يشكل الاحتفال السنوي بعيد ميلاد ميناء هامبورغ أحد أهم الأحداث التي تعيشها المدينة، وبهذه المناسبة يتوافد عليها حشود من المهتمين والزوار ليعيشوا هذا الحدث المميز. ففي عام 2006 وفد إليها مليون ونصف المليون شخص وهذه السنة يقدر عدد الزوار بمليون شخص. وتعود ساعة ميلاد الميناء إلى تاريخ السابع من أيار/ مايو من عام 1189، أي قبل 820 سنة وهو اليوم الذي كان فيه القيصر فريدريش بارباروسا قد منح هامبورغ امتيازاً خاصاً سُمح بموجبه لأبناء المدينة بنقل سلعهم وطواقمهم من البحر إلى بر المدينة بكل حرية ودون دفع رسوم جمركية.

شكوك وتزوير

وفي ظل هذه الحماية القيصرية طورت هامبورغ قطاعها التجاري بشكل واسع وعززت مركزها بين الموانئ العالمية. لكن المؤرخين اكتشفوا فيما بعد وبالتحديد في عام 1882 أن وثيقة الامتياز مزورة. وفي هذا السياق أوضح مدير أرشيف المدينة، هانس ديتر لوزه، أن الامتياز يحمل تاريخ السابع من أيار/مايو من عام 1189، لكنه يعود في الحقيقة إلى ستينيات القرن الثالث عشر. وأضاف أنه في ذلك الوقت نشب خلاف بين هامبورغ وأسقف مدينة بريمن حول رسوم المرور في نهر الالبا. وفي ضوء مطلب الأسقف بأن يرى وثيقة تنظم ذلك، اضطر المسؤولون في هامبورغ إلى الإتيان بالبرهان على وجود مثل هذه الوثيقة، حيث قام كاتب المدينة الرسمي بإصدارها.

تحري الحقيقة...

لكن المؤرخين بدأوا منذ القرن التاسع عشر في الشك في أصالة الوثيقة، ما أثار دهشتهم عندئذ أن مكان الإصدار المدون فوق الامتياز القيصري هو مدينة Neunburg على الدانوب، بينما كان من المعروف من مصادر أخرى أن القيصر بارباروسا لم يكن في اليوم الذي تم فيه التوقيع على الوثيقة موجوداً في Neunburg وإنما في Regensburg ، حيث كان يستعد لحملة صليبية ثالثة من أجل تحرير الأرض المقدسة. كما أن الأمر الذي أثار شكوك المؤرخين هو أن كاتب المدينة أخطأ في الختم، فالوثيقة لا تحمل ختم القيصر بارباروسا، وإنما ختم حفيده فريدرش الثاني.

حركة سياحية نشطة....

وعلى الرغم من أن الميناء كان عصب الحياة الأساسي لمدينة هامبورغ منذ قرون فإن الفضل في الفوائد التجارية والسياحية للاحتفال السنوي بعيد ميلاد الميناء يعود إلى مهارة القائمين على هذه الاحتفالات الذين يرغبون في أن تلحق مدينتهم بركب السياحة العالمية. وقد استعدت هامبورغ لاستقبال زوارها على أفضل وجه وقامت بالترويج لمينائها على نطاق واسع وبالدعاية لعيد ميلاد الميناء كيوم فرح ومرح ومغامرات تحت شعار"هامبورغ بوابة على العالم". وبهذه المناسبة تتوجه الأنظار أيضاً إلى تمثال الدوق Adolf von Schauenburg الذي يشمخ فوق أحد جسور الميناء، وهو الدوق الذي كانت قد خطرت له الفكرة الرائعة بتأمين تلك الوثيقة في السابع من أيار/ مايو عام 1189 والتي كانت بادرة انطلاق ازدهار متواصل لميناء مدينة هامبورغ.

الكاتب: ميشايل مارك/ منى صالح

تحرير: هشام العدم