نجا من الحرب فمات في حريق لندن دون تحقيق حلمه في العودة
٢٤ يونيو ٢٠١٧
وصل إلى لندن هاربا من الحرب والدمار في سوريا، وظن أنه أصبح في أمان؛ لكن اللاجئ السوري محمد حاج علي لم يعرف أن الموت يتربص به في الطابق الـ 14 من برج "غرينفيل" السكني، وأنه سيكون أحد ضحايا كارثة الحريق التي التهمت البرج.
إعلان
مثل كثير من الشباب السوريين، هرب محمد حاج علي (23 عاما) مع شقيقيه عمر وهاشم من جحيم الحرب في بلاده يبحث عن الأمان في مدينة الضباب، لكنه لم يكن يعلم أن الموت يتربص به في الطابق الرابع عشر من برج لندن، الذي كان يظنه آمنا ويستيطع بدء حياة جديدة من هناك.
اللاجئ السوري محمد حاج علي كان من بين ضحايا كارثة حريق برج "غرينفيل" السكني في لندن، والذين وصل عددهم إلى 79 شخصا؛ وتعد أسوأ كارثة حريق تشهدها بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
الحلم بالعودة والمشاركة في إعادة الإعمار
محمد هرب عام 2014 برفقة شقيقه عمر من أتون الحرب وشبح الموت الذي كان يلاحقه دائما في بلده، وانطلق في رحلة لجوء مثل غيره من اللاجئين؛ واجه خلالها العذاب وشبح الموت الذي كان يحوم فوقه والآخرين. بعد رحلة طويلة وشاقة وصل إلى بريطانيا التي منحته حق اللجوء وبدأ محمد يشعر بالأمان والاستقرار، ويستطيع التفكير بهدوء في مستقبله وبدء حياة جديدة في لندن، من دون أن ينسى بلده سوريا وأهله هناك.
منذ بداية وصوله واستقراره في لندن عمل بجد وكان لديه طموح في متابعة تحصيله العلمي ودخول الجامعة، فكان له ذلك حيث بدأ دراسة الهندسة المدنية في جامعة لندن، أملا في أن يعود يوما ما إلى سوريا ويساهم في إعادة البناء.
الحريق الذي شب في برج لندن يوم الأربعاء (14 يونيو/ حزيران) انتشر بسرعة في المبنى والتهم طابقا تلو الآخر، حتى وصلت النيران إلى الطابق الرابع عشر حيث كان محمد ويحاول الاحتماء منها، بعد أن فشل في الهروب عبر سلم الطوارئ مع شقيقه الأكبر عمر فمات مختنقا بالدخان الكثيف؛ وقد حاول رجال الإطفاء الوصول إليه لكنهم لم يستطيعوا تجاوز الطابق الثالث عشر، ربما كان قد نجا لو أمهله الموت بعض الوقت ووصل رجال الإطفاء إليه وأنقذوه.
التضامن مع عائلة الضحية
وحين اندلع الحريق وحوصر في شقته، حاول الاتصال مع عائلته في سوريا، والتي لم يرها منذ مغادرته البلاد عام 2014، لكنه لم يستطع الاتصال بها؛ فاتصل بشقيقيه وأخبرهما أنه محاصر في الشقة ولا يستطيع الخروج. وكان محمد حاج علي أول ضحايا الحريق الذين تم التعرف علي هويتهم والإعلان عن موتهم في البرج.
أصدقاء محمد وخاصة في منظمة "حملة التضامن مع سوريا" التي كان محمد عضوا فيها، تأثروا كثيرا بوفاته ونعته المنظمة في بيان جاء فيه "خاض محمد رحلة هروب خطيرة من الحرب والموت في سوريا، ليواجهه هنا في منزله في بريطانيا. كان حلمه أن يكون قادرا يوما ما على العودة إلى بلاده وإعادة بناء سوريا". ولتخفيف مصاب عائلة محمد في سوريا، أطلقت المنظمة حملة على الانترنت، جمعت خلالها أكثر من 80 ألف توقيع، تطالب السلطات البريطانية بمنح العائلة تأشيرة دخول إلى بريطانيا والمشاركة في تشييع جثمانه. وفعلا نجحت الحملة في مسعاها وحصلت العائلة على تأشيرة دخول إلى بريطانيا.
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.