ميركل: سنناقش صادرات الأسلحة لتركيا مع أمريكا وحلف الأطلسي
١١ ديسمبر ٢٠٢٠
المستشارة الألمانية ميركل تعلن أن زعماء الاتحاد الأوروبي سيناقشون صادرات الأسلحة لتركيا مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي وواشنطن، وذلك بعد أن ضغطت اليونان لفرض حظر أسلحة على أنقرة.
إعلان
بعد قمة اتفق فيها زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27 دولة، على إعداد عقوبات محدودة على مواطنين أتراك بسبب اعتراض اليونان وقبرص على أعمال تنقيب تركية لكنهم أرجأوا المناقشات بشأن أي إجراءات أشد حتى مارس/آذار، قالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، في مؤتمر صحفي اليوم الجمعة (11 كانون الاول/ديسمبر 2020): "تحدثنا عن ضرورة بحث مسائل صادرات الأسلحة داخل حلف شمال الأطلسي. قلنا إننا نريد أن ننسق مع الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن تركيا". وكثير من دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في حلف شمال الأطلسي.
وتُبرز تصريحات ميركل تشدداً لموقف حكومات الاتحاد الأوروبي من تركيا. ورفضت حكومات أوروبية عديدة في السابق الإجراءات العقابية على أنقرة، عضو حلف الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي ومقر حوالي 3 مليون سوري فروا من الحرب الأهلية ويريد الكثير منهم الوصول إلى أوروبا.
لكن دول التكتل أصبحت أشد انتقاداً لتركيا بخصوص عدة قضايا أبرزها دور أنقرة في ليبيا وشرائها منظومة دفاع جوي روسية. وذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة تتجه بالفعل إلى فرض عقوبات على تركيا بسبب صفقة منظومة الدفاع الروسية.
ورفضت وزارة الخارجية التركية ما وصفته بأسلوب الاتحاد الأوروبي "المتحيز وغير القانوني" بشأن العقوبات. ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التخلص من ضغوط ما وصفها بجماعات الضغط المناوئة لبلاده، وقال إنه يعتقد أن من الممكن حل القضايا من خلال الحوار.
اقرأ أيضاً: برلين تعلن فشل الوساطة وأردوغان يتهم الأوروبيين بـ "العمى الاستراتيجي"
واشتعل التوتر عقب قرار تركيا إرسال سفن للتنقيب عن موارد طاقة محتملة قبالة سواحل جنوب قبرص حيث منحت السلطات القبرصية شركات إيطالية وفرنسية حقوق تنقيب عن النفط والغاز.
وتقول تركيا إنها تستكشف موارد الطاقة في حدود رصيفها القاري أو في مناطق تابعة للقبارصة الأتراك، واتهمت اليونان مراراً بالامتناع عن خوض محادثات ثنائية لبحث الحقوق البحرية، واتهمت أيضاً الاتحاد الأوروبي بالانحياز لليونان.
وتشير بيانات مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إلى أن صادرات الاتحاد من الأسلحة والذخائر لتركيا سجلت فقط 45 مليون يورو (54.53 مليون دولار) في عام 2018 لكن مبيعات الطائرات بلغت عدة مليارات من الدولارات.
ف.ي/خ.س (رويترز، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP