزام بميثاق دولي".
وذكرت ميركل أن كافة ردود الحكومة الألمانية على هذه المسألة ستكون على أساس الدستور الألماني وفي إطار الالتزامات البرلمانية، وأضافت: "لكن قول لا من البداية ببساطة، بصرف النظر عما يحدث في العالم، لا يمكن أن يكون هذا هو الموقف الألماني". وبينما صفق نواب حزب ميركل المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري للمستشارة بقوة خلال كلمتها، خيم الصمت على نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكانت رئيسة الحزب وكتلته البرلمانية أندريا ناليس تتابع بصورة واضحة هاتفها المحمول خلال ذلك.
إدلب.. تاريخ من التوتر الدامي
01:32
وأثار تقرير لصحيفة "بيلد" الألمانية حول دراسة وزارة الدفاع الألمانية لمشاركة محتملة للجيش الألماني في ضربة عسكرية في سوريا، جدلا كبيرا بين الأوساط السياسية في ألمانيا. واستبعدت ناليس على نحو قاطع موافقة الحزب على مشاركة الجيش في عملية انتقامية بسوريا حال استخدم النظام السوري أسلحة كيميائية هناك، وقالت أول أمس الاثنين تعقيبا على تقرير الصحيفة: "الحزب الاشتراكي الديمقراطي لن يوافق سواء في الحكومة أو في البرلمان على مشاركة ألمانيا في الحرب في سوريا".
وأكدت ناليس اليوم تمسكها بموقفها أمام البرلمان، وقالت عقب كلمة ميركل إن مجلس الأمن فقط، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة نظرا لشلل مجلس الأمن، بإمكانهما تخويل المجتمع الدولي بالتصرف عسكريا أيضا، وأضافت: "طالما أن هذا لا يحدث، لا يمكننا نحن الاشتراكيون الديمقراطيون الموافقة على تدخل عنيف في سوريا".
فيما طالبت وزيرة الدفاع أورزولا فون دير لاين بردع ذي مصداقية "ضد استخدام أسلحة كيميائية مجددا في سوريا. وقالت فون دير لاين الأربعاء في خطابها أمام البرلمان إن ألمانيا لا يمكنها المراوغة عند الإجابة على سؤال حول طبيعة الإمكانيات المتاحة للحيلولة دون استخدام أسلحة كيميائية منبوذة على مستوى العالم، موضحة أنه ما يتطلبه الأمر الآن هو مواصلة هذا النبذ، الذي كان أحد الدروس المستفادة للمجتمع الدولي من الفظائع التي لا يمكن تصورها للحرب العالمية الأولى.
وأضافت الوزيرة المنتمية للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة ميركل في إشارة إلى السلاح الكيميائي: "إنه محرم عالميا، تم الالتزام بذلك بشكل عام على مدار عقود في ساحات القتال بأصعب الحروب". وذكرت فون دير لاين أن الرئيس السوري بشار الأسد استخدم خلال الأعوام والشهور الماضية أسلحة كيميائية، مضيفة أنه لا ينبغي للمجتمع الدولي تجاهل ذلك. وأوضحت الوزيرة أن الدبلوماسية لها الأولوية في حل الأزمة السورية، مضيفة في المقابل أنه يتعين على ألمانيا أن تكون مستعدة لدراسة أي وضع بعناية وبالتعاون مع الشركاء، واتخاذ القرار على أساس القانون الدولي والدستور الألماني وقانون المشاركة البرلمانية.
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين
صورة من: Reuters
11 صورة1 | 11
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن بلاده لن تُجبر على اتخاذ قرار معين بشأن تدخل محتمل للجيش الألماني في الحرب في سوريا. وقال ماس في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "سنتخذ قرارا مستقلا يتماشى مع المبادئ الأساسية للدستور الألماني، وبالطبع القانون الدولي.... في النهاية لن يحدث شيء بدون دعم البرلمان".
والمهام القتالية ما زالت موضوعا حساسا في ألمانيا. والمشاركة في أي هجمات جوية في سوريا سيضع ألمانيا في مسار تصادمي مع روسيا الداعم الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد. وأوضح استطلاع جديد للرأي أجرته صحيفة دي فيلت ونشرت نتائجه اليوم الأربعاء إن 74 بالمئة من الألمان يعارضون المشاركة في تدخل عسكري في حال شنت الحكومة السورية هجوما آخر بأسلحة كيماوية.