يُدلي الليبيون بأصواتهم في انتخابات بلدية طال انتظارها، في ظل انقسام سياسي شهدته البلاد منذ سنوات، ولكن جماعات مسلحة مجهولة أوقفت سير العملية الديمقراطية في بعض المناطق ومنعت الليبيين من اختيار من يمثلهم في بلدياتهم.
عرقلت جماعات مسلحة مجهولة الانتخابات البلدية في ليبيا ومنعت الليبيين من اختيار ممثليهم.صورة من: Hazem Turkia/AA/picture alliance
إعلان
يمارس الليبيون يوم السبت حقهم الانتخابي ويُدلون بأصواتهم في انتخابات بلدية نادرة في بلدهم الذي يعاني من الاضطرابات والانقسام السياسي بعد سقوط معمر القذافي عام 2011. ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات اختبارٌ للديموقراطية في ليبيا، ولكن رفضت مدن شرقية مثل بنغازي وسرت وطبرق السماح بانعقاد الانتخابات.
ترى إسراء عبد المنعم، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ 36 عاماً من سكان طرابلس، أنه "يحق للليبيين أن يتمتعوا بحرية الاختيار دون خوف أو ضغوط كما هو الحال للأسف في كثير من الأحيان".
وأضافت عبد المنعم في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "إن التصويت يُمكّن الليبيين من "تحديد كيفية إدارة مناطقهم وكيفية إدارة الأموال التي تُخصصها الحكومة"، مشيرة إلى أن هذا ما يدفع بعض الأطراف، كالجماعات المسلحة.. إلى محاولة السيطرة على من يُنتَخَب بهدف السيطرة على الأموال.
محاولات سيطرة كل طرف على البلاد مستمرة منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي عام 2011، الذي قسم البلاد إلى حكومتين؛ حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس غرباً، والتي تعترف بها الأمم المتحدة ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وحكومة في بنغازي شرقاً برئاسة أسامة حماد يدعمها المشير خليفة حفتر.
"الانتخابات فرصة لجس النبض"
يرى الباحث الليبي وأستاذ العلاقات الدولية خالد المنتصر الاقتراع في ليبيا فرصة مهمة لجس نبض الأطراف الليبية في شرق البلاد وغربها، وإظهار مدى استعدادهم لقبول فكرة اختيار الممثلين المحليين عبر صندوق الانتخاب وبصوت الشارع لا بفرض القوة والرأي بالسلاح.
وأضاف المنتصر بأن الانتخابات ستكون عبارة عن "مشهد تجريبي للانتخابات العامة التي يحاول المجتمع الدولي جاهداً إقناع الفرقاء الليبيين بأنها الحل الوحيد للانقسام السياسي وحالة الجمود السائدة منذ سنوات".
ليبيا.. مأزق سياسي داخلي يتعقد وتنافس خارجي يحتدم
20:15
This browser does not support the video element.
كان من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 63 بلدية على مستوى البلاد، 41 منها في الغرب، و13 في الشرق، و9 في الجنوب، ولكن اضطرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى إلغاء التصويت في 11 بلدية في شرق وجنوب البلاد بسبب مخالفات وضغوطات من السلطات المحلية وعوائق إدارية.
كما ألغيت الانتخابات في بعض المناطق القريبة من طرابلس بسبب صعوبات في توزيع بطاقات الاقتراع. ومع ذلك يُفترض أن يُدلي نحو 380 ألف ليبي بأصواتهم.
إعلان
هجمات على مكاتب الانتخابات تهدد العملية الديمقراطية
الانتخابات التي يتوق لها الليبيون يبدو أنها لم ترُق لكثيرين، ولم تمرّ بسلام، إذ تعرّضت مكاتب مفوضية الانتخابات لهجمات من قبل مسلحين في مدن زليتن والزاوية على الساحل الغربي للبلاد، ملحقة الضرر بالمباني ومواد الاقتراع وأصابت شخصين بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
كما استهدفت مجموعات مجهولة فجر يوم الجمعة مركزي اقتراع غرب العاصمة الليبية طرابلس، وأحرقت المبنى وفقاً للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
استنكرت المفوضية هذه الهجمات واعتبرتها مساساً بـ"خيارات وحقوق الناخبين في اختيار من يمثلهم في بلدياتهم"، ودعت الجهات الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، وضمان توفير الحماية لمكاتبها في كافة أنحاء البلاد.
ومن جانبها حذرت بعثة الأمم المتحدة من "ترويع الناخبين والمرشحين وموظفي المفوضية ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية في المشاركة في الانتخابات والعملية الديمقراطية".
لطالما انتظر الليبيون انعقاد انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ عام 2021، إذ كان من المقرر انعقادها في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام، إلا أن النزاع بين حكومتي الشرق والغرب حال دون ذلك.
منذ سقوط القذافي، أجرت ليبيا انتخابات بلدية في 2013، وأخرى تشريعية في 2012 و2014. أعقب انتخابات 2014 التي شهدت نسب مشاركة منخفضة قتال مسلّح أدى إلى سيطرة تحالف فصائل مسلحة على طرابلس حيث نصّب حكومة، ما أجبر مجلس النواب المنتخب حديثا على الانعقاد في الشرق.
وفي 2015، تشكلت حكومة الوحدة الوطنية الحالية في طرابلس بدعم الأمم المتحدة، لكنها لا تزال في خلاف مع سلطات الشرق. كما نُظّمت في ليبيا انتخابات محلية محدودة بين 2019 و2021.
تحرير: عماد حسن
أبرز القوى المسلحة المتصارعة على النفوذ في المشهد الليبي
البعض يقول إنها حوالي 30، في حين يصل البعض الآخر بالرقم إلى 1600. إنها الجماعات والميلشيات التي تحمل السلاح في ليبيا. DW عربية ترصد في هذه الجولة المصورة أبرز القوى المسلحة في المشهد الليبي الديناميكي والمتداخل.
صورة من: Reuters TV
العاصمة طرابلس
قوة حماية طرابلس، وهي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
صورة من: Reuters/H. Amara
"الجيش الوطني الليبي"
قوات اللواء السابق خليفة حفتر المسماة "الجيش الوطني الليبي"، تسيطر على معظم مناطق الشرق من سرت غرباً إلى الحدود المصرية. وتسيطر قوات حفتر على مناطق الهلال النفطي على ساحل المتوسط شمالاً إلى مدينة الكفرة ونواحي سبها جنوباً وتسعى حاليا للسيطرة على طرابلس. قوات حفتر هي الأكثر تسلحا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وضمنهم ضباط سابقون في الجيش الليبي وتشكيلات مسلحة وعناصر قبلية إضافة إلى سلفيين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Doma
كتائب مصراتة
فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.
صورة من: picture alliance/abaca
"فجر ليبيا"
كان تحالفاً عريضاً لميلشيات إسلامية، يربطها البعض بجماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار طرابلس" وكتائب أخرى من مصراته. في 2014 اندلعت معارك عنيفة بين هذا التحالف و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، خرج منها حفتر مسيطراً على رقعة كبيرة من التراب الليبي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
فصائل منكفئة في الزنتان
انكفأت فصائل الزنتان بعد طردها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، ويبقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و"الجيش الوطني الليبي" في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.
صورة من: DW/D. Laribi
جماعات متحركة في الصحراء
تعتبر فزان أهم منطقة في الجنوب الليبي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح..وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبروكينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية(القاعدة وداعش) تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Delay
"داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلامياً باسم "داعش" ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر من نفس العام تبنى التنظيم أول اعتداء بعد تمركزه في البلاد مستغلاً غياب السلطة. ويمارس التنظيم لعبة الكر والفر، كما حقق مكاسب، إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر بعض الأراضي. وفي شباط/فبراير 2015 خرج شريط بثه التنظيم الإرهابي يظهر ذبح 21 قبطياً مصرياً.
صورة من: picture-alliance/militant video via AP
"القاعدة" وأفراخها
في 2012 قتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. واتهمت واشنطن مجموعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة بتنفيذ الاعتداء. وقبل ثلاثة أشهر قضت محكمة أمريكية بسجن أحمد أبو ختالة، الذي يعتقد أنه كان زعيماً لـلمجموعة، لمدة 22 عاماً بعدما دانته بالتورط في الهجوم. وتحدثت تقارير إعلامية أن فصائل تنشط على رقعة واسعة من التراب الليبي مرتبطة بالقاعدة وتعمل تحت مسميات مختلفة.
صورة من: Reuters
بين 2011 و2018
ذكرت تقارير للأمم المتحدة أنه يوجد في ليبيا ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وبدوره قدر رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، عدد الميلشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا مسلحة، بعد أن كانوا 18 تشكيلاً عسكريا فقط يوم سقوط العاصمة في آب /أغسطس 2011.
إعداد: خ.س/ م.س