زلزال تركيا وسوريا - نحو 50 ألف قتيل و"تدهور لحقوق الإنسان"
٢٣ فبراير ٢٠٢٣
اقترب العدد الإجمالي لضحايا الزلزال المدمر في تركيا وسوريا من 50 ألف قتيل. وفيما أدانت "أمنستي" تدهور أوضاع حقوق الإنسان في كلا البلدين بعد الزلزال، فتحت السلطات التركية 564 تحقيقًا يستهدف مطوّري بناء انهارت مبانيهم.
إعلان
أعلن مركز كانديلي التركي لرصد الزلازل اليوم الخميس (23 فبراير/ شباط 2023)، أن زلزالاً بقوة 5 درجات هز مقاطعة هطاي المتضررة بالفعل بشدة والواقعة جنوب شرقي البلاد. وكان مركز الزلزال في منطقة ديفني. ولم ترد أية أنباء على الفور عن وقوع إصابات أو أضرار.
ومن جهته قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن بلاده كثفت خططها لإيواء ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة الحدودية مع سوريا فجر يوم 6 شباط/ فبراير، مع اقتراب العدد الإجمالي لضحايا الكارثة في البلدين من 50 ألف قتيل.
وأوضح صويلو اليوم الخميس أنه تم نصب 313 ألف خيمة، وسيتم تركيب 100 ألف من منازل الحاويات في منطقة الكارثة التي تمتد لمئات الكيلومترات داخل البلدين من ساحل البحر المتوسط التركي والسوري. وقال إن عدد الضحايا في تركيا ارتفع إلى 43 ألفا و556 قتيلا، بينما في سوريا يقترب عدد القتلى من ستة آلاف.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 4500 قتلوا في المنطقة التي تخضع لسيطرة مسلحي المعارضة في شمال غرب سوريا، وقالت الحكومة السورية إن 1414 قتلوا في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.
تدهور أوضاع حقوق الإنسان بعد الزلزال
وأدى الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان في كلا البلدين، بحسب ما أعلنت منظمة العفو الدولية. وقالت جانين أولمانسيك، الخبيرة الأوروبية في منظمة العفو الدولية بألمانيا اليوم الخميس في برلين، "يجب تذكير الحكومات بواجب الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان حتى في أوقات الأزمات". وأصدرت المنظمة الحقوقية تقريرًا جاء فيه أن أكثر من 90 شخصًا اعتقلوا في تركيا في اليومين الأولين بعد الزلزال. وكان من بينهم صحفيون وأشخاص اعتُقلوا فقط بسبب تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتناول التقرير أيضا تعرض أشخاص قٌبض عليهم في تركيا للتعذيب ووجهت إليهم تهم بالنهب. وقد توفي شخص واحد على الأقل أثناء الحجز، بحسب المعطيات المتوفرة لمنظمة العفو الدولية التي أكدت أيضا أنها تلقت "تقارير موثوقة عن انتهاكات لفظية وجسدية" ضد لاجئين سوريين في تركيا، فيما تم في سوريا منع وصول مساعدات إنسانية إلى مناطق معينة.
عن كثب - تحت الأنقاض - تبعات الزلزال في سوريا وتركيا
28:36
تحقيقات تستهدف مقاولي البناء
وفتحت السلطات التركية 564 تحقيقًا يستهدف مطوّري بناء ومقاولين انهارت مبانيهم جراء الزلزال، بحسب ما أكد وزير الداخلية سليمان صويلو. وأوضح صويلو في مقابلة مساء الأربعاء على قناة "تي آر تي" العامة أنه "تم تحديد 564 مشتبهًا به حتى الآن، سُجن 160 منهم، وهناك 18 رهن الاحتجاز، وأطلق 175 مع إبقائهم قيد المراقبة القضائية".
