عائلة سوري مات عطشا بالجزائر: "نادمون على إرساله إلى أوروبا"
١٠ يوليو ٢٠٢٤شعور بالصدمة والحزن ساد لدى عائلة الشاب السوري عيسى شريف بعد أن رأت اسمه بين قائمة السوريين الذين لقوا حتفهم عطشا في صحراء ولاية إليزي الجزائرية قبل أيام.
وفي مقابلة مع مهاجر نيوز، قال كاوا أدهم من محافظة الحسكة، "تم تبليغنا بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي حيث تم العثور على اسم ابن عمي عيسى بين أسماء ضحايا الحادثة".
وكان عيسى شريف من بين 12 سوريا بينهم طفل في عامه العاشر، قد لقوا حتفهم عطشا في صحراء ولاية إليزي الحدودية مع ليبيا جنوب شرقي البلاد، حسبما أعلنت جمعية غوث الجزائرية للبحث والإنقاذ المختصة في إنقاذ التائهين في الصحراء.
وأضافت الجمعية أن أعمار الضحايا تتراوح ما بين 10 و57 سنة وكلهم ذكور فيما أعادت الواقعة إلى الأذهان مسلسل فرار السوريين من بلادهم بحرا أو برا في رحلات يحفها الموت من كل اتجاه.
ونشرت جمعية غوث أسماء الضحايا الذين "تم العثور عليهم في منطقة ضاية الفرسيق" الصحراوية التي تشهد حاليا ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة.
المهربون وطريق الموت
وكشف كاوا أدهم في حديثه إلى مهاجر نيوز عن تفاصيل مروعة للرحلة التي قطعها ابن عمه انطلاقا من لبنان حيث كان يقيم لأكثر من عشرين عاما.
وقال "قرر عيسى السفر الى أوروبا حيث استقل طائرة إلى ليبيا وبعدها سافر بمساعدة المهربين إلى الجزائر وفي الصحراء تعرضت السيارة التي كانوا يستقلونها لحادثة وباتوا بلا ماء أو طعام لتنقطع أخبارهم ليومين."
وأضاف "علمنا لاحقا أنهم ماتوا بسبب العطش. تريد أسرتنا أن تقوم السلطات بإرسال جثمان الفقيد إلى سوريا ليدفن في مناطق شمال شرق سوريا".
"علمنا لاحقا أنهم ماتوا بسبب العطش"
ولعبت جمعية غوث للبحث والإنقاذ الجزائرية دورا في العثور على جثث عيسى والسوريين الأخرين الذين لقوا حتفهم معه في الصحراء.
وفي مقابلة مع مهاجر نيوز، قال توهامي إبراهيم، الناطق باسم جمعية غوث، "خرجت فرق البحث المتخصصة منذ يومين للبحث عنهم بعد إبلاغ أهالي صاحب السيارة التي كان يستقلها الضحايا بأن هناك سيارة خرجت من المنطقة ولم يسمع عنها أي خبر. ثم قامت فرق البحث من مكتبنا بالتمشيط بالمنطقة المذكورة."
وأضاف "بعد يومين تقريبا من البحث، توصلنا إلى الضحايا وهم في حالة متقدمة من التعفن وهم 12 سوريا وسائق السيارة ومرافقه.
ونشرت منصة "اللاجئون في ليبيا" مقطعا مصورا يظهر اللحظات الأولى للعثور على الضحايا الاثني عشر، مضيفا أن من بينهم طفل في عامه العاشر.
"أسرته نادمة على إرساله إلى أوروبا، ولكن ليس باليد حيلة"
وأشار إبراهيم إلى أن مسؤولي الجمعية قاموا بإبلاغ السلطات بالواقعة، مضيفا أن "الجثث حاليا في منطقة حفظ الجثث (المشرحة) ببلدية برج عمر دريس التابعة لولاية إليزي والجمعية على أتم الاستعداد لتحمل تكاليف مراسيم دفن الموتى في الجزائر إذا رغب ذويهم في ذلك".
وباتت ولايات جنوب الجزائر نقطة عبور شبه رئيسية للمهاجرين غير النظامين الراغبين في الوصول إلى السواحل الأوروبية حيث يضطر المهاجرون إلى السير في الصحراء في ظل درجات حرارة مرتفعة بدون طعام ومياه كافية.
وبحسب تقارير إعلامية فإن السوريين الاثني عشر قد دخلوا الجزائر بطريقة غير نظامية انطلاقا من ليبيا التي تشهد تناميا لظاهرة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين غير النظامين خاصة الأفارقة جراء الفوضى التي تئن تحت وطأتها منذ سقوط نظام معمر القذافي.
وتسلط الواقعة الضوء على أن حلم الوصول إلى أوروبا مازال يراود الكثير من السوريين الفارين من أتون المعارك المستمرة منذ عام 2011 رغم تزايد المخاطر.
وفي ذلك، قال كاوا أدهم إن ابن عم عيسى "كان يريد السفر الى دول أوروبا للبحث عن حياة ربما أفضل"، مضيفا "رغم أن السفر كان خياره الشخصي، لكن أسرته نادمة على إرساله إلى أوروبا، ولكن ليس باليد حيلة".
وجدير بالذكر أن تقريراً أعدته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، ومجموعة أبحاث مركز الهجرة المختلطة، أفاد أن المهاجرين الذين يسلكون الطرق البرية عبر أفريقيا، يواجهون خطر الموت أو التعرض للعنف بشكل أكبر، مقارنة بالمهاجرين الذين يسلكون الطرق البحرية.
التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة في 5 تموز/ يوليو الحالي، أشار إلى أن المهاجرين يواجهون خطرا أكبر للوقوع ضحايا للعنف الجسدي والجنسي الشديدين، وكذلك الاختطاف على طول الطرق المؤدية من الصحراء الكبرى إلى البحر الأبيض المتوسط، مقارنة بعبور البحر نحو أوروبا.
الأرقام غير مؤكدة، لكن الآلاف يموتون سنويا
التقرير الذي حمل عنواناً مثيراً للخوف الشديد هو "في هذه الرحلة، لا أحد يهتم إن عشتَ أو متَ"، أعدته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، ومجموعة أبحاث مركز الهجرة المختلطة. والواقع هو أنه حالياً يتم استخدام الطرق التي ذكرها التقرير أكثر من أي وقت مضى.
وأشارت التقديرات إلى أن الطرق البرية في أفريقيا، هي أكثر فتكا بمقدار الضعف، مقارنة بالمسارات البحرية عبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يعد الطريق البحري الأكثر فتكا بالمهاجرين في العالم، حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 800 حالة وفاة بين المهاجرين منذ بداية عام 2024 وحتى الآن.
وعلى الرغم من أن المسؤولين عن إعداد التقرير يعترفون بمحدودية إحصاءاتهم بشأن الطرق البرية، بسبب نقص البيانات، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الآلاف يموتون عليها كل عام.
واستند التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 30 ألف مهاجر ولاجئ في الفترة ما بين عامي 2020 و2023، وتم إعداده من قبل المنظمة الدولية للهجرة، ومركز الهجرة المشترك، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويهدف التقرير إلى توفير المساعدة بشكل أكثر فعالية، وإطلاع القادة السياسيين على الوضع على نحو أفضل من أجل إيجاد الحلول.
زيادة أعداد المهاجرين على الرغم من المخاطر
ويؤدي تدهور الأوضاع في العديد من بلدان المنشأ والبلدان المضيفة، إلى قيام المزيد من الأشخاص بخوض رحلات خطيرة نحو الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتهي الأمر بالعديد منهم في ظروف هشة للغاية، وفقا للتقرير الذي أشار إلى أن المخاطر والفظائع التي لا يمكن تصورها، والتي يواجهها الناس في بعض البلدان على طول طريق الهجرة لم تختف، بل على العكس من ذلك.
واندلعت صراعات جديدة في منطقة الساحل، مما رفع عدد النازحين إلى ما يقرب من 5 ملايين شخص، أي ضعف عدد النازحين مقارنة بالتقرير السابق.
وفي شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي، كان لموجات الجفاف والفيضانات الناجمة عن تغير المناخ، تأثير كبير على حالات الطوارئ الجديدة والممتدة، في حين بلغ عدد النازحين بسبب الصراع في السودان 8.8 مليون نازح حتى أيار/ مايو 2024.
وذكر التقرير، أن الأسباب الأخرى للهجرة تشمل العنصرية وكراهية الأجانب، لكن لا تتوفر إحصائيات دقيقة بشأن هذا الوضع أيضا.