تلقت غادة شعاع، صاحبة الميدالية الأولمبية الذهبية الوحيدة لسوريا، الكثير من الوعود من نظام الأسد، لكنها لم تحصل إلا على الأكاذيب وتهديدات بالقتل، بيد أنها لم تكن الوحيدة. فكيف دمر نظام الأسد جيلا كاملا من الرياضيين؟
إعلان
قالت غادة شعاع، صاحبة الميدالية الأولمبية الذهبية الوحيدة لسوريا، إن عائلة الأسد سرقت فرحتها. وشددت على أن فوزها بذهبية ألعاب دورة أولمبياد أتلانتا الصيفية عام 1996 كان من أجل الشعب السوري وليس نظام الأسد، الذي زعم أنه يمثل السوريين.
وفي مقابلة مع DW، قالت: "الديكتاتور حافظ الأسد هدد بقتلي عبر أجهزته الاستخباراتية. تلقيت الكثير من الوعود بعد الإنجازات التي حققتها لبلدي. كان الناس يسألونني فقط: هل التقيت بالأسد؟ وكنت أجيب بـلا".
وأضافت: "على وقع إجابتي هذه، تلقيت تهديدات، ما كان يعني أنه كان يجب أن أكذب وأقول إن الأسد قابلني وكرّمني وأعطاني حقي المالي. أنا سعيدة لأنني لم أقابل حافظ ولا ابنه الفاسد بشار. أشكر من تمكنوا من تحريرنا من هذا الطاغية".
يذكر أنه في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، سقط نظام الأسد، الذي استمر 54 عاماً عبر الأب والابن، عندما استولى المتمردون على السلطة. وتصف شعاع ذلك اليوم بأنه "يوم عرس سوريا". وهي تأمل أن يؤدي ذلك اليوم إلى مستقبل أفضل لسوريا وأن تصبح وطنا لكل من يعتبرها وطنه.
استحالة العيش في سوريا
عاشت غادة في ألمانيا لمدة 25 عاما تقريبا. وعوقبت ماليًا لعدم عودتها من إعادة تأهيل إصابتها في ألمانيا بعد أولمبياد سيدني عام 2000. وتقول: "لا يمكن تصديق كم القمع والظلم الذي بداخلي". وأشارت بطلة السباعي إلى أنها تلقت تهديدات بالقتل بشكل مستمر، فيما كانت المرة الأخيرة عام 2021، عقب إجرائها لمقابلة مع DW، مضيفة أنها وجدت متفجرات تحت سيارتها قبل حوالي شهرين.
في عام 2022 وبسبب مرض والدتها، قررت غادة شعاع العودة إلى سوريا لترافق والدتها المريضة.
وأثناء وجودها في سوريا، قدمت لها الحكومة عرضا من الصعب رفضه تمثل في تعيينها مستشارة رياضية داخل الجنة الأولمبية السورية. وشددت على أن هذا المنصب وأيضًا الصورة التي أُجبرت على التقاطها عام 2015 مع قوات الدفاع المدني، لم تكن نوعا من التأييد للنظام السوري وإنما تم ذلك تحت الضغط الشديد الذي مارسه النظام عليها.
وقالت شعاع: "جاء سجن صيدنايا بمثابة رسالة واضحة للعالم. الناس يسألون لماذا لم أتحدث. حسنا، لم أستطع لأنني كنت أعيش في كنف القمع وتحت التهديدات حيث يمكن أن أختفي ببساطة تحت الأرض مثل الآخرين".
وأضافت: "كنت خائفة على سلامة عائلتي في سوريا. كنت أعيش في قلق دائم. فكرت في مغادرة البلاد مرة أخرى عدة مرات، لكنني تلقيت رسائل تذكرني بقوة ونفوذ الاستخبارات السورية وأسلوبها الإجرامي".
ورغم ذلك، كانت غادة شعاع تجد بصيص أمل في أن الوضع القاتم سوف يتغير وأنها قد تساهم في هذا التغيير، لكن آمالها تحطمت عقب استبعادها من البعثة الأولمبية السورية التي شاركت في أولمبياد باريس لعام 2024.
وقالت: "وعود النظام السوري لم تكن سوى حبر على ورق. تجاهلوني. لم يعطوني حتى راتبي لمدة عام كامل. أخيرًا، حصلت على نصف الراتب. ربما اتخذت القرار الخاطئ بقبول هذا المنصب، لكن كان علي أن أفكر في مصير عائلتي. كان يحدوني الأمل في غد أفضل".
وتسرد ذكرى اليوم الذي عاصرت فيه سقوط نظام بشار الأسد، قائلة: "سئم الجميع. كان يجب أن يحدث شيء ما. كنت أخطط بالفعل للعودة إلى ألمانيا، خاصة أن بقية عائلتي كانوا يخططون للرحيل عن سوريا. رغبت في التحدث والتعبير عن نفسي فلم يكن لدي ما يمكنني أن أخسره".
إعلان
الاتحاد الرياضي السوري .. "مقبرة الرياضيين"
منذ تأسيسه عام 1971، استشرى الفساد داخل الاتحاد الرياضي العام السوري الذي أسسه حافظ الأسد بعد فترة وجيزة من وصوله إلى السلطة. وقالت غادة إن الاتحاد الذي يعد أعلى هيئة رياضية في سوريا، أضحى بمثابة "مقبرة للرياضيين" في ظل ارتباطه بحزب البعث الحاكم وعقليته العسكرية.
وأضافت: "لم يتغير شيء في هيكل الاتحاد أو العقلية التي تديره منذ ذلك الحين. لقد أصبح أسوأ وأسوأ مع مرور الوقت حيث يتم إقالة مسؤول فاسد ثم يتم توظيف مسؤول فاسد آخر. لقد دمروا جيلًا كاملًا من الرياضيين السوريين".
يشار إلى أنه تم حل الاتحاد الرياضي العام في سوريا في ضوء ارتباط رئيسه السباح السوري السابق فراس معلا بعلاقات وثيقة بعائلة الأسد.
حكم معلا الاتحاد بقبضة من حديد حيث لم يجرؤ أي شخص على معارضته.
وتطالب غادة بمحاكمة معلا، قائلة: "فراس معلا هو مسؤول فاسد يتبع هذا النظام الفاسد، يجب أن يُحاكم أمام جميع السوريين. استخدم معلا اسم اللجنة الأولمبية لصالح عائلته حيث هدد العديد من الرياضيين في ضوء أن بعض أقاربه في القصر الرئاسي".
يشار إلى أن الأسد كان يظهر أحيانًا في الأحداث الرياضية، بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية 2023 في هانغتشو بالصين.
وكانت غادة تأمل في أن تتمكن من الحديث إلى الأسد بشأن وضع الرياضة في سوريا، لكن تم رفض طلبها.
رفع العلم؟
تريد غادة من الحكومة الجديدة إنشاء وزارة مستقلة تعنى بالرياضة السورية، على غرار الدول الأخرى، وتقول: "علينا القضاء على عقلية الفساد التي خلفها حافظ الأسد وابنه بشار. هذا الفساد أشبه بالسرطان الذي انتشر ودمر منظمتنا الرياضية".
ودعت إلى إرسال الرياضيين السوريين الواعدين إلى الخارج لصقل مهاراتهم فضلًا عن إعادة المواهب الرياضية التي اضطرت إلى الفرار من البلاد.
بيد أن الشيء الوحيد الذي ترغب في الاحتفاظ به هو العلم الذي فازت تحت ظله بميداليتها الذهبية في أتلانتا 1996، قائلة: "هذا العلم ينتمي إلى الشعب السوري وليس إلى نظام الأسد. لماذا تريدون منا أن نعود إلى الوراء وليس التقدم صوب الأمام؟"
وشددت على ضرورة أن تقوم السلطة الجديدة "باختيار المسؤولين على أساس الكفاءة، فيما يجب أن تلعب السوريات دورًا كبيرًا في المناصب القيادية. بناء الرياضة جزء مهم من نجاح أي بلد، سواء أكان نجاحًا سياسيًا أو اقتصاديًا".
ورغم الغموض الذي يكتنف مستقبل سوريا، فإن غادة ما زال يحدوها الكثير من الأمل في أن يكون وطنها في وضع أفضل وأن يتمكن من الهروب من الفخاخ التي سقطت فيها بعض دول المنطقة.
أعده للعربية: محمد فرحان
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي