"مِن صُنع الإنسان"؟.. دور البشر في التسبب بموجات الحر الشديد
٢٧ يوليو ٢٠٢٣
درجات حرارة قياسية وظواهر جوية متطرفة شهدتها مناطق مختلفة حول العالم خلال شهر يوليو/ تموز الحالي. فما الذي سرع من تغير المناخ؟ وهل للإنسان يد في ذلك؟ دراسة حديثة ألقت الضوء على الموضوع.
إعلان
دونت سجلات درجات الحرارة أرقاماً قياسية بشكل استثنائي في عدة مناطق حول العالم خلال الشهر الحالي. فقد تم تسجيل أكثر من 50 درجة مئوية في وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأمريكية وشمال غرب الصين. كما شهدت منطقة كاتالونيا الإسبانية أكثر الأيام حرارة خلال يوليو/ تموز.
وفي تونس اقتربت الحرارة يوم الاثنين (24 يوليو/ تموز 2023) من 50 درجة حتى في شمال البلاد، بزيادة تتراوح بين ستّ وعشر درجات عن المعدل الموسمي، ما تسبب في انقطاع الكهرباء ويدفع عائلات للنوم على الشواطئ. كماوضعت السلطات في حالة تأهب في الجزائر المجاورة أيضا، حيث قد تصل الحرارة إلى 48 درجة.
وفق دراسة نشرتها الشبكة العالمية "World Weather Attributio، نقلاً عن موقع "فوكوس: الألماني، في الولايات المتحدة وحدها، تأثر 100 مليون شخص بموجات الحر الشديدة وسجلت الآلاف من الأمراض المرتبطة بالحرارة هناك. ولقي العشرات حتفهم نتيجة للحرارة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. في المكسيك، أدت درجات الحرارة القصوى في يوليو/ تموز إلى مقتل أكثر من 200 شخص.وتسببت الظواهر الجوية المتطرفة خلال شهر يوليو /تموز في أضرار بأنحاء الكوكب مع بلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية في الصين والولايات المتحدة وجنوب أوروبا وانتشار حرائق الغاباتونقص المياه وارتفاع حالات دخول المستشفيات بسبب الحر الشديد. وفي مطلع هذا الأسبوع، جرى إجلاء مئات السائحين من جزيرة رودس اليونانية هربا من حرائق الغابات التي سببتها موجة حارة قياسية.
البحث في قوة تحمل البشر لدرجات الحرارة العالية
02:36
هل فات الأوان للحد من العواقب؟
خلص تقييم العلماء الذي نشر يوم الثلاثاء (24 يوليو/ تموز 2023) إلى أن تغير المناخ بسبب نشاط الإنسان لعب دورا "مؤثرا دون شك" في موجات الحر الشديد التي اجتاحت أمريكا الشمالية وأوروبا والصين هذا الشهر.وتشير دراسة أعدها فريق إسناد الطقس في العالم، وهو فريق عالمي من العلماء الذين يبحثون في علاقة تغير المناخ بالظواهر الجوية المتطرفة، إلى أنه لولا تغير المناخ بفعل نشاط البشر لكانت تلك الظواهر هذا الشهر "نادرة للغاية". وقال عز الدين بينتو من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية، الذي شارك في إجراء الدراسة، خلال إفادة للصحفيين "كان من المستحيل عمليا ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا وأمريكا الشمالية دون تأثيرات التغير المناخي". وأضاف "في الصين أصبح الأمر أقرب للحدوث 50 مرة مقارنة بالسابق". وبحسب تقدير فريق إسناد الطقس في العالم، فإن ارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري رفعت درجة حرارة موجة الحر الأوروبية 2.5 درجة مئوية عما كانت عليه، كما أدى لارتفاع موجة الحر في أمريكا الشمالية درجتين مئويتين وفي الصين درجة مئوية واحدة.
من جانبها أوضحت خبيرة المناخ، فريدريكه أوتو، من إمبريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن أن نتيجة الدراسة ليست مفاجئة: "لم يتوقف العالم عن حرق الوقود الأحفوري وأصبحت عواقب تغير المناخ، منها موجات الحر أكثر حدة". لكنها شددت أيضا على أنه لم يفت الأوان على خلق "مستقبل آمن وصحي". ولكن لكي يحدث هذا ، يجب وقف استخدام الوقود الأحفوري على وجه السرعة.
إ.م
جفاف وحرائق.. ماذا حل بالوجهات السياحية في أوروبا؟
وصلت درجات الحرارة إلى نحو 40 مئوية في بعض مناطق القارة الأوروبية، ما أدى إلى حرائق في الغابات وجفاف في الأنهار ونقص المياه. وهو ما أثر سلباً على المناطق السياحية في أوروبا.
صورة من: EUROPA PRESS/dpa/picture alliance
ألمانيا
صورة لوادي الراين الأوسط في شهر أغسطس/آب، وهو موقع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، ونقطة جذب كبيرة للزوار. يضيق نهر الراين وينخفض مستواه إلى أقل من 40 سم في بعض المناطق. تعمل شركات الشحن فقط بأحمال مخفضة، ولم يعد بإمكان سفن الركاب التوجه إلى جميع المواقع. كما تتوقف العبارات عن العمل ومعها الرحلات النهرية، ويضطر السكان والمصطافون إلى سلوك طرق طويلة للعبور إلى الجهة الأخرى من نهر الراين.
صورة من: Sascha Ditscher/IMAGO
إسبانيا
الأرض جافة جداً، شرارة واحد قد تكفي لبدء الجحيم. تستعر أسوأ حرائق الغابات منذ بدء تسجيل درجات الحرارة العالية في إسبانيا. سواء في مدن كفالنسيا، أليكانتي، مرسيا - فرق مكافحة الحرائق في عمل مستمر. تم إجلاء الآلاف من السكان - بما في ذلك السياح. وتتأثر بشكل خاص مناطق الأندلس السياحية في الجنوب وكاتالونيا وأراغون في الشمال الشرقي.
صورة من: Europa Press/picture alliance
فرنسا
في فرنسا أيضاً، بلغ الجفاف أبعاداً تاريخية. هناك حرائق في جميع أنحاء البلاد. وقعت عدة مرات على ساحل المحيط الأطلسي، الذي يشتهر بمناطقه السياحية، وخاصة في مقاطعة جيروند. وتم إجلاء آلاف السياح وأغلقت الطرق السريعة. ووقعت غابة شهيرة في منطقة دون دي بيلات يبلغ عمرها ألف عام، وتقع قرب آركاشون، ضحية للنيران.
صورة من: Guillaume Bonnaud/Photopqr/MAXPPP/picture alliance
البرتغال
منطقة الغارف هي نقطة جذب سياحي في البرتغال. وفيها مسابح فندقية مملوءة بالسياح الذين يستهلكون الكثير من المياه الحيوية في البلاد. لكن اقتصاد البرتغال يعتمد على السياحة، وهو ما شكل معضلة، لأن البلاد شديدة الجفاف وفيها المياه نادرة. وكان على الفنادق في الغارف أن تقلل من استهلاكها للمياه. وأن تبقى عاملة في نفس الوقت وهو تحد يجب أن تواجهه في الأسابيع والأشهر القادمة.
صورة من: Pedro Fiuza/ Xinhua News Agency/picture alliance
النمسا
يستمتع سياح في فيينا بنوافير المياه بعد أن وصلت درجة الحرارة إلى 39 مئوية. فيينا هي واحدة من أكثر المدن خضرة في أوروبا هي أيضًا نقطة ساخنة لتغير المناخ، لأن الحرارة تتراكم فيها بشكل غير متناسب. لذلك أطلقت المدينة خطة عمل بشأن تخفيض الحرارة - لا تشمل فقط نوافير "الاستحمام بالضباب" في شوارع المدينة، ولكن أيضاً "مناطق التبريد" ونوافير الشرب وزرع المزيد من الأشجار.
صورة من: Georg Hochmuth/APA/picture alliance
اليونان
سواء بالقرب من أثينا أو في الجزر السياحية في كريت أو ليسبوس – تشهد اليونان بأكملها حرائق مستعرة: في ليسبوس، في نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، تشق النار طريقها إلى منتجع الاستحمام في فاتيرا، يبحث الناس عن ملجأ على الشاطئ ويتم انقاذهم من قبل خفر السواحل. لا يزال خطر نشوب الحرائق في جميع أنحاء البلاد قائماً.
صورة من: Eurokinissi/ZUMA Wire/picture alliance
كرواتيا
تم حجز جولة إرشادية في مدينة دوبروفنيك وظلت الجولة قائمة رغم وصول درجة الحرارة إلى 43 مئوية. لا أحد يبدو عليه بأنه يشعر بعدم الراحة رغم ارتفاع درجة الحرارة. في كل مكان في مناطق العطلات في أوروبا، تُبذل محاولات لإبقاء السائحين سعداء، وهم، من جانبهم، يبذلون قصارى جهدهم لتجاهل الطقس المتطرف وعواقبه. ويستمتعون بإجازتهم بطرقهم الخاصة.
صورة من: Grgo Jelavic/Pixsell/picture alliance
هولندا
في أمستردام، يفر الناس من الحر إلى البحر - أو إلى نهر أمستل. لكن في هولندا تعاني الأنهار أيضا من الجفاف، وتنخفض المستويات في كل مكان، وتتغلغل مياه البحر المالحة في مجاري المياه. ومع ذلك، فإن الأكثر إثارة للقلق هي السدود التي تحمي 60 بالمئة من أراضي هولندا من الفيضانات، إذ أصبحت غير مستقرة بسبب الجفاف.
صورة من: Ramon van Flymen/ANP/picture alliance
إيطاليا
الطقس القاسي يشوه المناظر الطبيعية. تأثرت بحيرة جاردا، إحدى النقاط السياحية المزدحمة في شمال إيطاليا، بذلك أيضا وسجلت أدنى مستوى للمياه في 15 عاماً. تظهر الصخور العارية حول شبه جزيرة سيرميوني، ولا يتعرف السياح على شواطئهم المعتادة، وتختفي خلجان الاستحمام بأكملها. لا تزال الإجازات ممكنة، حسب كلام المسؤولين. لكن هل يمكن أن تكون الإجازات مع هذا الطقس مريحة؟
صورة من: Antonio Calanni/AP/picture alliance
سويسرا
رغم محاولات حفظ آخر ما تبقى من الجليد من الشتاء المنصرم في ممر زانفلويرون في جبال الألب، إلا أنه ولأول مرة منذ فترة طويلة أصبحت المنطقة خالية تقريباً من الجليد. يتوقع علماء الجليد أن تصبح الصخور عارية بنهاية سبتمبر/ أيلول القادم. في عام 2012، بلغ سمك الجليد هنا 15 متراً. سيتم تكوين بحيرة من المياه الذائبة - كما هو الحال في أماكن أخرى في جبال الألب.
صورة من: Jean-Christophe Bott/KEYSTONE/picture alliance
بريطانيا
هل هذه الصورة حقا للعاصمة البريطانية لندن؟ الحدائق جافة جداً وصفراء بدلاً من اللون الأخضر المميز لها. وفي شوارع وحدائق لندن بالكاد ترى أحداً. الطقس حار جدا ودرجات الحرارة كسرت حاجز 40 درجة مئوية في يوليو. تم إعلان حالة الطوارئ بسبب الطقس، تلتها حالة طوارئ بسبب الجفاف في أجزاء كبيرة من البلاد في أغسطس: وهذا يعني لا يسمح بملء حمامات السباحة ولا سقي العشب ولا يمكن غسل السيارات. آنه تيرميشي/زمن البدري
صورة من: Dominic Lipinski/PA wire/picture alliance