نزوح 4000 من شرق حلب ولندن تطالب بوقف إطلاق نار "فوري"
٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
فيما تواصل قوات النظام السوري تقدمها في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق حلب، طالب وزير الخارجية البريطاني بوقف إطلاق نار "فوري". في غضون ذلك أعلنت الأمم المتحدة وصول 4000 نازح من شرق حلب إلى حي يسيطر عليه الحكومة.
إعلان
قال المتحدث باسم الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ينس لايركه اليوم الاثنين (28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016) إن الهلال الأحمر السوري سجل وصول أربعة آلاف شخص إلى حي حبرين الذي تسيطر عليه الحكومة في غرب حلب بعد نزوحهم من المناطق الشرقية التي تقع تحت سيطرة المعارضة. وذكر لايركه أن الهلال الأحمر السوري قدم لكثير منهم الطعام وغيره من أشكال المساعدة.
بدوره أعلن رامش راجاسينجام مساعد المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية في الأزمة السورية إن برنامج الأمم المتحدة للأغذية وزع جميع إمداداته الغذائية في شرق حلب. وقال للصحفيين في بلدة ريحانلي التركية الحدودية أثناء جولة إعلامية في البلدة، التي تعد مركزا لنقل مساعدات الأمم المتحدة، إنه ينبغي نقل المزيد من المساعدات الإنسانية إلى شرق حلب في أقرب وقت ممكن.
كما قال مسؤول في الدفاع المدني السوري إنه استنفد احتياطياته من الوقود في شرق مدينة حلب وأن الوقود المتبقي في مركباته ومعداته سينفد خلال يومين. والدفاع المدني المعروف أيضا باسم "الخوذ البيضاء" هو خدمة إنقاذ تعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا. وتعتمد الخدمة على عمال سيارات الإسعاف ومتطوعين لانتشال الناجين والقتلى من بين الأنقاض.
وتسبب تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في مناطق تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب في نزوح الآلاف من منازلهم خلال الأيام الأخيرة. اليوم خسرت الفصائل المعارضة كامل القطاع الشمالي من الأحياء الشرقية في مدينة حلب، ثاني المدن السورية، إثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها فيما فر آلاف السكان من منطقة المعارك.
في غضون ذلك دعا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في حلب مطالبا روسيا وإيران باستخدام نفوذهما على النظام السوري لتجنب "كارثة إنسانية". وقال جونسون في بيان إن "الهجوم ينذر بكارثة إنسانية". وأضاف "أدعو هؤلاء الذين لديهم نفوذ على النظام وخصوصا روسيا وإيران إلى استخدامه لوقف الهجوم المدمر على شرق حلب".
وتابع الوزير البريطاني "نحن بحاجة لوقف إطلاق نار فوري في حلب ووصول فوري لأطراف إنسانية محايدة لضمان حماية المدنيين الذين يفرون من القتال. هذه ضرورات إنسانية".
ويعيش سكان شرق حلب في ظروف صعبة جدا حيث تنقصهم المواد الغذائية والأدوية بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة منذ تموز/يوليو.
وتشكل سيطرة قوات النظام على ثلث الأحياء الشرقية بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان القريب من المعارضة، الخسارة الأكبر للفصائل المعارضة منذ سيطرتها على شرق المدينة في 2012، في وقت تعد أكبر انتصارات النظام الذي استعاد المبادرة ميدانيا منذ بدء روسيا حملة جوية مساندة له قبل أكثر من عام.
أ.ح/ح.ع.ح (أ ف ب، رويترز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري