ناجون تحدثوا لـ DW عربية عن كارثة الزلزال وعواقبه في سوريا
٦ فبراير ٢٠٢٣
خلف الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا بقوة، آلاف القتلى والجرحى ودمارا هائلا. ناجون وعمال إغاثة تحدثوا لـ DW عربية عن هول الكارثة وما خلفته من دمار وخراب، فاقمه الوضع المأساوي أصلا في تلك المناطق.
إعلان
فيما كان غارقا في نومه داخل بيته بمدينة سرمدا بريف إدلب شمال غرب سوريا، فزع إسماعيل العبدالله على مشهد مروع لم يشاهده في حياته رغم أنه يعيش في مدينة شهدت غارات وقصفا من قبل.
وقال في مقابلة مع DW عربية من سرمدا "حدث الزلزال وأنا في بيتي، جميع الأشياء كانت تهتز كل شيء السقف والجدران. ومن شدة قوة الزالزال، انكسر الزجاج وكل شيء". وأضاف "خرجت من المنزل ونجوت من الزالزل، لكن ما إن هرعت إلى الشارع فوجئت بأن المنزل القريب من بيتي قد سقط على رؤوس قاطنيه ودُمر بالكامل، كان في المنزل 15 شخصا".
والزلزال العنيف بلغت قوته 7,8 درجات حيث كان مركزه في محافظة قرهمان مرعش جنوب شرق تركيا امتد إلى شمال غرب سوريا وأسفر عن مقتل وإصابة الآلاف في كلا البلدين، فيما يجري البحث عن ناجين محاصرين تحت الأنقاض.
وفي مناطق سيطرة الحكومة السورية، سجلت معظم الإصابات في حلب واللاذقية وطرطوس وحماة مع خروج مئات الأسر من منازلها إلى الطرقات خوفا من تداعيات هزات ارتدادية.
"كابوس"
وفي مدينة حمص الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، قالت شاهدة عيان - طلبت عدم الكشف عن هويتها – في مقابلة مع DW عربية إن الأمر كان "أشبه بالكابوس". وأضافت "كنت في المنزل نائمة أنا وعائلتي، استيقظنا مرعوبين من الزلزال.. كان المنزل يهتز والأبواب والنوافذ. كل أهل حمص هرعوا إلى الشوارع في حالة خوف شديد".
"الوضع كارثي"
لكن في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والمعارضة في شمال وشمال غرب سوريا، كان الوضع قاسيا ومرعبا حيث انهمك عمال الإغاثة في نقل المصابين وانتشال الضحايا من تحت ركام الأبنية.
ويصف إسماعيل الذي يعمل متطوعا في منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة)، الدقائق الأولى عقب الزلزال بـ "الكارثية". وقال في مقابلة مع DW عربية "حاولنا ولا نزال نحاول إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، لكن الوضع كارثي. نحن في حاجة إلى جهود جبارة وجهود دولية حتى نتمكن من نقل الناس".
وأعلنت "الخوذ البيضاء" المنطقة "منكوبة بالكامل، داعية المنظمات المحلية الى استنفار كوادرها وتقاسم العمل وسط ظروف مناخية قاسية".
ونشرت المنظمة صورا ومقاطع فيديو تظهر عناصرها وهم ينقلون ضحايا وخلفهم أبنية انهارت أو تضررت بشكل كبير، داعية "جميع المنظمات الإنسانية الدولية إلى التدخل السريع لإغاثة المنكوبين وتلبية احتياجاتهم".
"المنازل مدمرة قبل الزلزال"
وعلى وقع الزالزال، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالصور والمقاطع المصورة التي تُظهر المشاهد المروعة لسقوط المباني وإخراج الضحايا من تحت الأنقاض خاصة في الشمال السوري.
