يحمّل اليمين المتطرف المستشارة ميركل مسؤولية اتساع رقعة انعدام الأمن. وبعد أعمال عنف جديدة في كيمنتس قال المتحدث باسم المستشارة إن مسيرات اليمين المتطرف تهدف لتوجيه رسالة كراهية ضد الأجانب والسياسيين والشرطة والصحافة.
إعلان
دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الألمان اليوم الإثنين (الثالث من سبتمبر/ أيلول 2018) إلى التحرّك ضد "الكراهية"، التي ينشرها اليمين المتطرف، بعد أعمال عنف جديدة حصلت خلال نهاية الأسبوع في كيمنتس وأسفرت عن جُرح 18 شخصاً بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة، مساء السبت خلال تظاهرة ضد المهاجرين وأخرى مضادة لليسار شارك فيها ثلاثة آلاف شخص.
ومن بين الجرحى، شاب أفغاني يبلغ عشرين عاماً تعرض للضرب على أيدي ملثمين، إضافة إلى ناشطين من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وأعضاء فريق تلفزيوني. ومن المتوقع تنظيم حفل موسيقي ضد كراهية الأجانب في كيمنتس مساء اليوم الإثنين، تحت شعار "نحن أكثر عددا".
وصرّح المتحدث باسم المستشارة شتيفان زايبرت أمام الصحافة في برلين اليوم الإثنين "ما شهدناه للأسف خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك في عطلة نهاية الأسبوع، هذه المسيرات لليمين المتطرف والنازيين الجدد المستعدين للعنف، لا يمتّ بصلة إلى الحداد على رجل"، لكنها تهدف "إلى توجيه رسالة كراهية ضد الأجانب والمسؤولين السياسيين والشرطة والصحافة الحرة".
وأضاف زايبرت "علينا أن نوضح ذلك"، مضيفا "كل مواطن يمكن أن يقوم بذلك عن طريق اتخاذ موقف ضد انقسام بلدنا".
وجاء تصريح المتحدث باسم ميركل تعليقاً على المسيرة التي نظمتها السبت الماضي أحزاب عديدة من اليمين المتطرف في شوارع مدينة كيمنتس وشارك فيها ثمانية آلاف شخص للتنديد، كما يفعلون منذ 26 آب/ أغسطس، للتنديد بمقتل رجل ألماني يبلغ 35 عاماً، تعرض لطعنات عديدة بسكين في الشارع.
وأوقف القضاء طالب لجوء عراقيا يبلغ 22 عاماً ورجلا سوريا يشتبه بأنه شريك له. واستغلّ اليمين المتطرف ممثلا بحزب "البديل لألمانيا" القوة المعارضة الأولى في مجلس النواب في برلين، هذه الجريمة لإعادة توجيه انتقاداته ضد المهاجرين وسياسة أنغيلا ميركل حيالهم.
ويحمّل اليمين المتطرف المستشارة ميركل مسؤولية اتساع رقعة انعدام الأمن بعدما ارتضت استقبال أكثر من مليون طالب لجوء في 2015 و2016.
ص.ش/ع.ش (أ ف ب، د ب أ)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.