نصرالله يهدد: لن يستخرج "أحد" الغاز والنفط إذا مُنع لبنان
١٣ يوليو ٢٠٢٢
هدد زعيم حزب الله اللبناني الشيعي حسن نصرالله بأنه لن يتمكن "أحد" بالعمل في حقول النفط والغاز إذا مُنع لبنان من "حقوقه" في الاستخراج قبالة سواحله. إسرائيل التي يعتقد أنها المستهدفة بالتهديد، لم تعلق بعد على كلام نصرالله.
إعلان
حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأربعاء (13 يوليو/ تموز 2022) من نشوب حرب في حال "مُنع لبنان من استخراج النفط والغاز من مياهه"، في وقت لم تصل فيه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية إلى نتيجة. وأضاف أنه لن يتمكن "أحد" بالعمل في حقول النفط والغاز البحرية إذا مُنع لبنان من "حقوقه".
وقال نصر الله في خطاب تلفزيوني "ونقول إن لم تعطونا حقوقنا والسماح للشركات بالعمل، فنحن ذاهبين لقلب الطاولة في المنطقة".
وأضاف نصر الله في إشارة على ما يبدو لإسرائيل "إذا بدكم توصلوا لمعادلة أن هذه البلد (لبنان) ممنوع من استنقاذ نفسه لن يستطيع أحد أن يستخرج غازا ونفطا ولن يستطيع أحد أن يبيع غازا ونفطا".
ويخوض لبنان مفاوضات بوساطة أمريكية مع إسرائيل لترسيم حدود بحرية مشتركة من شأنها أن تساعد في تحديد موارد النفط والغاز التي تنتمي إلى أي دولة.
وبدأت إسرائيل بالفعل العمل في حقل نفط كاريش من خلال سفينة تديرها شركة إنرجيان ومقرها لندن. وكان حزب الله أطلق في الثاني من يوليو/تموز ثلاث طائرات مسيرة غير مسلحة باتجاه السفينة قبل أن تعترضها إسرائيل.
وقال نصر الله إن هذه هي "المرة الأولى" التي يقع فيها مثل هذا الهجوم وأن الهدف منه تنبيه العاملين على متن السفينة بأنها "ليست منطقة آمنة". ولمح إلى مزيد من الهجمات، قائلا إن جماعته لديها قدرات عسكرية برية وجوية وبحرية، ويمكنها نشر "عدد كبير" من الطائرات المسيرة "في آن واحد وزمان واحد وعلى هدف واحد".
وهدد نصر الله قائلا "كاريش وما بعد كاريش وما بعد بعد كاريش.. سجلوا هذه المعادلة الجديدة"، مكررا تهديدا أطلقه قبل أسابيع قليلة من صراع دام شهرا مع إسرائيل في عام 2006 عندما هدد بضرب "حيفا وما بعد حيفا".
وبعد ذلك شنت الجماعة الشيعية هجمات صاروخية على حيفا. وصادف اليوم الأربعاء الذكرى السنوية السادسة عشرة لبدء الصراع في عام 2006. كما أصر نصر الله على أن لبنان لديه "فرصة ذهبية" في الشهرين المقبلين لتأمين حقوقه البحرية قبل أن تكمل إسرائيل العمل في كاريش.
وحث المسؤولين اللبنانيين على استخدام جماعته كوسيلة ضغط، قائلا إن حزب الله هو "القوة الوحيدة" في لبنان. وقال نصر الله "أريد أن أقول للمسؤولين اللبنانيين أن هذه (في إشارة إلى حزبه) القوة الوحيدة بأيدكم استفيدوا منا، استغلونا".
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد أكد الأسبوع الماضي أن مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مع إسرائيل، ستنتهي قريبا، والحل سوف يرضي الجميع. وجاءت تصريحات عون في حديث أدلى به لمحطة (أو تي في) المحلية.
وقال الرئيس اللبناني إن الحلّ "لمصلحة الجميع، فإننا نرسم الحدود وفي مثل هذا الأمر، يجب على الطرفين أن يكونا راضيين على الحلّ، وإلا تتحول المسألة إلى وضع يد لطرف على الآخر".
وأضاف عون: "يمكنني القول إن المدة التي تفصلنا عن الحلّ باتت قصيرة، وأعتقد أننا أصبحنا على مشارف التفاهم مع الأمريكيين الذين يتولون الوساطة بين لبنان وإسرائيل، ولكن لا أعلم الوقت المحدد لهذا الحل. إنما أعتقد أننا سنصل إلى حلّ يرضي الجميع" مؤكّداً وجود أجواء إيجابية بهذا الخصوص، "وإلا كنا أوقفنا التفاوض".
يذكر أن الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين كان قد زار بيروت في 13 حزيران/يونيو الماضي والتقى كبار المسؤولين اللبنانيين، وسمع منهم ردا موحّداً في مسألة المفاوضات غير المباشرة للترسيم يتمثل بالتمسك بالخط 23 وبحقل قانا كاملاً .
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام