ميركل: فقدنا إنساناً صاغت شجاعته وإخلاصه تأثيره السياسي
٢٦ أغسطس ٢٠١٨
نعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السيناتور الأمريكي جون ماكين، الذي وافته المنية مساء أمس السبت عن عمر ناهز 81 عاماً بعد معركة مع مرض السرطان.
إعلان
أشادت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) بمآثر جون ماكين، الذي وصفته بأنه "مقاتل لا يكل من أجل تحالف قوي عبر الأطلسي". وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت نيابة عن ميركل: "فقدنا إنساناً صاغت شجاعته الشخصية وإخلاصه تأثيره السياسي". وأضاف زايبرت: "كانت تقود جون ماكين قناعة راسخة بأنه يمكن العثور على مغزى لأي عمل سياسي في خدمة الحرية والديمقراطية وسيادة القانون. وفاته خسارة لجميع من يملكون هذه القناعة".
يشار إلى ان ماكين كان مرشح الحزب الجمهوري المحافظ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في سنة 2008، والتي فاز بها مرشح الحزب الديمقراطي باراك أوباما. لم يكن لجون سيدني ماكين الثالث إلا ربّ عمل واحد على مدى مسيرته المهنية البارزة والمضطربة، هو الولايات المتحدة الأميركية.
ويبدو أنه تقليد عائلي، إذ أن ماكين هو سليل مباشر كما يقول لقائد في جيش جورج واشنطن خلال حرب الاستقلال الأميركية. وعلى غرار والده وجدّه قبله، وهما أدميرالان بأربعة نجوم يحملان كذلك اسم جون ماكين، عاش في خدمة بلاده كطيار حربي في البحرية الأميركية ومن ثم كنائب في الكونغرس حتى وفاته السبت عن عمر 81 عاماً، بعدما تم تشخيصه بسرطان الدماغ في صيف العام 2017.
ونجا ماكين بنفسه حيث هبط بمظلة في بحيرة صغيرة بعد إسقاط طائرته خلال حرب فيتنام، ليستقبله جمع غاضب كان على وشك قتله. وتعرض ذراعاه وركبته اليمنى إلى كسور شديدة. ونظراً لكون والده قائد جميع القوات الأميركية في المحيط الهادئ، بقي ماكين أسير حرب لأكثر من خمس سنوات.
"أوروبا موحدة هو الرد على أمريكا أولا".. حرب كلامية بين ترامب وأقرب حلفائه
56:05
أطلق سراحه عام 1973 بعد اتفاقية باريس للسلام. لكن العواقب الجسدية للكسور التي لم تُعالج بشكل جيد عن قصد خلال أسره والتعذيب الذي تعرض له، كلفته مسيرته المهنية كطيار. وقال في مقابلة من العام 1989: "لسبب ما لم تكن تلك الفترة هي فترتي، وأعتقد أنه لهذا السبب، كان مقدراً لي أن أفعل شيئا ما". واتضح لاحقاً أن هذا الشيء هو السياسة. فبعد عدة سنوات من عمله كمنسق خاص للبحرية في مجلس الشيوخ، انتقل ماكين إلى أريزونا، التي تنتمي إليها زوجته الثانية، ليفوز بمقعد في مجلس النواب الأميركي عام 1982. وكبرت طموحاته منذ ذلك الحين فصعد سريعاً إلى مجلس الشيوخ ليمكث فيه 30 عاماً.
ولطالما برز ماكين بصورة الجمهوري المتمرد، حيث تحدى حزبه بشأن قضايا تتراوح من إصلاح تمويل الحملات الانتخابية إلى الهجرة. ولم يؤمن كثيراً بالانضباط الحزبي، وهو موقف عززته خبراته السابقة في التمرد (كطالب عنيد في الأكاديمية البحرية الأميركية أو كسجين متهور يستفز سجانيه الفيتناميين).
وكان ماكين غير التقليدي والمزدري للسلطة والمتعجرف أحياناً هو ذاته الذي قرر خوض انتخابات عام 2000 الرئاسية. ومقدماً نفسه على أنه مرشح يتحدث بشكل "صريح"، عرض على الأميركيين رؤيته اليمينية المعتدلة، مبتعداً عن المسيحيين المحافظين الذين نجح خصمه جورج بوش الابن آنذاك في جذبهم. وفشل ماكين عندها إلا أنه استعاد صلابته وانتزع في النهاية الشعلة الجمهورية من بوش الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير.
جنرال بلا جيش
وفي العام 2008، تصالح جون ماكين مع المؤسسة الحزبية وفاز أخيراً ببطاقة الترشح للرئاسة. ومع اقترابه من البيت الأبيض، اتخذ قراراً عفوياً ومثيراً للجدل لن يغفره له الكثير من شركائه، ألا وهو اختيار حاكمة ولاية ألاسكا، التي لم يكن يُعرف عنها الكثير، ساره بالين كنائبة رئيس خلال الانتخابات. وسمح القرار ببروز "حزب حفلة الشاي (تي بارتي)" وصعود الشعبوية التي تجسدت لاحقاً بالرئيس الحالي دونالد ترامب. وهيمن الديمقراطي باراك أوباما آنذاك على المشهد في الانتخابات، ليخسر ماكين للمرة الثانية.
وحتى النهاية، بقي ماكين على قناعة بضرورة مشاركة القيم الأميركية والدفاع عنها حول العالم. وكان كثيراً ما يتوجه إلى بغداد أو كابول أو تايبيه أو كييف أثناء انتفاضتها، ليحظى باستقبال رئيس أكثر منه كنائب. وبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، أدرجت موسكو اسمه على قائمة سوداء أعدتها للرد على العقوبات التي قادتها الولايات المتحدة. وعلق هو على ذلك بالقول: "أعتقد أن هذا يعني أنني لن أتمكن من قضاء عطلة الربيع في صربيا". وعلا صوت ماكين عندما تعلق الأمر بروسيا وسوريا. لكنه كان في الواقع جنرالاً لا يملك جيشاً.
وبدا أن انتخاب ترامب ضرب عرض الحائط بكفاح ومبادئ السيناتور الجمهوري المخضرم، الذي لم يخف استياءه من نزعة رجل الأعمال الملياردير القومية والحمائية، إلى جانب مغازلته لبوتين واستخفافه الجلي بكرامة منصب الرئاسة.
ح.ز/ ع.خ (د.ب.أ / د.ب.ا)
ميركل وترامب: حرب كلامية تعكس خلافات جوهرية
"المناوشات الكلامية" بين ميركل وترامب ليست وليدة تصريحه اليوم، فمنذ دخوله البيت الأبيض والخلافات بين الطرفين قائمة بخصوص ملفات عديدة. "تويتر" شَهد على انتقادات ترامب للمستشارة الألمانية والإعلام لم يُفلت ردودها على ذلك.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
الهجوم الجديد!
شن الرئيس الأميركي مجددا هجوما حادا على ألمانيا، متهما إياها بأنها "رهينة" روسيا في امدادات الطاقة. ترامب قال إن ألمانيا تدفع مليارات الدولارات لروسيا لتأمين إمداداتها بالطاقة وعلى الولايات المتحدة الدفاع عنها في مواجهة روسيا. "كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟ هذا ليس عادلا"، يتساءل ترامب! تصريحات ترامب دفعت ميركل للرد. فماذا قالت؟
صورة من: Reuters/Y. Herman
ميركل ترد
ميركل لم تسكت عن انتقادات ترامب وقالت إن بلادها تتخذ قرارتها بشكل "مستقل". وأوضحت المستشارة الألمانية، دون الإشارة مباشرة إلى ترامب: "يمكننا اعتماد سياساتنا الخاصة ويمكننا اتخاذ قرارات مستقلة". كثيرون اعتبروا في رد ميركل وانتقاد ترامب استمرارا للحرب الكلامية التي تنم عن خلافات كثيرة بين الطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Mori
خلاف حول "نوردستريم"
من بين الخلافات الواضحة بين ميركل ونظيرها ترامب تلك المتعلقة بأنبوب الغاز "نورستريم"، ولطالما ندد الرئيس الأميركي بالمشروع الذي سيربط مباشرة روسيا بألمانيا ويطالب بالتخلي عنه. وفي هذا السياق، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس ترامب سيعقد لقاء ثنائيا مع المستشارة الألمانية على هامش قمة حلف شمال الأطلسي.
صورة من: picture alliance/dpa/S. Sauer
قمة مجموعة السبع
أثارت هذه الصورة التي تم التقاطها خلال انعقاد قمة الدول السبع الكبرى، تعليقات العالم. الصورة اعتبرها البعض دليلا على الخلاف الكبير بين ترامب ونظرائه الأوروبيين، خاصة ميركل التي ظهرت في مواجهة مباشرة معه. الرئيس الأمريكي كعادته هرع إلى "تويتر" ليعلن التراجع عن تأييده للبيان الختامي لقمة مجموعة السبع، وهو ما اعتبرته ميركل: أمرا "محبطا إلى حد ما"، حسب قولها.
صورة من: Reuters/Prime Minister's Office/A. Scotti
انتقاد سياسة ميركل للجوء
في الكثير من المرات وجه ترامب سهام النقد لألمانيا عبر تويتر، فقد سبق له أن نشر تدوينة تشير إلى ارتفاع معدلات الجريمة في ألمانيا بسبب الهجرة، مشككا في إحصاءات برلين الرسمية بشأن عدد الجريمة. ميركل ردت على هذه الانتقادات معتبرة أن الإحصائيات الحالية تشير إلى تطور إيجابي في معدل الجريمة في ألمانيا.
صورة من: Twitter/Donald J. Trump
الملف النووي الإيراني
الملف النووي الإيراني واحد من الملفات الخلافية الكبرى بين أمريكا وألمانيا ، حيث ترى ميركل في الاتفاق النووي ضمانا لعدم تطوير الأسلحة النووية الإيرانية، في حين يرى ترامب في الاتفاق أسوأ صفقة على الإطلاق. وقد زادت هوة الخلاف عمقا بعد إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، في 08 مايو/ آيار 2018.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
البيئة والمناخ
في قمة مجموعة العشرين عام 2017 واجهت ميركل مواقف ترامب "العنيدة" بشأن ملف حماية المناخ. وبعد عدة محاولات إقناع باءت بالفشل، فضلت ميركل توثيق نقاط الاختلاف حول الملف من خلال خطاب واضح. وتشكل بنوذ اتفاقية باريس خلافا آخرا بين الطرفين، إذ تراها الحكومة الألمانية خطوة مهمة في تحدي مشكلات بيئية على عكس ترامب الذي أنهى التزام بلاده بالاتفاقية.
صورة من: Reuters/P. Wojazer
حلف الناتو
ترامب ينتقد مرارا إنفاق ألمانيا العسكري المنخفض في حلف الناتو. ويرى أن ذلك لا يتناسب مع الحماية التي يقدمها الحلف لألمانيا. ويرغب ترامب في أن تستثمر برلين نسبة اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، على النحو المتفق عليه في اجتماع الناتو عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa
التجارة والرسوم الجمركية
يرى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة الأمريكية مع ألمانيا، دليل على وجود علاقات تجارية غير متكافئة بين البلدين. وندد ترامب بهذا الوضع ووهدد بفرض رسوم جمركية عقابية على واردات الصلب الأوروبي، وبالتحديد صادرات السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schrader
ترامب "يرفض" مصافحة ميركل
التقارب الذي ميز علاقات ميركل ببعض الرؤساء الأمريكيين السابقين، بدا مفقودا في أول لقاء لها مع ترامب. صحف كثيرة تحدثت عن رفض ترامب مصافحة ميركل، حتى بعد أن طلبت منه ذلك. اللقاء الذي جمع المستشارة الألمانية بنظيرها الأمريكي كان مؤشرا على بداية الخلاف بين الطرفين. رغم محاولة ترامب التصريح بعكس ذلك.
صورة من: Reuters/J. Ernst
انتقادات لاذعة
في حوار أجرته "بيلد" الألمانية و"تايمز" البريطانية، بداية 2017، انتقد ترامب سياسة ميركل للجوء، والاتحاد الأوروبي. وفي ردها على هذه الانتقادات اعتبرت ميركل أنه بوسع الاتحاد الأوروبي التصدي للإرهاب والتحديات الأخرى من خلال وحدة الاتحاد وقوته الاقتصادية . إعداد: مريم مرغيش