1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اختلافات في قاعات التحرير حول نشر رسوم شارلي إيبدو

منصف السليمي٩ يناير ٢٠١٥

قررت صحف ووسائل إعلام غربية عديدة إعادة نشر رسوم شارلي إيبدو الساخرة من النبي محمد، تضامنا مع الصحيفة الفرنسية في مواجهة الإعتداء الدموي الذي تعرضت له. لكن قرار نشر تلك الرسوم لم يكن محل إجماع لدى كبريات الصحف العالمية.

The New York Times Gebäude Logo Redaktion
صورة من: Getty Images

أقدمت صحف غربية عديدة على نشر رسوم كاريكاتير أسبوعية شارلي إيبدو تضامنا مع الصحيفة الفرنسية الساخرة، إثر تعرضها لهجوم إرهابي الأربعاء (7 يناير/ كانون الثاني 2015) أودى بحياة ثمانية من أعضاء هيئة تحريرها بينهم مدير نشر شارلي إيبدو وأربعة من رسامي الكاريكاتير البارزين فيها، بالإضافة إلى رجال أمن، كانوا يحرسون المؤسسة جراء التهديدات التي كانت تتعرض لها منذ فترة من قبل جماعات إسلامية متطرفة؛ بسبب نشر رسوم حول النبي محمد ومواضيع أخرى تهم الدين.

وتضامنا مع الصحيفة أو باسم حرية التعبير، أعادت وسائل أعلام غربية نشر الصفحة الأولى لشارلي إيبدو الصادرة في 2006 مع رسم يظهر فيه النبي وقد ضاق ذرعا بالإسلاميين المتطرفين، واضعا يديه فوق عينيه وهو يقول "من الصعب أن يحبك الأغبياء". وأعيد نشر رسوم أخرى يظهر في أحدها النبي وهو يقول "100 جلدة إذا لم تموتوا من الضحك".

بيد أن نشر صحف فرنسة وأوروبية لرسوم شارلي إيبدو، ليس محل إجماع من قبل كبريات الصحف ووسائل الإعلام الغربية، فقد قررت الصحيفة الأميركية المرموقة نيويورك تايمز عدم نشر الرسوم وكذلك فعلت صحف بريطانية. وفي ألمانيا يثير نشر الرسوم مواقف متباينة في هيئات تحرير الصحف.

من جهته أعرب اريك بورتو المدير المالي لشارلي إيبدو عن أمله في أن يشكل ذلك "انتصارا" للصحيفة. وقال بصوت متهدج "هذا لن يعيد زملاءنا الذين قتلوا. ولكنهم كانوا سيرغبون بمواصلة النضال". وقال المحامي ريتشارد مالكا الذي يعمل لدى شارلي إيبدو إن الصحيفة ستنشر عددها القادم يوم الأربعاء المقبل (14 يناير/ كانون الثاني)، رغم الاعتداء الدموي الذي تعرض له مقرها مؤخرا. وقال مالكا لوكالة الأنباء الفرنسية إن المجلة ستطبع مليون نسخة، وهو عدد يزيد كثيرا على عدد النسخ المعتادة طباعتها، والتي كانت لا تزيد عن عشرات الآلاف.

تباين آراء الصحف كبريات الصحف في العالم إزاء نشر الرسوم الساخرة من النبي محمدصورة من: AFP/Getty Images/S. Diallo

موقف حذر لدى الصحافة الانغلوساكسونية

الصحف البريطانية والأميركية التي أكدت تضامنها مع صحيفة شارلي إيبدو، اتخذت موقفا حذرا من مسألة إعادة نشر رسوم الكاريكاتير. فقد أعلن دين باكيت مدير النشر بنيويورك تايمز أن صحيفته "لا تنشر عادة صورا تتعمد جرح المشاعر الدينية". ولشرح قرار الصحيفة الأميركية قال باكيت إنه بحث كثيرا مسألة إعادة نشر تلك الرسوم، وانتابه التردد في وقت ما، لكنه في نهاية المطاف اتخذ قراره بعدم النشر احترما لمشاعر قراء الصحيفة المسلمين." لكن قرار الصحيفة الأميركية تعرض بدوره إلى سيل من انتقادات قرائها.

كما قررت معظم قنوات التلفزيون الأميركية عدم عرض الرسوم التي اعتبرتها "مهينة" للمسلمين، وفق مذكرة داخلية لتلفزيون "سي ان ان" تسربت إلى الصحف. لكن مجلة "الايكونوميست" البريطانية انتقدت هذا الموقف وقالت إن "شرح محتوى الرسوم وعدم عرضها يعني الخضوع للإرهابيين. الرسامون كانوا يعرفون أنهم مهددون بالقتل ورفضوا فرض الرقابة عليهم وهم الآن أموات. شطب الرسوم التي دفعوا حياتهم ثمنا لها يعني قتلهم مجددا".

وبخلاف معظم الصحف الدنماركية التي قررت إعادة نشر الرسوم، نأت صحيفة صحيفة يولاندس بوستن بنفسها، وقررت عدم نشر تلك الرسوم، ولتفسير قرارها قالت الصحيفة في افتتاحيتها الجمعة (9 يناير/ كانون الثاني) "هذا يظهر أن العنف يفلح"، في تبرير لفرضها إعادة نشر رسوم أسبوعية شارلي إيبدو.

وكانت صحيفة يولاندس بوستن قد أثارت موجة من الاحتجاجات في العالم الإسلامي قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا حين نشرت عام 2005 اثني عشر رسما كاريكاتيريا لعدد من الفنانين كان معظمها عن النبي محمد. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها "عشنا في خوف من هجوم إرهابي طوال تسع سنوات ونعم هذا هو سبب عدم نشرنا للرسوم الكاريكاتيرية سواء كانت لنا أو لشارلي إيبدو وندرك أيضا أننا نرضخ بذلك للعنف والترويع."

الاعتداء على شارلي إيبدو يتصدر الصحف الألمانية وبعضها أعاد نشر الرسومصورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld

نقاش صعب في ألمانيا

وفي ألمانيا، أعادت صحف ألمانية نشر رسوم شارلي إيبدو ومن بينها الرسم الساخر المتعلق بالنبي محمد. وهو ما فعلته صحيفة "بيرلينر تسايتونغ (B.Z.) وعنونت صفحتها الأولى بعبارة فرنسية معناها "تحيا الحرية". فيما عمدت صحف أخرى إلى نشر تلك الرسوم في زوايا غير بارزة من الصفحة الأولى.

وقد أعادت التطورات الأخيرة جدلا صعبا داخل هيئات تحرير الصحف الألمانية حول الموضوع منذ سنوات، ففي عام 2013 أعادت صحيفة"دي تسايت" نشر رسم ساخر يحمل عنوان "حياة محمد"، لكنها حجبت بالأسود جانب الصورة التي يبدو فيها رسم للنبي محمد. وأكدت الصحيفة آنذاك أنه يتعين"البقاء في إطار الحرية"، ولكن في إطار الهدوء وبأنه "ليس من الأدب الإساءة لإنسان"، مفسرة قرارها التحريري. ومن جهتها وصفت صحيفة "برلينر تسايتونغ" في العام الماضي تلك الرسوم الساخرة بأنها "استفزاز بدائي".

أما صحيفة "دي فيلت" المحافظة فقد قررت في عام 2006 نشر الرسوم الساخرة، بخلاف معظم الصحف الألمانية التي كانت متحفظة إزاء الموضوع. وفي عام 2010 أعربت المستشارة أنغيلا ميركل، خلال حفل منح جائزة الإعلام، لرسام صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية، كورت فيسترغارد، عن اعتقادها بأنه وفق قيم المجتمع الغربي يمكن لصحيفة نشر رسوم عن النبي محمد، بصرف النظر عن إعجابنا أو عدم إعجابنا بتلك الرسم. وتعرضت ميركل إبانها لانتقادات من هيئات إسلامية في ألمانيا واعتبرت موقفها بمثابة"صب للزيت على النار".

وتأسست صحيفة شارلي إيبدو في عام 1970 ولا تتردد في نشر صور مستفزة ساخرة من المسؤولين والشخصيات البارزة والمشاهير والأديان. ففي شباط/ فبراير 2006، أعادت الصحيفة على غرار صحف أوروبية أخرى، نشر 12 رسما للنبي محمد كانت نشرتها صحيفة ييلاندس بوستن الدنماركية، وذلك تحت شعار حرية التعبير. وأثارت تلك الرسوم التي اعتبرت مسيئة للنبي محمد تظاهرات عنيفة في العالم الإسلامي وأصبحت "شارلي إيبدو" منذ ذلك التاريخ هدفا لتهديدات متكررة من مجموعات إسلامية متطرفة.

وكان القضاء الفرنسي قد برَأ الصحيفة في 2008 من تهمة "الإساءة للمسلمين"، معتبرا أن الرسوم المثيرة للجدل استهدفت بوضوح قسما هم "الإرهابيون، وليس المسلمين جميعهم".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW