ميركل تفتح صندوق أسرارها وموقفها من النسوية يثير الجدل
١٠ سبتمبر ٢٠٢١
ستترك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل منصبها في غضون أشهر. ربما هذا ما جعلها تكشف عن حياتها الخاصة التي لطالما ظلت خفية وتوضح مواقفها تجاه قضايا مهمة، مثل النسوية. لكن هذا فتح عليها باب الانتقادات أيضاً.
إعلان
قبيل وقت قصير من مغادرتها منصبها، أجرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لقاءاً مع الكاتبة النسوية النيجيرية الشهيرة شيماماندا نغوزي أديشي في فعالية عقُدت في مسرح Schauspielhaus في دوسلدورف يوم الأربعاء، الثامن من سبتمبر /أيلول، إلى جانب صحفيين وسيدات ورجال الأعمال. تحدثت ميركل بطريقة عفوية وغير مسبوقة عن نفسها. وتركز النقاش على العديد من الموضوعات، منها الديموقراطية، النسوية وحتى عن الموضة.
علي مدار السنوات الماضية، حظيت ميركل بالثناء ولقبت بمجموعة من الألقاب، من بينها "المدافعة عن الغرب الليبرالي". وعلقت ميركل على ذلك بالقول: "أنا سعيدة لأنني، بعد إعادة توحيد ألمانيا، تمكنت من الدفاع عن القيم الليبرالية والديمقراطية والعمل من أجل مجتمع حر، بصفتي مستشارة"، وتابعت حديثها، "لكن المرء بحاجة إلى النظر إلى ما هو أبعد من المبالغات، والحمد لله أن هناك العديد من الأشخاص الذين يشعرون بالارتباط بالديمقراطية، وهذا يجعلني سعيدة".
وأردفت ميركل أن أيامها الأخيرة في منصب المستشارة، وهو المنصب الذي تشغله منذ عام 2005، اتسمت بفيضانات "مروعة" وانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان واستيلاء طالبان على البلاد.
تجارب صقلت شخصيتها
بعيدا عن حياتها السياسية، كشفت ميركل عن أمور كانت لها بصمة في تشكيل شخصيتها الحالية. "لقد نشأت مع أشخاص يعانون من إعاقة ذهنية عندما كنت لا أزال طفلة ولم يكن لدي أي قلق أو خوف من الاحتكاك بهم".
ذكرت السياسية الألمانية أيضاً أنه خلال دراساتها علوم الفيزياء، كان الرجال دائما ما يندفعون على الفور نحو إنجاز شيء ما، لذلك لم يكن لديها في كثير من الأحيان مكان في المخابر. بعدها تعلمت الكفاح من أجل خلق مكان لها في بيئة يسيطر عليها الذكور.
أكثر ما لفت الأنظار في كلام المستشارة الألمانية قولها: "نعم، أنا نسوية". لم تعتبر المستشارة الألمانية نفسها ناشطة نسوية طيلة فترة حكمها. في عام 2017، خلال قمة العشرين النسائية، التي عُقدت في برلين، سُئلت عما إذا كانت تعتبر نفسها نسوية. في ذلك الوقت جاءت إجابتها مترددة ومراوغة، كما جاء في انتقادات بعض الصحف وعن إجابتها حينها، قالت: "لم أرغب بالضرورة في أن أزين نفسي بهذا اللقب"، على حد قولها. اليوم ترى ميركل الأمر بشكل مختلف. في ذلك الوقت، أوضحت لها ملكة هولندا ماكسيما أن الأمر يتعلق في الأساس بمشاركة النساء والرجال على حد السواء في الحياة الاجتماعية. لكنها أبدت موقفاً واضحاً من النسوية خلال الفعالية التي جمعتها بالكاتبة النسوية النيجيرية، شيماماندا نغوزي أديشي: "بهذا المعنى يمكنني أن أقول اليوم بالإيجاب: "أنا نسوية. كنت خجولة بعض الشيء بشأن ذلك على خشبة المسرح. ينبغي أن نكون جميعاً نسويات".
انتقادات
تصريح ميركل حظي بهتاف وتصفيق الحضور، لكنه فتح عليها باب الانتقادات أيضاً. صحفية "تاتس" الألمانية كتبت في تعليق لها أن ميركل لم تستحق التصفيق، مشيرة إلى أن وصفها لنفسها بأنها نسوية "مجرد كلام"، وذلك بالنظر إلى "حصيلة سياستها تجاه النساء". كما أضافت أنه "ليس من قبيل المصادفة أن تعترف ميركل بكونها ناشطة نسوية قبل وقت قصير من انتهاء ولايتها كمستشارة. لأنه لن يكون هناك الكثير من الأعمال السياسية التي يمكن من خلالها قياس ادعائها النسوية". وتابعت الصحيفة: "بصفتها أول مستشارة امرأة، قد تكون ميركل نموذجاً يحتذى به للكثيرين وربما فتحت باباً أو بابين. لكن المستشارة ليست معروفة بالسياسات النسوية. على العكس تماما. تم إحراز معظم التقدم الضئيل في سياسات المرأة على مدى السنوات الـ 16 الماضية بالرغم عن ميركل وليس بسببها".
على العكس من ذلك كتبت صحيفة "شتوتغارت ناخريشتن" إن "ميركل حققت الكثير للنساء" لكن بطريقتها الخاصة.
لطالما كانت الموضة في حياة ميركل، محط أنظار وسائل الإعلام، رغم بساطة أسلوبها الذي تميزت به طيلة الأعوام الماضية. عديدون أشادوا بحسها العملي في اللباس بسبب بساطته، فيما انتقدها آخرون، بمن فيهم المصمم الراحل كارل لاغرفيلد، الذي وجه على الصعيد الشخصي انتقادات ساخرة للمستشارة الألمانية حول هندامها. ترتدي ميركل على الدوام بنطلون مع سترة بألوان مختلفة. وعن ذلك صرحت المستشارة الألمانية، خلال الفعالية: "ثيابي كما يقول الناس متواضعة".
منذ دخولها عالم السياسة، لم يكن لدى ميركل يوم عمل عادي، وبالتالي لم تعد تسأل نفسها ما الذي يثير اهتمامها خارج السياسة. وهي تريد أن تعوض ذلك الآن، كما قالت "هل أريد أن أكتب؟ هل أريد الذهاب في نزهة؟ هل أريد البقاء في المنزل هل أرغب في السفر حول العالم؟".
إ.م/خ.س
وداعا ميركل.. 16 عاما في صدارة أغلفة المجلات
توشك حقبة المستشارة أنغيلا ميركل أن تنتهي. خلالها تصدرت ميركل أغلفة المجلات في العالم مدحا بتشبيهها بأيقونة العمل الإنساني الأم تيريزا أو انتقادا بدعوى هيمنتها وتسلطها بمقارنتها بـ "هتلر". فما هي أبرز أغلفة تلك المجلات؟
صورة من: Adrian Bradshaw/dpa/picture alliance
علامة اليورو ..ضربة بالسوط أو بالحديد؟
في خضم أزمة اليورو، قامت مجلة "لا جيفيس" الإسبانية الساخرة عام 2011 بتركيب صورة لميركل تظهرها كشخصية متسلطة، إذ رغبت المجلة بهذه الصورة في تسليط الضوء على الشروط الصارمة التي بموجبها ستمنح ميركل مساعدات مالية لإسبانيا التي كانت تواجه أزمة خانقة في حينه. ذات مرة سألت ميركل رئيس الحكومة الإسبانية (الأسبق) ماريانو راخوي هل كانت علامة اليورو ضربة بالسوط أم بالحديد؟ فأجابها بنبرة تذمر"الأمر يعتمد".
صورة من: el jueves
"هتلر المتقشف"
خلال أزمة اليورو، عانت اليونان بدورها من أزمة ديون خانقة ما فرض عليها الاقتراض بشكل كبير لإبقاء اقتصادها على قيد الحياة لكنها لم تستطع سداد الديون الضخمة في بادي الأمر. إبانها تعهدت ميركل بتقديم مساعدات كبيرة لليونان شريطة تبني إجراءات تقشفية قاسية. إثر ذلك تعرضت ميركل لانتقادات من صحف يونانية، حيث قارنت صحيفة "ديمقراطية" في عددها بتاريخ 9 من فبراير/ شباط عام 2012 الأمر بحقبة الاحتلال والنازية.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Panagiotou
ميركل .."سجينة في معسكر اعتقال"
في عام 2013، عمدت مجلة "أوزام رزي" اليمينية في بولندا إلى إبراز وجه آخر للعلاقة بين ميركل و"النظام النازي"، عندما صورت على غلافها ميركل كأنها سجينة في معسكر اعتقال. وكانت الصورة تشير إلى سلسلة "أمهاتنا وآباؤنا" الوثائقية من إنتاج القناة الألمانية الثانية (ZDF). وكانت الصورة تنطوي على اتهام لألمانيا بتشويه تاريخ الحرب خاصة بطريقة تصويرها لما عُرف بـ "جيش الوطن البولندي" في ذاك الوقت.
صورة من: BARTLOMIEJ ZBOROWSKI/dpa/picture alliance
وجه البوكر في بكين
لطالما تم تصوير ميركل باعتبارها زعيمة فولاذية حازمة وعنيدة. وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 2011 عنونت مجلة صينية غلافها بعبارة "وجه البوكر" مع صورة لميركل بملامح وجهها الباردة التي تخلو من أى إنفعالات. وصدر هذا العدد قبل زيارة ميركل الرسمية إلى الصين حيث أجرت مباحثات مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو تركزت حول دور بكين في المساعدة على تعزيز الاستقرار في منطقة اليورو.
صورة من: Adrian Bradshaw/dpa/picture alliance
المدمر
نشرت مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية في يونيو / حزيران 2012 هذه الصورة لميركل لتوحي كيف تحولت من مفاوض شرس إلى قاتل سياسي في انتقاد من المجلة لسياسات ميركل التقشفية إذ زعمت المجلة أن هذا الأسلوب التقشفي في حينه سيدفع أوروبا صوب كساد جديد. وصورت المجلة ميركل في شخصية القاتل الآلي أو "المدمر" المستوحاة من فنتازيا هوليود فيما ذهبت قصة الغلاف إلى القول بأن ميركل كانت "أخطر زعيم ألماني" منذ أدولف هتلر.
صورة من: dpa/picture alliance
الأم تريزا - ماما ميركل
خلال أزمة الهجرة عام 2015، صدر غلاف مجلة "دير شبيغل" يحمل صورة ميركل وكأنها الأم تريزا وعنونت"ماما ميركل". فعقب رفض المجر استقبال اللاجئين السوريين الفارين من الحرب وسط شبح أزمة إنسانية كارثية عند حدود أوروبا، قررت ميركل السماح لطالبي اللجوء بالدخول إلى ألمانيا وأطلقت مقولتها الشهيرة "نستطيع إنجاز ذلك" للتأكيد على قدرة ألمانيا تجاوز أزمة اللاجئين لتصبح فيما بعد عبارة تاريخية للتعبير عن الإنسانية.
صورة من: SPIEGEL
مستشارة العالم الحر
في عام 2015، منحت مجلة تايم الأمريكية ميركل لقب "شخصية العام" إذ اعتبرتها "مستشارة العالم الحر". وأشادت المجلة بميركل لإظهارها "الرحمة كسلاح" عقب قرارها بفتح حدود ألمانيا أمام اللاجئين. وقال الفنان الأيرلندي كولين ديفيدسون الذي رسم الصورة، إنه كان يرمي من وراء هذا العمل الفني تسليط الضوء على جزء قليل مما أظهرته ميركل من "كرامة وتعاطف وإنسانية".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
"السيطرة على بولندا"
لم تجد إشادة العالم بميركل صدى في الإعلام البولندي الذي عارض سياسة الباب المفتوح التي أعلنتها ميركل في 2015 بشأن الهجرة. وفي ردها قارنت مجلة Wprost الأسبوعية البولندية ميركل مرة أخرى بـ "هتلر" وكتبت عبارة "إنهم يرغبون في السيطرة على بولندا مجددا". المجلة عمدت إلى إظهار ميركل محاطة بمسؤولي الاتحاد الأوروبي مثل رئيس المفوضية السابق جان كلود يونكر في تلميح لصورة هتلر التاريخية مع حاشيته.
صورة من: Maciej Chmiel/dpa/picture alliance
نهاية الحقبة
وبعد 16 عام في السلطة أعلنت ميركل أنها ستنسحب مع نهاية حقبة حكمها التاريخية. ورغم تصدر صور قاسية غلاف بعض المجلات والصحف، إلا أن القليل كُتب عن قيادتها المتميزة لألمانيا في فترات صعبة. من بين ما كتب في الإشادة بقيادتها سيرة ذاتية كتبتها الصحافية الألمانية أورسولا فيدنفيلد وفيها عنوان فرعي: "صورة الحقبة". بعد انتخابات 26 سبتمبر / أيلول الجاري سيعرف من سيخلف ميركل.
إعداد: بيتينا بومان / م ع