1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نساء اليمن..إحراق "المقارم" وسيلة للاحتجاج أم استنجاد بالقبيلة؟

٣ نوفمبر ٢٠١١

قام مئات اليمنيات بالتعبير عن احتجاجهن ضد العنف بطريقة مختلفة عن المعتاد، تمثلت في إحراق ما يعرف في اليمن بـ"المَقَارٍم". فما هي دلالة ذلك؟ دويتشه فيله استطلعت آراء الشارع اليمني حول هذا الأسلوب "الثوري" الفريد من نوعه.

مئات النساء في صنعاء يحرقن مقارمهنصورة من: DW

في سياق الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، المستمرة منذ تسعة أشهر، نفذت نساء اليمن وقفة احتجاجية بالعاصمة اليمنية صنعاء الأسبوع المنصرم قمن خلالها بإحراق ما يعرف في اليمن بالـ"مَقَارٍم" (الحجاب أو أغطية الرأس التي تستخدمها بعض النساء في اليمن، بالذات في الأرياف). فماذا يعني هذا السلوك التي لجأت له المحتجات في صنعاء؟. صحيح إن هؤلاء النساء هدفن من هذا العمل الاحتجاج على أعمال القتل التي بدأت باستهداف النساء المشاركات في المسيرات السلمية، لكن الأمر يحمل في طياته أكثر من مغزى!

وا قبيلتاه؟

ففي الوقت الذي رأى فيه البعض استدعاءً لدور القبيلة باعتبار العملية نوع من ( الْنّكْفْ/ التَجَنّي ) في العرف القبلي اليمني، ويعني طلب النجدة من القبيلة في حال حصول عدوان على حياة أو حرمة أو ممتلكات وحقوق شخص ما أو جماعة في القبيلة، فتبادر القبيلة لدعوة رجالها للخروج لرد العدوان وإعادة الحقوق المسلوبة. وهو للرجال في كسر جهاز الجنبية، وللنساء في إحراق المقرمة، الذي يشبه نداء استغاثة المرأة العمورية الشهير "وا معتصماه!". ولأن الكشف عن شعر المرأة "عيب" في العرف القبلي، فإن إحراق المرأة لغطاء رأسها (المقرمة) يعني أن حرمتها قد انتهكت ومن الواجب الدفاع عنها باعتبارها من الفئات الضعيفة في المجتمع.

ألاف اليمنيات يشاركن بفاعلية في الثورة ضد النظامصورة من: DW

ولكن ما جرى في صنعاء أوحى لبعض نشطاء الثورة اليمنية بوجود توجه لتهميش دور المرأة، الذي كان وما زال فاعلا في مسار الثورة السلمية، واستحقت أن تنال عليه أرفع جائزة في العالم (نوبل للسلام) من خلال منحها لإحدى الناشطات اليمنيات وهي توكل كرمان. بينما رأي البعض الأخر، ومنهم توكل كرمان نفسها، أن هذا التصرف الرمزي من قبل تلك النسوة، إنما يعني ـ إلى جانب لفت نظر العالم إلى الانتهاكات التي يتعرض لها اليمنيون رجالا و نساء ـ أن المرأة اليمنية لم تعد ترغب في التخفي خلف الحجاب وترغب في كسر الشرنقة المضروبة حولها والخروج منها لتقول للعالم إنها إن حجابها لن يقف عائقا أمام مشاركتها في الثورة والعمل السياسي عموماً. في هذا السياق قالت كرمان "إنه تعبير عن رفض الظلم الذي فرضه نظام صالح عليهن.. وهذه مرحلة جديدة للمرأة اليمنية، لأنها لن تختبئ وراء الحجاب أو خلف الجدران أو أي شيء آخر".

ثقافة رمزية مناهضة للتغيير

الدكتور عبد الكريم قاسم، أستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء، يعتبر أن إحراق النساء للمقارم "وسيلة احتجاجية"، ولكنها برأيه وسيلة "تحمل ثقافة رمزية مناهضة لفعل التغيير"، بينما يصفها الكاتب والأديب فتحي أبو النصر بأنها " صيغ لم تعد مجدية مع نظام لا يأبه أساسا لأي وسيلة احتجاج". أما الكاتب اليمني والناشط في الثورة السلمية الدكتور صادق المهدي، فيقول إن هذا السلوك هو بمثابة "إحياء لذات قديم لا يعرفه كل اليمنيين، واستدعاء لوسائل قديمة لثورة حديثة"، مشيرا أن الأمر يحمل في طياتها "التناقض وإنتاج التناقض". ويفسر الكاتب اليمني ذلك بكونه " توكيل مبطن لغير الشباب السلمي لحسم الثورة". ويتعجب الناشط في الثورة السلمية من محاولة "استخدام" النساء "كأدوات" لهدم قَّيم الثورة السلمية، فـ"العالم شهد لهن بالسلمية ومنحهن جائزة نوبل، والبعض يريد أن يمنحهن وسائل حرق قديمة لنصرة الثورة!"

القبيلة نصير للثورة أم عقبة أمامها؟صورة من: DW

الناشطة الاشتراكية سامية الأغبري، حذرت من جانبها من مخاطر الدعوة لانتهاج وسائل غير سلمية لحسم الثورة، باسم المرأة وبصورة "تتناقض مع ما قدمته الناشطات اليمنيات بصفوف الثورة السلمية وما تعرضن له من انتهاكات" وتقول الأغبري، "إن الناشطات اليمنيات لن يلجئن لطلب الحماية، لتسلب عنهن الإرادة الحرة التي خرجن من أجلها، ولن يعدن إلا وهي معهن"، منتصرات ومتحررات من الوصاية أيا كان نوعها. ولكن الدكتور محمد عثمان، أستاذ الإدارة والتخطيط بجامعة صنعاء، يرى أن ما قامت به النساء المحتجات في صنعاء لم يكن متوافقاً مع العرف القبلي الذي يستفزه "كشف شعر المرأة وليس إحراق بعض من قطع القماش" بتلك الطريقة التي جرت في شارع الستين بصنعاء.

"عملية بريئة لمناهضة العنف بالأدوات المتاحة"

ويرى الصحفي في صحيفة الثورة الرسمية، فؤاد عبد القادر، في حرق المقارم "عادة اجتماعية يمنية قديمة لاستدعاء القبيلة لمناصرة الحق ضد الباطل"، ولكن الصحفي اليمني لا يتصور أن القبيلة، التي تركت سلاحها طوعاً لتشارك في الثورة السلمية، أن تحمل السلاح مرة أخرى لمجرد تذكيرها بعادة اجتماعية. ويقول عبد القادر إنه من غير المعقول أن تلجأ القبيلة للسلاح مرة أخرى إلا للضرورة "وحتى اللحظة لم تصل إلى الضرورة فلا تزال تمارس السلمية". ومن جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد عبد الغني الشرعبي، في إحراق النساء للمقارم " وسيلة احتجاجية لمناهضة الظلم، بأدوات الواقع المتاحة". ولا يعتقد الشرعبي أنها تعبر عن ضعف المرأة أو دعوتها لسيطرة القبيلة.

أختنلاف الآراء في الشارع اليمني حول رمزية إحراق "المقارم"صورة من: DW

ويستبعد عبد الغني أن تتخلى المرأة عن دورها في المستقبل بعد أن خرجت إلى الشارع لمقاومة الاستبداد والهيمنة. ويوضح الفكرة الصحفي والناشط الحقوقي معاذ ألمقطري، الناطق باسم تكتل شباب المستقبل، بقوله يكفي المرأة في اليمنية أنها نزلت إلى الشارع بهذا الشكل الكثيف والفاعل. وإن كان ألمقطري، يرى في إحراق المقارم "عملية بريئة لها روافدها الثقافية والعاطفية"، فإنه يعتقد أن المرأة اليمنية في مقاييس التحول "متقدمة على القبيلة المقاتلة"، ويستطرد موضحا "فالمرأة خرجت سلمياً وتظاهرت سلمياً. وهذا عمل أدهش العالم ولا داعي أن تحرق المقارم لتهاجر إلى الخلف".

ولكن المخرج الصحفي المنضوي في صفوف الثورة السلمية، محمد المطاع، لا يرى مبرراً للخوف، فالعرف القبلي ليس بعيدا عن قواعد العمل المدني، كما يقول المطاع: "لا ينبغي النظر إلى الأعراف القبلية كأمور مناهضة للقواعد المدنية، بما أن الكثير منها يتماشى مع مفاهيم المدنية الحديثة ويدعمها، ومنها الوقوف مع الفرد المظلوم أياً كان جذره الاجتماعي الذي ينحدر منه".

سعيد محمد الصوفي - اليمن

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW