"نصر الله يُخير اللبنانيين بين المحكمة والسلم الأهلي"
٢٣ يوليو ٢٠١٠دويتشه فيله: تحدث حسن نصر الله عن "مؤامرة دولية تستهدف لبنان" ودعى قوى الرابع عشر من آذار إلى عدم الانخراط فيها،هل تعتبر هذه التصريحات مؤشرا على احتمال تصعيد الوضع في لبنان؟
زياد ماجد: أعتقد أن المرحلة الحالية تتسم بالجمود أو المراوحة في انتظار وضوح وانجلاء التطورات الإقليمية التي تحدد المحاور المتحالفة والمتخاصمة في المنطقة، أو مسار الملف النووي الإيراني، وطبعا مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المعلقة. وهذا ينعكس على لبنان لأنه منكشف على رياح الخارج، نتيجة هشاشة الجماعات الوطنية فيه. ولا اعتقد بالتالي أن هناك جديدا أو أننا مقبلون على مرحلة فيها تصعيد نوعي بل أعتقد أن الأمور ستظل بين التصعيد والتهدئة لفترة إلى أن تحل القضايا التي سبق وأن ذكرتها.
حسن نصر الله رفض القرار "الظني" المتوقع أن تصدره المحكمة الدولية بداية سبتمبر/أيلول المقبل، وقال إنه "قرار يستهدف حزب الله" وأن الأخير "سيعرف كيف يدافع عن نفسه"، ماذا يعني بذلك؟
في نظري تصريح السيد نصر الله كان تصريحا استباقيا، فيه رسالتان واحدة موجهة للداخل والأخرى للخارج. فللخارج أراد أن يقول إن أي قرار يصدر عن المحكمة سيعتبره الحزب قرارا إسرائيليا وعدوانا عليه، وأن لا مجال للمساومة، وأنه في حال اتهمت عناصر من الحزب وقيل إنها عناصر غير منضبطة ولا علاقة لها بالقيادة، فإن الحزب سيرفض ذلك كليا.
كما أراد نصر الله أن يقول في رسالته الثانية إن على لبنان وتحديدا قوى الرابع عشر آذار، أو من تبقى منها أن تختار بين المحكمة والاستمرار فيها وبين الهدوء والسلم الأهلي، وهذا له انعكاسات على الحكومة لأن حزب الله وحلفاءه مشاركون فيها، وفي حال استمر موضوع المحكمة يستطيعون الانسحاب وإسقاط الحكومة من خلال النصاب الذي يتوفرون عليه.
وأعتقد أن الكلمة الأخيرة لم تنطق بعد، فتيار المستقبل المعني أساسا بالموضوع لم يرد بعد على خطاب نصر الله، لكن كانت له مواقف منذ فترة تظهر أن المحكمة أصبحت أمرا خارجيا، وأنه يمكن فصل بعض ما ستقوله عن المسار الداخلي اللبناني، بمعنى أن تيار المستقبل لا يتهم طرفا لبنانيا بعينه بل يقبل ربما باتهام أعضاء من هذا الطرف أو ذاك في حال ثبت ذلك في التحقيق.
في نظرك، ما موقع سوريا في موضوع المحكمة الدولية وهي التي كانت توجه إليها أصابع الاتهام في كل عمليات القتل التي تلت اغتيال الحريري في فبراير/شباط 2005؟
أعتقد أن النظام السوري مستفيد في هذه المرحلة من مجموعة من العوامل لها علاقة بالوضع الإقليمي، فالدول الثلاث القوية في المنطقة، أي إيران وتركيا وإسرائيل، لها إما علاقات وطيدة معه أو تفضله على الفراغ أو حالة الفوضى، لذلك لم يعد يشعر أنه مهدد، على الأقل في وجوده ضمن اللعبة الإقليمية.
أما فيما يخص ملف المحكمة، فالحديث عن اتهام حزب الله يريحه، بمعنى أن الاتهام يذهب إلى وجهة أقرب إلى إيران منها إلى دمشق، وهذا قد يجعل من سورية وسيطا للتوفيق بين حزب الله عبر حليفته إيران وبين قوى أخرى من أجل الوصول إلى تسوية، مما يعطي النظام السوري أوراقا إضافية. لكن بالنسبة إلى الاتهامات التي وجهت إلى النظام السوري طيلة تلك الفترة لم تكن بدون مبررات واقعية، فكل الذين اغتيلوا كانوا معارضين للنظام السوري، ومنذ أن بدأ الانفتاح عليه من قبل السعودية ثم فرنسا وأمريكا وبدا وضعه جيدا، توقفت كل الاغتيالات في لبنان.
المشكلة في لبنان هو أننا لم ننجح في مصالحة بعضنا البعض، فأطراف لبنانية توالي هذا الطرف الخارجي وأخرى توالي ذاك، مما يعني أن أي صدام خارجي ينعكس مباشرة على الشأن الداخلي اللبناني، وهذا مأزقنا قبل المحكمة الدولية، معها، وربما للأسف بعدها، إن لم نعد النظر في الكثير من الأمور.
أجرى الحوار: حسن زنيند
مراجعة: عبده جميل المخلافي
زياد ماجد هو كاتب وأستاذ جامعي لبناني أنجز دراسات حول قضايا التحول الديموقراطي في لبنان والعالم العربي. وفي عام 2004 شارك ماجد مع مجموعة من السياسيين والمثقفين اللبنانيين في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي، التي شارك فيها أيضا سمير قصير. ومن أهم كتبه "ربيع بيروت والدولة الناقصة". في عام 2009 انضم إلى هيئة تحرير نشرة الأفق الثقافية السياسية و إلى "منتدى ربيع بيروت".