نائب بان كي مون لـ DW: اللاجئون طاقة كامنة تحتاجها أوروبا
١ مايو ٢٠١٦DW: سيد إلياسون، أوروبا تواجه صعوبات جمة في التعامل مع أزمة الهجرة. من وجهة نظرك العالمية، هل تقوم أوروبا بما فيه الكفاية تجاه اللاجئين؟
يان إلياسون: نحن نعلم بأن ذلك يشكل تحدياً هائلاً للدول الأوروبية. لكن يجب أن ندرك بالطبع أن هذه قضية عالمية. هناك الملايين من النازحين حول العالم. كما يجب أن ندرك بأن معظم اللاجئين والمهاجرين كانوا يعيشون في دول فقيرة للغاية، ناهيك عن الضغط الهائل الذي تتعرض له دول مضيفة كلبنان والأردن وتركيا. إلى ذلك، علينا أن نعي أن العبء الأكبر يقع دوماً على كاهل الدول المجاورة لبؤر الصراع. نأمل في أن يوحد الاتحاد الأوروبي موقفه من الهجرة، بالإضافة إلى إيجاد سبل قانونية وهيكلية يمكن من خلالها تجنب هذه الكوارث البشرية وغرق الناس في البحر المتوسط. نحن نساعد قدر الإمكان من خلال مؤسساتنا، لاسيما مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين. لكننا نريد أن نذكر العالم بالوعود الأساسية التي قطعت في اتفاقيات جنيف عام 1952، والمتصلة بالتضامن البشري.
لقد أعربت منظمتكم – المفوضية العليا لشؤون اللاجئين – عن قلق حيال الصفقة التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تركيا بخصوص اللاجئين. هذه الصفقة ستبقي اللاجئين فعلياً في تركيا. كيف كان رد الاتحاد الأوروبي على الانتقادات؟ هل أنت راض؟
هذا اتفاق هام للغاية نأمل أن يقود إلى وضع أفضل وتهريب أقل للبشر وسبل غير قانونية أقل لدخول أوروبا. لكننا بحاجة أيضاً إلى التذكير بضرورة وجود تقييم فردي لحالة كل لاجئ أو مهاجر وأسباب تقديمه لطلب لجوء. كما أن هناك حاجة إلى إرساء شروط يمكن بموجبها ترحيل من لم تقبل طلباتهم إلى بلدان آمنة. هناك تقارير حول إعادة تركيا لعدد من السوريين إلى بلدهم. لم نقم بعد بتأكيد هذه التقارير، إلا أن ذلك سيكون أمراً جدياً للغاية. لكنني أعتقد أن من المهم أن نقوم بالتمسك بأكبر قدر ممكن من الالتزامات الواردة في اتفاقات جنيف والمبادئ الأساسية المتمثلة في تقديم المساعدة لمن هم بحاجة لها.
تستضيف الأمم المتحدة محادثات السلام في سوريا حالياً. ما الذي تتوقعه من الأوروبيين كي يسهلوا هذه العملية؟ هل يمكنهم تقديم مساعدات أكثر لدول الجوار؟ هل يمكنهم الدفع بمزيد من الجنود؟ هل تتوقع التزاماً عسكرياً أكبر؟
أعتقد أن هناك حاجة لمساعدة دول الجوار. لقد زرت لبنان مرتين، وثلث من يعيشون هناك حالياً أتوا من سوريا. إنه عبء كبير على المدارس والنظام الصحي وسوق العمل هناك. لذلك، أرى بأن علينا إظهار التضامن مع الأردن ولبنان، بالإضافة إلى تقديم المساعدة لتركيا.
لكن فيما يتعلق بمحادثات السلام، من المهم على جميع الأطراف الالتزام بهدف الوصول إلى وقف للأعمال العدائية. وإذا لم يجد ذلك، سنضطر إلى مواجهة وضع سيء للغاية. فقد منعنا ذلك من القيام بما نقوم به، ألا وهو إنقاذ حياة البشر. لقد أنقذنا ما بين 400 و500 ألف شخص كانوا يعيشون حصاراً مطبقاً وتجويعاً متعمداً. لكن هذه الجهود باتت أصعب من ذي قبل بسبب القتال المتواصل في حلب وإدلب ودمشق. آمل أن تبذل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ودول الجوار أيضاً، كل جهدها وتستخدم نفوذها من أجل دفع أطراف الصراع إلى العودة إلى الوضع الهادئ الذي عشناه من قبل لثمانية أسابيع. يجب أن نستمر على الدرب السياسي.
بالتزامن مع أزمة اللاجئين في أوروبا، هناك أيضاً صعود لشعبية الأحزاب اليمينية الشعبوية، والتي يعارض أغلبها استقبال لاجئين. كما أن العودة إلى القومية تتصاعد أيضاً، لدرجة أن بريطانيا باتت تفكر في الخروج من الاتحاد الأوروبي، فهل أنت قلق على وضع الاتحاد؟
أنا قلق بشأن التوجه الذي ينظر إلى اللاجئين كمشكلة وليس كطاقة كامنة، وهذا ما نشهده، ليس فقط في أوروبا، بل في مناطق أخرى حول العالم. هناك سياق سلبي يحيط باللاجئين والمهاجرين، خاصة إذا ما تم ربطهم بقضية الإرهاب. ولأنني خدمت في منصبي هذا لفترة طويلة، فإنني أدرك الظروف المحيطة بفرارهم. إن ربطهم بالإرهاب في بعض الأحيان يضرّ بهم كثيراً. وأنا قريب من الرأي العام في أوروبا، فقد كنت سابقاً وزير خارجية السويد، ولذلك أعلم ماهية المزاج العام في أوروبا والعالم. أعتقد أن علينا أن نعود إلى موقف محايد، بل وإيجابي فيما يخص اللاجئين والمهاجرين. النمو الاقتصادي سيعتمد بشكل كبير على مساهمة المهاجرين في مجتمعاتنا. كما أن النمو الديمغرافي والسكاني سيتوقف إذا توقفت الهجرة إلى بلداننا. إضافة إلى أن الأموال التي يرسلها المهاجرون إلى أوطانهم تشكل ضعف المساعدات التنموية التي تقدمها دولنا لتلك البلدان.
وعلى الصعيد الشخصي، دعني أقول بأن علينا العودة إلى جمال التنوع. لدينا في دولنا ثقافات مختلفة وأناس ذوو خلفيات متنوعة، وهذا صحي وحيوي بالنسبة لكل مجتمع. أعتقد أن هناك حاجة لمؤتمر أممي نخطط لإقامته في سبتمبر/ أيلول لإرسال رسالة وتصحيح النظرة السلبية. أعلم أن الذين يشعرون بالخوف يبحثون عن حلول سهلة وقصيرة الأمد. لكن هذه الحلول لن تفيد. إنها لا تفيد. يمكننا إيجاد حل عندما نعمل سوياً ونتقبل التنوع.
*يشغل يان إلياسون (75عاما) منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة منذ عام 2012، وكان قبلها قد شغل لفترة وجيزة منصب وزير خارجية السويد، بالإضافة إلى عدد من المناصب الرفيعة في الأمم المتحدة. كما أنه المبعوث الخاص إلى إقليم دارفور في السودان.