وحاول كثيرون من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي توثيق مشاهد صادمة تبرز فداحة وضراوة كارثة الزلزال عبر وسوم مثل #زلزال_سوريا و #زلزال_سوريا_المدمر
ويقول إسماعيل، المتطوع في منظمة "الخوذ البيضاء" بإدلب، إن أغلب المباني التي انهارت بسبب الزلزال جراء تصدعها "كانت مدمرة جزئيا مسبقا بسبب القصف".
ودفعت أزمة النزوح الناتجة من النزاع المستمر منذ العام 2011، بالكثير من العائلات إلى اللجوء إلى مبان متضررة أو شبه مدمرة أو تفتقر الى البنى التحتية والخدمات الأساسية، فيما تتعرض المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة للقصف أحيانا.
"جهود الإنقاذ أكثر خطورة"
بدورها، أكدت آنا فلايشر، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول في بيروت، أن أعمال القصف التي تعرضت لها مناطق شمال سوريا، جعلت "جهود الإنقاذ أكثر خطورة".
وفي مقابلة مع DW عربية، قالت "من الصعب بشكل خاص إنقاذ الناس من تحت الأنقاض لأن الوضع خطير جدا لأن العديد من المباني قد دمرت بالفعل أو تضررت من جراء القصف. يمكن أن تنهار المباني الآن من توابع الزلزال". وأضافت "الافتقار إلى البنية التحتية العامة مثل المستشفيات يجعل جهود الإغاثة مهمة صعبة للغاية".
وتشير تقديرات مختلفة إلى أن عدد سكان إدلب يبلغ قرابة أربعة ملايين شخص، بينهم أكثر من 1,7 مليون شخص يعيشون في مخيمات النازحين. فيما يعتمد معظم السكان على المساعدات الإنسانية التي يأتي جُلها عبر معبر "باب الهوى" على الحدود مع تركيا.
بيد أن الزلزال من شأنه أن يفاقم الأوضاع المعيشية لسكان إدلب في ظل النقص الحاد في المساعدات الإنسانية قبل وقوع الكارثة، وهو ما يمثل عبئا ضخما على كاهل إسماعيل وغيره من المتطوعين.
وفي ذلك، تقول فلايشر إن "المنظمات الإغاثية في شمال سوريا باتت الآن في حاجة إلى تمويل طارئ عاجل من أجل إنقاذ المتضررين من الزلزال مع ضمان التأكد من أن جميع جهود الإغاثة متاحة للمناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد". وتضيف "يجب أن يكون هناك وقف فوري لعمليات القصف من قبل الجيشين السوري والروسي من أجل عدم تفاقم الوضع الكارثي بالفعل للمدنيين".
من جانبه، أكد إسماعيل على أن الوضع في إدلب قبل الزلزال "في غاية الصعوبة" وهو الأمر الذي فاقم الوضع بعد الكارثة. وقال "قبل الزلزال، كان الكثيرون يفتقدون إلى الأمن الغذائي وإلى أماكن آمنة وحتى مياه صالحة للشرب ... الناس قبل الزلزال كانوا يفتقدون كل شيء، فكيف الآن؟".
محمد فرحان
مشاهد من الزلزال المدمر في جنوب تركيا وشمال سوريا
لا يمكن بعد توقع الحجم الكامل للكارثة، فعدد القتلى والجرحى يتزايد ويتزايد. والمساعدات في طريقها لتركيا وسوريا بعدما ضرب زلزال مدمر منطقة جنوب شرق تركيا وشمالي سوريا موقعا آلافا من القتلى والجرحي وأضرارا كبيرة في البلدين.
صورة من: Louai Beshar/AFP
حجم الكارثة لا يمكن معرفته الآن
بقوة 7,8 درجات على مقياس ريختر وعلى عمق حوالى 17,9 كيلومترا، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ضرب زلزال مرعب منطقة جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين (6 فبراير/ شباط 2023)، ما أسفر عن دمار شديد ومقتل أكثر من 2700 شخص في البلدين، بحسب معطيات غير نهائية مساء الاثنين. ولا تكفّ الحصيلة عن الارتفاع، إذ لا يزال عدد كبير جداً من الأشخاص تحت الأنقاض.
صورة من: Mahmut Bozarslan/AP Photo/picture alliance
الزلزال يباغت الناس في نومهم
وقع الزلزال والناس نياما، عند الساعة 04:17 بالتوقيت المحلي (01,17 بتوقيت غرنيتش). وكان مركزه في منطقة بازارجيك بمحافظة قهرمان مرعش على بعد 60 كيلومترا من الحدود السورية. وأعقبه عشرات الهزات الارتدادية، ثم ضرب زلزال جديد بقوة 7,5 درجات عند الساعة 10,24 بتوقيت غرينتش جنوب شرق تركيا. وشعر بالزلزال سكان في كل من لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية واليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا والعراق وبعض مناطق مصر .
صورة من: Erkan Kama/AA/picture alliance
أردوغان يعلن الحداد العام
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحداد العام في عموم البلاد لمدة 7 أيام. وجاء في التعميم الذي وقع عليه أردوغان، مساء الاثنين: "نتيجة الزلازل التي ضربت بلدنا في 6 شباط/ فبراير 2023، تقرر الحداد الوطني لمدة 7 أيام، وتنكيس الأعلام داخل البلاد وفي الممثليات الخارجية حتى الأحد 12 فبراير"، وفقا لوكالة أنباء الأناضول التركية.
صورة من: Depo Photos/ABACA/picture alliance
"أقوى" زلزال في سوريا منذ نحو 30 عاما
وفي سوريا المجاورة تسبب الزلزال في سقوط أبنية في محافظات عدة على رؤوس قاطنيها، بينما لا تزال المئات من العائلات تحت الأنقاض. وتعلن الحكومة السورية تباعاً عن عدد الضحايا فيما تستمر عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض. ونقل عن مدير عام المركز الوطني لرصد الزلازل رائد أحمد قوله "هذا الزلزال هو الأقوى... منذ العام 1995".
صورة من: Omar Albam
حصيلة ضخمة مؤقتة في سوريا للضحايا
وفي أنحاء سوريا قتل 1300 شخص على الأقل جراء الزلزال، في حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة السورية وفرق إغاثة. وأعلنت وزارة الصحة مقتل 593 وإصابة 1411 آخرين في حصيلة غير نهائية في مناطق سيطرة الحكومة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس. كما أفادت منظمة الخوذ البيضاء العاملة في مناطق الشمال الخارجة عن سيطرة دمشق بمقتل 700 شخص وإصابة أكثر من ألفين آخرين. فيما تستمر عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض.
صورة من: Louai Beshar/AFP
استغاثة الخوذ البيضاء بمناطق المعارضة
وفي مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والمعارضة بشمال وشمال غرب سوريا، رجّحت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق) "ارتفاع عدد الوفيات بشكل كبير لوجود مئات العائلات تحت الأنقاض". ودعت المنظمة وسط ظروف مناخية قاسية "جميع المنظمات الإنسانية الدولية إلى التدخل السريع لإغاثة المنكوبين وتلبية احتياجاتهم".
صورة من: Mohammed Al-Rifai/AFP
أوضاع كارثية وتصدع آلاف المباني
سنوات الحرب الطويلة تسببت في تصدّع آلاف الأبنية في محافظات عدة خصوصاً تلك التي شهدت معارك ضارية وقصفاً جوياً. ودفعت موجات النزوح المتكررة والفقر المدقع سوريين كثر إلى السكن في مباني متضررة أو شبه مدمرة. وتشهد مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في إدلب وحلب أوضاعا كارثية وعائلات تنتظر سماع أخبار عن أفرادها، بينما انهمك عمال الإغاثة في نقل المصابين وانتشال الضحايا من تحت ركام الأبنية.
صورة من: Ghaith Alsayed/AP Photo/picture alliance
قلعة حلب ومواقع آثارية تتعرض للضرر
وفي حلب، ثاني مدن سوريا، بقيت عشرات العائلات منذ وقوع الزلزال فجرًا في الحدائق العامة رغم تساقط أمطار غزيرة، خشية حصول هزات ارتدادية. وتضرّرت قلعة حلب وعدد من المواقع الأثرية الأخرى، وفقاً للمديرية العامة للآثار والمتاحف.
صورة من: AFP
شولتس "مصدوم" ويقدم مساعدات
وغرّد المستشار الألماني أولاف شولتس (أرشيفية) على تويتر: "نتابع الأنباء عن الزلزال في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وسط حالة من الصدمة .. نحن نحزن مع الأقارب ونقلق مع المدفونين (تحت الأنقاض). وسترسل ألمانيا مساعدة بالطبع". أما وزيرة الخارجية بيربوك فكتبت: "استيقظنا على أخبار مروعة من تركيا و سوريا. خواطري مع أقارب ضحايا هذا الزلزال المرعب.. سنرسل على وجه السرعة مساعدات بالتعاون مع شركائنا".
صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
ماكرون: صور فظيعة من تركيا وسوريا
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا "مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان" في تركيا وسوريا. وكتب ماكرون الاثنين في تغريدة "تردنا صور فظيعة من تركيا وسوريا بعد زلزال بقوة غير مسبوقة. نتعاطف مع العائلات التي خسرت أفرادا". (صورة من الأرشيف)
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
الاتحاد الأوروبي يرسل فرق إنقاذ
وأرسل الاتحاد الأوروبي فرق إنقاذ إلى تركيا، وكتب المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات يانيش لينارسيتش على تويتر: "إثر الزلزال الذي وقع في تركيا فعلّنا آلية الدفاع المدني في الاتحاد الأوروبي (..) وتوجهت فرق من هولندا ورومانيا" للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ. وأوضح ناطق باسم المفوضية الأوروبية أن هذه المساعدة تأتي بناء على طلب من تركيا.
صورة من: IHA agency via AP/picture alliance
حلفاء الناتو يحشدون الدعم لتركيا
وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، عن تضامنه وأعلن الدعم للدولة العضو تركيا بعدما ضربها زلزال مدمر. وكتب ستولتنبرغ على تويتر "التضامن الكامل مع الحليف تركيا عقب هذا الزلزال المريع". وأضاف "يحشد حلفاء الناتو الدعم"، مشيرا إلى أنه تواصل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو.
صورة من: Stoyan Nenov/REUTERS
بوتين مستعد لمساعدة سوريا وتركيا
وعرض الرئيس فلاديمير بوتين تقديم مساعدة لسوريا وتركيا. ولروسيا وجود عسكري قوي في سوريا، وبوتين حليف وثيق للأسد وله علاقة قوية مع أردوغان. وذكر بوتين برسالته لأردوغان "تقبلوا خالص عزائنا في الضحايا والدمار واسع النطاق... نحن مستعدون لتوفير المساعدة الضرورية في هذا الشأن". وفي رسالة مماثلة، أبلغ بوتين نظيره السوري أن روسيا تشاطر "من فقدوا أحباءهم الحزن والألم"، مضيفا أن موسكو مستعدة لتقديم المساعدة.
صورة من: Reuters/Sputnik/M. Klimentyev
أبو الغيط يدعو لتقديم الإغاثة بعيدا عن التسيس
كما دعا أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المجتمع الدولي إلى تقديم الإغاثة الطارئة للمناطق المنكوبة في الشمال السوري. وقال المتحدث الرسمي باسمه في بيان: إن أبو الغيط أعرب عن تعازيه لأسر الضحايا وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين في سوريا وتركيا. وأضاف أن الجامعة تناشد منظمات الإغاثة الدولية والإنسانية بالتحرك الفوري لمواجهة تداعيات هذه الكارثة من منظور إنساني بعيدا عن أي تسييس. صلاح شرارة