1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"نسوية إسلامية".. القرآن وحقوق المرأة في أفغانستان!

١٦ مايو ٢٠٢٢

غالبا ما يستخدم الدين لتبرير عدم المساواة بين المرأة والرجل في بعض البلدان الإسلامية. لكن خبراء يتحدثون عن حركة "نسوية إسلامية" تطالب بحقوق المرأة استنادا للإسلام نفسه. مبادرة في أفغانستان نهجت هذا الطريق، فإلى أين وصلت؟

صورة رمزية لنساء أفغانيات في أحد الأسواق بعد سقوط حكم طالبان عام 2002 (أرشيف: 28/3/2002)
صورة رمزية لنساء أفغانيات في أحد الأسواق بعد سقوط حكم طالبان عام 2002صورة من: Boris Roessler/dpa/picture-alliance

في البداية، كان الحذر مطلوبًا. فقد كان لا بد من إقناع الرجال، من أئمة وعلماء دين وممثلي طالبان، بالمشاركة في هذا النوع من المبادرات: أي التحدث إلى نساء من الحي أو المدينة أو الولاية، كما تقول إلينور زينو.

وتضيف زينو، التي كانت رئيسة لمكتب كابول لمؤسسة كونراد أديناور الألمانية حتى أغسطس/ آب من العام الماضي، أنه لم يكن كل منهم يعرف الآخر "ووحدها مهمة التغلب على المسافة بين الجنسين، الموجودة كأمر طبيعي في مجتمع محافظ، هي أمر تطلب قدرًا كبيرًا من الحنكة".

وبحسب ما تقول زينو، فقد بدأت الحوارات التي نظمتها المؤسسة في عام 2020 بتأسيس المجموعة النسائية "وسطاء السلام الأفغانيات". وفي خريف 2020، عُقدت أول ندوة حوارية في فندق في كابول، بحضور 80 مشاركًا، من بينهم 20 من علماء الدين وزعماء القبائل من مختلف ولايات البلاد.

وقبل ذلك، كانت هناك بالفعل حوارات صغيرة وسرية وجولات نقاش "للإحماء" تبعتها سبع ندوات أخرى، كان آخرها في مايو/ أيار 2021. وانتهت سلسلة الندوات الحوارية عندما استولت طالبان على السلطة في أغسطس/ آب من العام الماضي.

قواسم مشتركة مدهشة

وصفت زينو الاجتماع الأول قائلة: "كان الرجال فضوليين من ناحية، ومتحفظين أيضًا من ناحية أخرى". وجرت أكبر جولتين من الحوار في كابول وهرات، ومعظم جولات الحوار الأخرى جرت في كابول.

وكان المطلوب هو أن يتحدث النساء والرجال عن تجاربهم الخاصة وأيضًا عن التغييرات الممكنة في العلاقة بين الجنسين. والأمر برمته قائم على أساس الإسلام، حيث حاول الطرفان مناقشة كيفية تصميم نظام اجتماعي يتوافق مع ما تفرضه التقاليد الإسلامية، نظام يحترم مصالح ووجهات نظر المرأة على نحو أكبر مما كانت عليه الحال حتى الآن.

تأمل إلينور زينو في أن يتواصل الحوار بين الرجال والنساء في أفغانستان حتى في ظل حكم طالبان. صورة من: Mary Papadopoulou

وتحدثت زينو لـ DW عن انطلاق المشروع بالقول: "بدأنا بقضايا عامة تهم الجانبين. على سبيل المثال قضايا مثل الفساد. فهو مؤثر على كلا الجنسين، وكلاهما يتحتم عليه النضال ضده. وموضوع آخر كبير وهو: فقدان الأقارب في السنوات والعقود الماضية. كل الأطراف فقدت بعض أقاربها وعانت نتيجة لذلك. وعند الحديث عن هذه الأمور، اكتشف المشاركون أن لديهم قواسم مشتركة أكثر مما كان متوقعًا في البداية".

بعدها فقط بدأت الحوارات، التي تطرقت في المقام الأول إلى هموم المرأة. "ولتحقيق تقدم ما هنا يتطلب الأمر حنكة وحذرا في التعامل مع المصادر الدينية، وقبل كل شيء بالطبع، مع القرآن".

وأفادت زينو أن هذا الأمر الأخير مهم بشكل خاص للنساء من أجل بدء الحوار بين الجنسين. فعلى الأقل ينبغي أن يكون جزء من النساء (المشاركات) على دراية بالنصوص الدينية وأن يكن قادرات على المجادلة استنادا لهذه النصوص.

ومن المهم أيضًا ألا تشارك أي امرأة من الشتات في المحادثات. "لأن النساء اللواتي عشن خارج البلاد لفترة طويلة لا يعترف بهن الرجال (هنا) بشكل عام وينظرون إليهن كممثلات للغرب. بالإضافة إلى ذلك، فإن النساء الأفغانيات اللواتي كنّ داخل البلاد متجذرات بعمق في المجتمع ويعرفن المشاكل".

ووفقا لملاحظات زينو، فإن الكثيرات من هؤلاء النساء أنفسهن يتواجدن الآن في الشتات منذ أغسطس/ آب الماضي. وكان من المهم أيضًا أن يتم اختيار نساء من مجموعات عرقية وفئات عمرية ومجموعات اجتماعية ومستويات تعليمية مختلفة: "هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لمجموعة النقاش أن تكون ممثلة" للفئات موضوع الحوار.

"نسوية إسلامية"

تستند مبادرة مؤسسة كونراد أديناور إلى نهج تتبناه حركة تدافع عن حقوق المرأة على أساس الإسلام. إنها الحركة التي تُعرف باسم "الإسلام النسوي" أو "النسوية الإسلامية".

