1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصير مجهول.. إعادة آلاف السوريين من لبنان إلى بلادهم قسريا

٢٢ يوليو ٢٠٢٢

أمام خيمتها في مخيم للاجئين السوريين شرق لبنان، تجلس أم جواد اللاجئة السورية ذات الـ30 عامًا تتأمل غروب الشمس وتفكر بمستقبلها الغامض، إذ من الممكن ألا تكون هنا قريبًا.

كافح لبنان للتعامل مع أعداد هائلة من اللاجئين السوريين بينما يعاني من عبء الأزمة الاقتصادية
كافح لبنان للتعامل مع أعداد هائلة من اللاجئين السوريين بينما يعاني من عبء الأزمة الاقتصاديةصورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance

فرت أم جواد إلى لبنان في عام 2011 هربًا من حصار الحكومة السورية لمدينتها حمص في وسط سوريا، ولأكثر من عشر سنوات حاربت أم جواد وأسرتها للبقاء على قيد الحياة بالرغم من الانهيار الاقتصادي المدمر في لبنان والمواقف العنصرية والتوترات التي تعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان.

رغم ذلك لم يقبل بها لبنان، إذ تنوي الحكومة اللبنانية إعادتها ومليون لاجئ سوري آخر إلى سوريا، مدعيةً أن مناطق عديدة في البلد الذي مزقته الحرب آمنة.

لكن أم جواد تصف شعورها بكلمةٍ واحدة: "مرعوبة"، إذ ورغم قسوة الحياة في لبنان فهي تخشى أن تكون العودة إلى سوريا قاتلة. 

الهروب القاتل

كحال العديد من السوريين في لبنان تفكّر أم جواد بالهروب المحفوف بالمخاطر إلى أوروبا عن طريق البحر مع زوجها وأطفالهما، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 6 سنوات، حيث تعتقد أنه بإمكانها في أوروبا إكمال دراستها بالمحاسبة، وإعادة أطفالها إلى المدرسة وتأمين إمدادات ثابتة من الأدوية لمرض الصرع.

بعد تأمل تقول: "الأوروبيون يعيشون نوعية حياة أفضل، لكن هنا، أعيش أنا وأولادي وزوجي في خيمة".

دفع الانهيار الاقتصادي في لبنان - وهو أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية بالتاريخ الحديث - عددًا متزايدًا من اللبنانيين والسوريين إلى محاولة خوض رحلةٍ محفوفةٍ بالمخاطر عبر البحر إلى أوروبا.

فيما من المتوقع أن تدفع خطة الحكومة اللبنانية بترحيل 15000 لاجئ شهريًا إلى  سوريا، المزيد من الناس للقيام بهذه الرحلة، في وقت تكافح فيه أوروبا مع ملايين اللاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب المستمرة منذ أشهر في بلادهم.

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في لبنانصورة من: AFP/Getty Images

أفاد الجيش اللبناني وأجهزة أمنية أخرى أسبوعيًا بإحباط محاولات هجرة قبالة السواحل الشمالية. غرق ما لا يقل عن سبعة مهاجرين في أعقاب مواجهة بين قارب مهاجرين لبنانيين وسوريين والجيش اللبناني في أبريل / نيسان.

وقالت أم جواد: `` اللبنانيون ليسوا سعداء بحياتهم هنا ويحاولون المغادرة ، فماذا يعني ذلك بالنسبة للسوريين؟ ''. أعان الله اللبنانيين والسوريين على حد سواء للخروج من هذه الأزمة ''.

تفضيل الموت على الموت

تعيش أم جواد في مخيم للاجئين السوريين بالقرب من معبر لبنان الشرقي الحدودي مع سوريا، حيث  تحول المخيم إلى مدينة يلعب الأطفال بين خيمها،  ويعبره الباعة المتجولون، بينما تحولت إحدى الخيم لصالون حلاقة، لكن مؤخرًا أصبحت الحياة في المخيم أكثر صعوبة، إذ أجبر إرهاق المانحين والوباء والأزمة الاقتصادية في لبنان، المزيد من اللاجئين على الانغماس في الديون لشراء الغذاء والدواء والإيجار.

أعلن لبنان الذي يبلغ تعداد سكانه خمسة ملايين نسمة أنه لم يعد قادراً على استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، ويصر على ترحيلهم في غضون أشهر، على الرغم من معارضة الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية، في البداية لم تملك الحكومة اللبنانية خطة شاملة لإعادتهم لكنها اليوم تقول إنها وضعت خطة لذلك، مبررةً هذه الإجراءات بأنها حصلت على تأكيداتٍ من مسؤولين سوريين بأن العديد من المناطق باتت آمنة ويمكن للاجئين العودة إليها.

في وثيقة حكومية لبنانية حصلت عليها وكالة أسوشيتيد برس، أكدت دمشق لبيروت في أبريل/ نيسان الماضي، أن العائدين سيكونون قادرين على الحصول على بطاقات الهوية وشهادات الميلاد والخدمات الاجتماعية والسكن المؤقت والبنية التحتية القابلة للحياة، كما كتب مسؤولون سوريون أن العائدين سيستفيدون من عفو ​​الرئيس السوري بشار الأسد عن المعارضين السياسيين والمتهربين من التجنيد العسكري.

لكن يخشى العديد من اللاجئين السوريين على سلامتهم إذا أجبروا على العودة، بما في ذلك الوجود القمعي للأجهزة الأمنية سيئة السمعة في بلادهم، إذ وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات واجهها لاجئون سوريون عائدون، وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة إن الاعتقال والتعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان هي ممارسات تعرض لها لاجئون سوريون عند عودتهم، حتى مع التصاريح الأمنية من الحكومة السورية.

أم جواد تخشى أن يضطر زوجها للعودة إلى الخدمة بالجيش،  وتشرح: "لديك نقاط تفتيش كل بضع مئات من الأمتار وبين الأحياء، كما أن الجريمة أصبحت منتشرة ولا يمكنك الشعور بالأمان حتى في منزلك".

كأم جواد يحلم حسن المحمد، الذي يعمل في حقول سهل البقاع اللبناني مع العديد من أطفاله الاثني عشر، بالعودة إلى منزله، لكنه متأكد من أن الوقت ليس مناسب الآن، إذ أن مسقط رأسه جنوب غرب مدينة حلب لا يزال على خط المواجهة، وقال وهو جالس في خيمته: "هل يجب أن أهرب من أزمة اقتصادية إلى ذبح عائلتي؟".

لكن بنظر بعض اللبنانيين فإن إعادة السوريين من شأنه أن يخفف من الأزمة الاقتصادية بالبلاد حيث يعيش ثلاثة من كل أربعة أشخاص الآن في فقر.

سترحّل الحكومة اللبنانية 15 ألف لاجئ سوري أسبوعيًا إلى بلادهمصورة من: Luisa Meyer/DW

صراع على لقمة العيش

تتزايد التوترات بين اللبنانيين والسوريين بشكلٍ واضح، يقول المحمد إن المخابز في بعض الأحيان تعطي الأولوية للمواطنين اللبنانيين في الحصول على الخبز وتجعل السوريين وغير اللبنانيين ينتظرون لساعات، لذا يشعر بالإحباط من مزاعم استفادة اللاجئين السوريين اقتصاديًا على حسبا اللبنانيين، لأن المساعدات قد انخفضت مؤخرًا، واللاجئون يعملون للحصول على طعامهم، بينما لا يكفيهم ما يجنونه لشراء الخبز.

اقترح الوزراء اللبنانيون في الأشهر الأخيرة أن تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإعادة توجيه مساعدات اللاجئين إلى سوريا، كطريقة لتحسين الوضع هناك وتشجيع العودة، لكن تلك الدعوات لم تلق حتى الآن آذاناً صاغية.

وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى جانب أوروبا والولايات المتحدة والعديد من الجماعات الحقوقية تعتقد أن سوريا ببساطة ليست آمنة بعد، ما دفع المسؤولين اللبنانيين للتعبير عن إحباطهم.

قال عصام شرف الدين، وزير الحكومة المعني بقضايا اللاجئين، في مقابلة في وقت سابق من هذا الشهر، إن رفض الأمم المتحدة إعادة توجيه المساعدات يثني اللاجئين عن العودة، والتقارير عن بدء وشيك لعمليات الترحيل ترقى إلى مستوى "حملة تخويف" لا أساس لها من الصحة.

من جانبه قال اللواء عباس إبراهيم، عضو لجنة عودة اللاجئين التابعة للحكومة اللبنانية، للصحفيين الأسبوع الماضي: "يبدو أن المجتمع الدولي لا يريد عودة السوريين إلى بلادهم''.

مهاجر نيوز 2022

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW