قبل ثمانية أعوام فقط كان كلوزه جالسا في الملعب على مقعد المشجعين يشجع ميشائيل بالاك وفريقه كايزرسلاوترن الذي فاز بنفس الموسم في بطولة ألمانيا. ولم تمر إلا سنة واحدة فقط، حتى تمكن كلوزه من القفز قفزة واحدة من الدوري الإقليمي إلى دوري المبتدئين في الفريق المذكور. وبعد عشرة شهور من ذلك خاض كلوزه أول مباراة له في الدوري الألماني. لاعب المنتخب الألماني السابق هانس بيتر بريغل يتذكر تلك الفترة ويقول عن اللاعب الشاب: "إن حقيقة تمتع كلوزه بموهبة كبيرة لم تكن خافية على أحد حتى في ذلك الحين. ولو أمعنا النظر في مسيرته الكروية لاكتشفنا أنه قد أصبح لاعبا ثابتا في الفريق بعد ثلاث أو أربع مباريات فقط. وهذه النقطة بالذات دلالة على تميز قدراته الكروية."

طريقه إلى الأعلى

وهكذا ابتدأ تألق كلوزه بسرعة هائلة: فقد سجل عام 2000 أول هدف له في دوري الدرجة الأولى الألماني، وخاض أول لعبة له مع المنتخب الألماني عام 2001 وتمكن مباشرة من تسجيل هدف له ضد المنتخب الألباني. ويعقب كلوزه نفسه على هذه المباراة قائلا: " هزني مدرب منتخبنا في ذلك الوقت رودي فولر وقال لي، عليك أن تكون جريئا وواثقا من نفسك. أما أنا فأردت فقط أن ألعب كرة قدم بشكل جيد وأن أحاول قلب مجريات المباراة سيان إن كان ذلك بتمريرة أو بهدف مني ـ وقد حالفني الحظ بذلك فعلا."

أما شهرته على الصعيد العالمي فقد اكتسبها كلوزه عام 2002 في بطولة كأس العالم في كل من اليابان وكوريا الجنوبية. وقد بدأ نجمه يصعد منذ ذلك الحين. وفي هذا الإطار تمكن من تسجيل خمسة أهداف في المونديال السابق، واحتل مع المنتخب الألماني المركز الثاني بعد البرازيل. الجدير بالذكر أن ما يميز كلوزه عن غيره من النجوم هو أن حياته الخاصة غير ملفته للنظر كما هو الحال لدى الكثير من اللاعبين، فوسائل الإعلام لا تكاد تنشر خبرا واحدا عن حياته الخاصة. أما الجمهور فلا يعرف عن كلوزه إلا قدراته الكروية ولا يرى منه سوى أدائه الرائع وأهدافه الجميلة.

كلوزه المتواضع لم ينس قريته

ميروسلاف كلوزه الذي يلعب لصالح نادي فيردر بريمن الألماني حتى في دوري أبطال أوروبا، يتسم بتواضع كبير حتى أنه لا يكاد يصدق تسلقه لسلم الشهرة بهذه السرعة التي لا تصدق، إذ يقول: " أستيقظ من نومي ليلا في كثير من الأحيان وأقول في نفسي إن نجاحي هذا لا يمكن إلا أن يكون حلما. ولكنني أصحو كل مرة لأدرك أن هذه حقيقة." ورغم شهرة النجم كلوزه وتألقه في عالم الكرة وأسره لقلوب الملايين من عشاق كرة القدم، إلا أنه لم ينس قريته الأصلية. كلوزه ذو الأصل البولندي مثل زميله الذي يشكل معه ثنائي هجوم المنتخب الألماني في المونديال الحالي لوكاس بودولسكي، ترعرع في قرية صغيرة تدعى بلاوباخ ديلكوبف في ولاية راينلاند ـ بفالتس لا يتعدى عدد سكانها 800 نسمة. وهو لا يزال يتمسك بقريته وذكرياته وأصدقاءه فيها. كما يقول جاره ماركوس: "عندما يعود ميرو إلى القرية فهو لا يتورع أبدا عن زيارتنا، بل ويأتي أحيانا إلينا ونحن نتدرب الكرة ليحيينا، فنحن كنا سابقا ولا زلنا حتى الآن مجموعة واحدة."

في أداء كلوزه شيء من أعجوبة بيرن

أسلوب كلوزه يشبه أسلوبي لاعب المنتخب الألماني السابق أوتمر فالتر الذي اشترك في مونديال عام 1954 في برن، حيث فاز المنتخب الألماني بكأس العالم آنذاك، وهو الفوز الذي يطلق عليه في الأوساط الرياضية لقب "أعجوبة بيرن". فالتر يرى أن هنالك ثمة قواسم مشتركة ما بينه وبين ميروسلاف: "أنا فخور جدا لأن أسلوب كلوزه في لعب كرة القدم يشابه أسلوبي أنا بشكل أو بآخر. وقد سبق لي قبل سنوات وأن قلت عن كلوزه إنه إذا ما استمر اللعب بهذه الطريقة فسوف يصبح ولا شك واحدا من نجوم الكرة الألمانية الكبار، وهذا ما حدث فعلا كما نرى." ولكن من أين تأتي قدرة كلوزه العظيمة في تسديد الأهداف بضربات الرأس. إنه التمرين ثم التمرين كما يقول هاينتس صاحب مقهى في القرية: " كان ميرو يمر من هنا قبل ابتداء المونديال مرتين في الأسبوع على الأقل في ساعات فراغه ليشتري من عندي زجاجة ماء ويهم عندها إلى التدرب على ضربات الرأس."

ميروسلاف كلوزه في طريقه ليصبح واحدا من أكبر نجوم الكرة على الإطلاق، فبعد أن احتل المركز الثاني في لائحة الهدافين في المونديال السابق بعد النجم البرازيلي رونالدو يتصدر الآن المركز الأول في مونديال ألمانيا بأربعة أهداف. ما حققه كلوزه في هذه الفترة القصيرة من شهرة ونجاح يشابه الأحلام فعلا.

دويتشه فيله / فيليكس مانزل (م.ح)