وأضاف "منعنا جميع الأشخاص الذين تم تحديدهم من مغادرة الأراضي"، في وقت يتصاعد الغضب من الغش وغياب المراقبة العامة في هذا القطاع الذي شكل دفعاً للاقتصاد التركي خلال الأعوام العشرين الماضية. وانهارت عشرات آلاف المباني على ساكنيها النائمين فور وقوع الزلزال العنيف الذي بلغت قوته 7.8 درجات، الساعة الرابعة فجراً. ودانت وسائل إعلام تركية بالإضافة إلى مهندسين بعض المقاولين الذين استخدموا مواد ذات نوعية رديئة أو لم يحترموا المعايير.
وأوقف عدد من المقاولين منذ الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال، فيما تبدي الحكومة تصميمها على التعامل مع القضية.
وقال وزير البيئة مراد كوروم الخميس إنه "تم فحص مليون و250 ألف مبنى في 11 محافظة (متضررة)، وهناك 164321 مبنى يتكون من 520 ألف وحدة مستقلة (سكنية أو تجارية) مدمر أو متضرر بشدة أو يتعين تدميره على وجه السرعة".
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزمه بناء 270 ألف منزل في عام واحد في المحافظات المنكوبة. وقال كوروم "نضع خططنا آخذين في الاعتبار النسيج الثقافي ومستقبل أطفالنا ومدننا على الأراضي الأكثر أماناً. سنبني المساكن الجديدة بهذه الرؤية".
ع.ش/ ص.ش (أ ف ب، رويترز، ك ن أ)
تراجع فرص الناجين.. خراب زلزال سوريا وتركيا بعد انقشاع الغبار
يقترب زلزال تركيا وسوريا من إتمام أسبوعه الثاني. أرقام الضحايا مفزعة والخسائر المادية باهظة والمعاناة مضاعفة في شمال سوريا. فكيف يبدو الوضع مع اقتراب عمليات الإنقاذ من نهايتها؟
صورة من: Kyodo/picture alliance
آمال العثور على ناجين باتت نادرة
لا تجد فرق الإنقاذ، على مدار الأيام القليلة الماضية، إلا الكثير من جثت القتلى، وفي حالات قليلة جدا بعض الأحياء. في تركيا طوال يوم كامل، لم يعثر سوى على ناجيتين يوم الخميس (16 فبراير/ شباط)، بينما في الجانب السوري لم يتم العثور على ناجين منذ التاسع من الشهر. حاليا مرت أزيد من 260 ساعة على حدوث الزلزال، وهي مدة تجعل من شبه المستحيل العثور على ناجين جدد.
صورة من: Ugur Yildirim/AP/picture alliance
عدد الضحايا مفزع
تجاوز عدد القتلى في البلدين 43 ألفا. الحصيلة الأكبر كانت في تركيا بأزيد من 38 ألفا. لكن هناك مخاوف كذلك من أن ترتفع الحصيلة أكثر في سوريا التي تعاني تأخرا كبيرا في عمليات الإنقاذ. أرقام الجرحى بعشرات الآلاف، بينما لا يوجد رقم رسمي لعدد المفقودين في البلدين. أجلت السلطات التركية حوالي 150 ألفا من السكان في المنطقة، بينما تحوّلت أماكن عامة إلى مقابر عمومية لجمع الجثامين في انتظار التعرف على أصحابها.
صورة من: BULENT KILIC/AFP
ملايين بدون مأوى
سارعت الكثير من الدول لمد يد العون إلى تركيا وسوريا، لكن حجم الكارثة كان كبيرا إذ تشرد الملايين، وقدرت الأمم المتحدة عدد المتضريين بحوالي 23 مليونا وأن من صاروا بدون مأوى في البلدين يقدر عددهم بـ5,3 مليون. ويعاني البلدان من نقص كبير في الخيام المؤقتة، لكن حجم المأساة مضاعف في الشمال السوري، وفاقمتها الظروف المناخية الباردة، ولم تكف المدارس والمساجد والسيارات والشاحنات لإيواء المتضررين.
صورة من: Burcu Karakas/DW
الانقسام السياسي يزيد المعاناة
عانت عمليات إرسال المساعدات لسوريا، خصوصا مناطق الشمال الغربي من عراقيل ومشاكل كبيرة. دول كثيرة لا تعترف بنظام الأسد، لكن كذلك لا تعترف بسلطة المعارضة المسلحة، ما جعل إرسال المساعدات ممكنا فقط عبر المعابر الحدودية من تركيا، كما لم تصل جل المساعدات التي تسلمها النظام إلى مناطق المعارضة، عرقلت الخلافات بين الأكراد المسلحين والمعارضة المدعومة من تركيا انسياب المساعدات.
صورة من: BAKR ALKASEM/AFP
نظام يستغل الزلزال لصالحه!
تحت تأثير الضغط الدولي، سمح النظام السوري بفتح معبرين إضافيين لدعم الشمال الغربي بعدما كانت جلّ المساعدات تأتي من معبر واحد هو باب الهوى. حكومة الأسد كانت تتمسك في البداية بتوزيع المساعدات تحت إشرافها، خصوصا مع سيطرتها على المطارات وتنسيق عدة دول بشكل مباشر معها، كما لم تقرّر الحكومة إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة إلّا بعد خمسة أيام على وقوع الزلزال.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
هناك من يستغل الزلزال للسرقة!
يجد البعض في الكوارث الطبيعية فرصة للنهب. السلطات التركية أوقفت حوالي 48 شخصا للاشتباه بأعمال نهب في مناطق الزلازل، وأصدرت أكثر من 113 مذكرة اعتقال. كما تحدث مراقبون عن وجود عمليات إطلاق نار واشتباكات بين مجموعات، ما دفع فرق إنقاذ أجنبية إلى تعليق عملياتها لدواعِ أمنية، ومنها بعثة الجيش النمساوي، وذلك الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية.
صورة من: UMIT BEKTAS/REUTERS
الدعم الدولي كبير لكنه غير كافٍ
أرسلت عشرات الدول المساعدات وفرق الإنقاذ للشعبين التركي والسوري، سواء منها الدول العربية والغربية أو المنظمات غير الحكومية، لكن الحاجة كبيرة جدا وسط تباين واضح في الاستفادة منها بين تركيا وسوريا. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أكد أنه يحتاج إلى 702 مليون دولار لإغاثة المنكوبين، بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء جمع حوالي 400 مليون دولار.
صورة من: Ahmed Saad/REUTERS
خسائر مادية باهظة
قدر اتحاد الشركات والأعمال التركي خسائر الزلزال بـ84 مليار دولار، من بينها 70,8 مليار دولار لترميم آلاف المنازل المتضررة، فضلا عن تضرّر الطرقات ونقاط التصنيع والقدرة الإنتاجية، ما سيكون له أثر على النمو الإجمالي. لكن في الجانب الآخر بين الزلزال وجود عيوب كبيرة في تشييد كثير من المباني، ما أدى إلى إيقاف 12 مقاولا في تركيا، وتأكيد وجود خطط لهدم حوالي 50 ألف مبنى.
صورة من: CLODAGH KILCOYNE/REUTERS
ما الحل لمواجهة الزلزال؟
أثار الزلزال أسئلة كثيرة حول قدرة البشر على مواجهة الزلازل، على الأقل التنبؤ بحدوثها بوقت كافٍ. الجدل قديم –جديد خصوصا مع تغريدة لخبير هولندي نبها فيها لوقوع زلزال في المنطقة. لكن العلماء يؤكدون أنه مستحيل حاليا توقع الزلازل بدقة قبل أيام أو أشهر من وقوعها. لكن البناء الآمن في المناطق التي توجد في بؤر الزلازل، وتطوير آليات الإنقاذ يمكن أن يساهما في تقليل أعداد الضحايا مستقبلا.