نعت المستشارة أنغيلا ميركل رحيل المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت عن سن تناهز 96 عاما، ووصفته بأنه كان"بمثابة مؤسسة سياسية لألمانيا". وزير الخارجية شتاينماير قال عن الراحل إنه "واحد من رواد الفكر ورجل دولة عظيم".
إعلان
وصفت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت الذي رحل اليوم الثلاثاء، 10 نوفمبر تشرين الثاني 2015، بأنه كان بمثابة "مؤسسة سياسية للجمهورية الاتحادية (ألمانيا)". وقالت ميركل مساء اليوم في برلين إن ألمانيا مدينة بالكثير لشميت الذي توفي عن سن تناهز 96 عاما وشغل منصب خامس مستشار لألمانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك في الفترة بين عامي 1974 و1982.
وتابعت ميركل أن صلابة شميت ساعدت جمهورية ألمانيا في اجتياز "الاختبار الصعب" لإرهاب حقبة السبعينيات، وتحدثت ميركل عن دور شميت في القرار المزدوج لحلف شمال الأطلسي (ناتو) والصادر عام 1979 ودوره في إنشاء النظام النقدي الأوروبي. ويشار إلى أن الناتو كان قد أعلن في 1979 عن تصنيع صواريخ جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية وفي نفس الوقت طالب بمفاوضات ثنائية بين القوتين العظميين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) لتقليص عدد الصواريخ النووية متوسطة المدى.
وقالت ميركل:"أنا أقف هنا في احترام عميق أمام إنجازات هيلموت شميت" معربة عن مواساتها لشريكة حياته ولابنته واستطردت " لقد كان بالنسبة لي أيضا جهة يهمني نصيحتها وحكمها".
وذكرت ميركل أن شميت تحول إلى رمز بالنسبة للألمان من خلال مسقط رأسه هامبورغ والفيضان الذي تعرضت له في 1962 حيث اتسم تعامله مع الأزمة كوزير للداخلية آنذاك بالحسم والموهبة في الارتجال وأضافت:"لا أزال أدرك الأمر بكل دقة فقد كنت فتاة صغيرة وكنت مع والداي في ألمانيا الشرقية السابقة /بالحرف/ متعلقين بالراديو لأننا كنا قلقين بشكل لا يمكن تصوره على جدتي وعمتي في هامبورغ، كما لا زلت أدرك كيف كنا واثقين في هيلموت شميت وقدرته على السيطرة على الوضع".
هيلموت شميت.. ولع بالسياسة والفنون
عُلقت صورته في بهو مقر المستشارية ببرلين بوصفه مستشار ألمانيا الأسبق. وإضافة إلى ولعه بالتدخين المتواصل فقد عُرف عنه أيضاً حبه الكبير للموسيقى والفنون.
صورة من: picture alliance/Geisler-Fotopress
كان الرصيد المعرفي لهيلموت شميت مبهرا، وتحليلاته لأزمات هذا العالم كانت عميقة، كما أن نظرته للعالم كانت مقياساً يستعان به لكثير من المستمعين والقراء.هيلموت شميت كانت له أيضاً قوة مغناطيسية في معارض الكتب والنقاشات السياسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
هيلموت شميت كان طموحاً، ورفيقته المفضلة هي هانلوره التي نالت دوماً إعجابه وطاب له أن يناديها بـ"لوكي". الاثنان زارا المدرسة في هامبورغ.
صورة من: Ullstein Bild/Sven Simon
في سن مبكرة أجاد هيلموت شميت لعبة الشطرنج، وبات التفكير العميق والاستراتيجي أحد مواطن القوة لديه كسياسي ومستشار. حافظ شميت دوما على هدوء تام حتى في أوقات الأزمات، مثل ما حصل أثناء الفيضانات عام 1962 في هامبورغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
تزوج هيلموت شميت رفيقته المحبوبة منذ الصغر هانلوره غلازر. وقبلها بعام أي في 1941 تم استدعاؤه للجيش الى جبهة الشرق. في أبريل/ نيسان 1945 سقط في الأسر البريطاني، وأطلق سراحه في آب/ أغسطس من العام نفسه. وفي 1946 التحق كطالب بالحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Ullstein Bild/Sven Simon
هيلموت شميت كان يلقي خاطابات نارية منذ أيامه الأولى، كما كان عليه الحال هنا في 1968 في مؤتمر الشبيبة الاشتراكية بفرانكفورت. شميت يتفاعل بحماس مع خصومه السياسيين وأعضاء حزبه.
صورة من: picture-alliance/dpa
كخبير في شؤون السير والجيش اكتسب شميت سمعة كسياسي قدير. في 1961 تولى مسؤولية الشرطة في برلمان هامبورغ. وفي 1962 ادار بتفوق كارثة الفياضانات في شمال ألمانيا ليصبح بعدها سيناتور الشؤون الداخلية في البرلمان. 1964 استدعاه المستشار فيلي برانت ليلتحق بفريق حملته الانتخابية.
صورة من: AFP/Getty Images
كسياسي متحمس كان شميت أيضاً خطيباً بارعاً، عُرف بكلماته الدقيقة والبليغة لإقناع مستمعيه. وكان يهاجم خصمه بقوة واحترام.
صورة من: picture-alliance/dpa
نجم الأفلام هاردي كروغر كان ضيفاً مرحباً به في حفلات المستشار الراحل فيلي برانت. مشهد لهيلموت شميت من عام 1971. كروغر كان يمثل في فيلم حربي شخصية ضابط هرب من معتقل عسكري بريطاني، وهو موضوع حظي باهتمام هلموت شميت.
صورة من: picture-alliance/dpa
البرلمان كان بيته الثاني. هناك في 17 مايو/ أيار من 1974 أدى اليمين كمستشار لألمانيا الاتحادية. لحظة تاريخية في حياة هذا السياسي الذي قلما يترك المجال للاطلاع على مشاعره الشخصية. هنا في الأول من يوليو/ تموز 1999 اجتمع البرلمان الألماني للمرة الأخيرة عندما كان شميت خارج الخدمة.
صورة من: picture-alliance/dpa
خلال زياراته الى الخارج كان شميت دوماً مرفوقاً بعقيلته لوكي. خلال زيارته الى الصين عام 1975 زار قصر الامبراطور في بكين، لأنه كان يحب مع زوجته التعرف على ثقافة البلدان المضيفة.
صورة من: picture alliance / Heinrich Sanden
مستشارو ألمانيا الاتحادية يختارون فنانا يرسم صورة شخصية لهم. المستشار شميت زار خلال عطلة قصيرة الرسام الشهير أوسكار كوكوشكا في سويسرا. وسبق لكوكوشكا أن أبدع صورة شخصية للمستشار كونراد أدناور، غير ان المستشار شميت اختار رساما آخر.
صورة من: picture-alliance/dpa
هيلموت شميت كان لا يحب البدلات الداكنة، لأن ذلك كان يذكره بلباس الجيش خلال الحكم النازي. وحتى في المناسبات السياسية الرسمية، كما هو الحال هنا في مؤتمر الدول الصناعية السبع الكبرى في البندقية حين كان هيلموت شميت يرتدي بدلة بألوان زاهية، وكانت عقيلته "لوكي" تختار له دوما ربطة العنق.
صورة من: imago/S. Simon
هيلموت شميت كان قادراً على قضاء ساعات مع عقيلته في التفكير في تحريك استراتيجي لأحجار الشطرنج. هذا السياسي كان يعشق الشطرنج كوسيلة للترفيه وكتمرين خالص للعقل. كما أن الاستماع الى الموسيقى كان يشغل حيزاً من أوقات فراغه.
صورة من: picture-alliance/dpa
العزف على البيانو يعني الكثير لهيلموت شميت الذي وجد متنفساً أكبر للاعتناء بهذه الموهبة بعد انسحابه من السياسة وكافة الوظائف الحكومية. خلال حفل موسيقي في زوريخ السويسرية عام 1983 عزف أمام الجمهور على البيانو، وكانت تربطه علاقة صداقة مع عازفين كبار مثل ليونهارد بيرنشتاين ويوستوس فرانتس.
صورة من: picture-alliance/dpa
تقاعد بدون جدل سياسي لا يمكن تصوره بالنسبة الى المستشار الأسبق شميت. في 1983 بدأ يساهم في اصدار الصحيفة الألمانية الشهيرة "دي تسايت". وخلال نقاشات فريق التحرير يطلق العنان لحوارات مبدئية. يعكف منذ مدة على تدوين بعض الكتب والمقالات حول قضايا سياسية راهنة. رأيه يلقى التقدير على مستوى العالم، لاسيما عند فئة الشباب.
صورة من: ullstein bild - Beutner
في بهو مقر المستشارية الألمانية التي يرتادها الزوار نجد صورة شخصية لهيلموت شميت بريشة برنهارد هايزيش، وهو فنان من ألمانيا الشرقية السابقة، وتبدو في الصورة السيجارة التي لم تفارق هيلموت شميت. السياسي شميت من الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان مستشاراً لألمانيا بين عامي 1974 و1982.
صورة من: picture-alliance/dpa
16 صورة1 | 16
وتابعت ميركل أن لهجة شميت المنحدرة من مدينة هامبورغ ومكانته كانتا محل تقدير لدى الألمان" وتحول التقدير والاحترام بمرور عشرات الأعوام إلى محبة عميقة لمستشارنا، الذي أعجبنا تواضعه الشخصي بنفس قدر إعجابنا بإدراكه بواجباته".
ومن جهته وصف وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت الذي رحل اليوم الثلاثاء بأنه واحد من رواد الفكر ورجل دولة عظيم. وقال شتاينماير المنتمي إلى حزب شميت الاشتراكي الديمقراطي:"الآن هذه ساعة توقفت فيها ألمانيا" مضيفا أن شميت "لم يؤثر في جيلي وحسب بل إن ذكائه ومكانته كانتا محل تقدير وبحث من الكثيرين حتى اليوم".
وتابع شتاينماير حديثه قائلا: إن شميت رأى ضرورة ربط ألمانيا بالاقتصاد العالمي، كما تحدث شتاينماير عن نهجه في الصراع مع الإرهاب في سنوات السبعينيات.