ويجري فهم حقوق المرأة داخل تلك الحركة بنفس الطريقة التي تم من خلالها تدوين الحقوق في مواثيق وإعلانات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ولا يختلف الإسلام النسوي عن إعلانات حقوق الإنسان هذه من حيث المضمون، ولكن فقط في الحيثيات: فهو ليس مستمدًا من القانون الطبيعي أو منظومة الأخلاق في العالم، وإنما من الإسلام نفسه.

مدارس البنات في أفغانستان، بعدما أعيد فتحها تم إغلاقها مرة أخرى في ظل حكم طالبان. صورة من: Ahmad Sahel Arman/AFP/Getty Images

يقول ميلاد كريمي، نائب مدير مركز الفقه الإسلامي في جامعة مونستر الألمانية، إن هناك في الواقع مواضع عديدة في القرآن يمكن تفسيرها من منظور المساواة. بشكل أساسي مثلا الآيات الأولى من سورة النساء في القرآن التي توضح أن الله قد خلق الناس - ذكوراً وإناثاً - من نفس واحدة. "من هذه الآية يمكن اشتقاق مبدأ المساواة في القيمة وبالتالي المساواة في الحقوق".

واستنادا إلى القرآن، يشكك الإسلام النسوي في التفسيرات السائدة له (القرآن)، حسبما يقول كريمي عالم الفقه الإسلامي في مونستر، الذي يضيف: "بالطبع، التفسيرات كتبها رجال لرجال. والتفسيرات النسوية تعارض التفاسير الدينية التي تستخدم كذريعة لتبرير اضطهاد المرأة".

ويعتقد عالم الاجتماع "هوما غوش"، الذي كان حتى وقت قريب أستاذا للدراسات النسوية بجامعة سان دييغو بولاية كاليفورنيا، أن نهج الإسلام النسوي هو الطريقة الوحيدة المعقولة لإجراء حوار مع المؤسسات الحكومية والدينية: "فبما أن معظم الدول الثيوقراطية لا تقوم على مبادئ علمانية، فبالتالي فإنه ليس من المعقول واقعيا ولا استراتيجيا استنباط حقوق المرأة من هذا السياق".

لذلك ففي البلدان التي تسود فيها وجهة نظر دينية للعالم، لن يكون للمطالب النسوية معنى إلا إذا تم تبريرها بشكل مناسب. وإلا فلن يتم الاعتراف بها أو أخذها على محمل الجد من قبل الزعماء والقادة الدينيين في المنطقة.

كيف ستسير الأمور تحت حكم طالبان؟

في أفغانستان، تم إلغاء مشروع الحوار بعد تولي طالبان السلطة. ولكن من حيث المبدأ فإنه من المنطقي "الاستمرار في الدفاع عن حقوق المرأة المصاغة إسلاميًا حتى في ظل حكم طالبان"، كما يقول عالم الاجتماع هوما غوش. وستكون هذه "خطوة أولى". ويشير في هذا الصدد إلى مبادرات نسوية إسلامية في إيران نتج عنها منح الدولة بعض الحقوق للمرأة. هذه "استراتيجية ضرورية في الدول الثيوقراطية".

صورة لإمام تابع لطالبان وبجانبه مسلح أثناء خطبة الجمعة في مسجد عبدالرحمن في كابول بعد استيلاء طالبان على العاصمة الأفغانية (أرشيف: 20 أغسطس/ آب 2021)صورة من: Hoshang Hashimi/AFP/Getty Images

ويوضح ميلاد كريمي، العالم بأصول الدين الإسلامي، أن الإسلام النسوي أحرز تقدمًا في بعض البلدان الإسلامية، مثل باكستان أو الجاليات المسلمة في الهند أيضا. "وصحيح أنه لا توجد هناك مساواة مطلقة؛ لكن النساء بدأن على الأقل في المشاركة في الحياة العامة. وعلى الرغم من عدم ضمان حقوقهن بشكل واضح، إلا أن هناك العديد من الحركات التي تدافع عنهن".

وكما تقول إلينور زينو، فإنه حتى شهر أغسطس/ آب 2021، عندما استولت طالبان على السلطة، كان الرجال والنساء قادرين على التواصل بشكل أساسي على الأقل. "وبهذه الطريقة، تمكنت النساء من وصف معاناتهن للرجال جراء ظروف التمييز بين الجنسين. فقد أردن مزيدًا من التعليم، ودورًا أكبر في الحياة العامة، والحماية من العنف الجنسي وغير الجنسي. ولم يكن الرجال غالبًا على دراية بهذا المنظور على الإطلاق".

وفي حوارات أخرى تالية، عبرت النساء عن رغبتهن في مطالبة علماء الدين بمناقشة وانتقاد هذه الظروف. ولكن بعد ذلك، عندما استولت طالبان على السلطة انسحبت المؤسسات الغربية، ومن ثم انهارت المحادثات، توضح زينو.

وتقول زينو إنه سيكون أمرا منشودا استمرار الحوار في ظل توازن القوى الجديد. لكن ذلك، سيكون ذلك أمرا صعبًا، كما يقول ميلاد كريمي: "فإلى حد كبير تواصل طالبان تصدير تفسيرات رجعية للإسلام".

ومن ثم تخشى النساء من أن يجبرن على الزواج من رجال طالبان. فالعائلات التي تعاني من ضيق الأحوال المالية تقوم بتزويج بناتها من متشددين أصوليين حتى يتمكنوا من العيش على المهر المدفوع للعروس. "وفي هذه الحالة، فإن الإسلام، كما تفهمه طالبان، ليس جزءًا من الحل، ولكنه جزء من المشكلة"، حسب كريمي.

كيرستن كنيب/ ص.ش

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW