نظام اللجوء في سويسرا وهولندا.. الخيار الأمثل لألمانيا؟
٢١ أكتوبر ٢٠١٨
يعتقد خبير في شؤون الهجرة أن على ألمانيا أن تتبع أحد أنظمة البت بطلبات اللجوء في سويسرا أو هولندا، مشيراً إلى أن عدداً أقل من المهاجرين سيطلبون اللجوء في ألمانيا إذا كان النظام أسرع وأكثر كفاءة.
إعلان
المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا مشغول بالقيام بإصلاحات، فبعد أن واجه تحديات كبيرة مع قدوم مئات الآلاف من طالبي اللجوء، واتخذ قرارات خاطئة في بعض الأحيان، بالإضافة إلى عدم كفاءة بعض الموظفين والفساد في معالجة بعض الملفات، يجب عليه الآن تحسين أنظمة الحاسوب فيه، بالإضافة إلى حاجته لتعيين مئات الموظفين الأكفاء الإضافيين.
ويرجع العديد من الخبراء أسباب الأخطاء في المكتب الاتحادي، والتي طفت على السطح من خلال عدة فضائح فساد، إلى ميل المكتب إلى التسرع في الإجراءات، من أجل التعامل مع العدد الكبير من طلبات اللجوء في ألمانيا خلال موجة اللجوء. وبالرغم من انخفاض أعداد طالبي اللجوء في ألمانيا بشكل ملحوظ، إلا أن عددهم في ألمانيا ما يزال أكبر من غالبية البلدان الأوروبية الأخرى.
وقد وعد الرئيس الجديد للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا هانز-إيكارد زومر بتحقيق النتائج المرجوة من عملية الإصلاح، من خلال الجودة والسرعة في معالجة طلبات اللجوء، وقال: "أعتقد أننا نستطيع تحقيق الاثنين معاً".
دروس للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين
لكن السؤال هو كيف يمكن للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا أن يكون أكثر فعالية وكفاءة؟ يعتقد الخبير في مقارنة سياسات الهجرة، ديتريش ترينهارت إلى أن ألمانيا تحتاج إلى الاستفادة من نماذج أنظمة اللجوء في كل من سويسرا وهولندا.
وقد اقترح ترينهارت، الباحث في معهد بيرتلسمان الألماني، فكرته باعتماد أحد نماذج اللجوء في سويسرا أو هولندا في معالجة طلبات اللجوء على المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء في ألمانيا في عام 2016، لكن تم رفض الفكرة. يقول ترينهارت: "كانوا سلبيين للغاية فيما يتعلق بهذا الموضوع". ومن أجل معالجة المشاكل في نظام البت بقرارات اللجوء في ألمانيا ينصح الخبير باعتماد اقتراحه السابق نفسه.
يقول ترينهارت: "لا يزال المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أمّ كل المشاكل"، ويتابع: "الهولنديون (دائرة الهجرة) أكثر كفاءة بكثير، كما أن السلطات السويسرية أكثر كفاءة. فقد أوجدوا نموذجاً يستطيعون من خلاله الاعتراف (بطلبات اللجوء) بسرعة كبيرة وجيدة جداً".
"نماذج فعالة"
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على جودة إجراءات اللجوء. وتسعى جميع الدول الأوروبية إلى اتخاذ قرارات سريعة بشأن وضع اللاجئين بالإضافة إلى الترحيل السريع لأولئك الذين لا يحتاجون إلى الحماية. وتصب الفترات القصيرة في معالجة الطلب لصالح طالبي اللجوء أيضاً عن طريق تقليل وقت الانتظار والقلق الناتج عن ذلك.
وبحسب متحدثة باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا فإن الإصلاحات الأخيرة في المكتب ساعدت على تسريع الإجراءات، حيث أنه يتم البت بطلبات اللجوء خلال بضعة أشهر، حسبما قالت المتحدثة.
وبالرغم من أن إجراءات اللجوء في هولندا، التي غالباً ما يشار إليها كمثال على معالجة طلبات اللجوء بشكل سريع، أصبحت أبطأ في الآونة الأخيرة، وفقاً للمجلس الهولندي للاجئين، إلا أن الوقت الذي تستغرقه ما يزال أقصر مما هو عليه الحال في ألمانيا.
وتستغرق إجراءات اللجوء في هولندا ستة أشهر كحد أقصى في الحالات التي تحتاج إلى مزيد من التقييم، كما أن طالب اللجوء يحظى بالدعم من محامٍ طيلة فترة اللجوء، مما يقلل من احتمال الأخطاء والحاجة إلى الاستئناف.
يقول ترينهارت إن هذا النظام السريع يعمل بفعالية لأنه يردع الأشخاص الذين لديهم فرص قليلة بالحصول على اللجوء والذين قد يواجهون الترحيل السريع، من القدوم، ويضيف: "المهربون يخبرون اللاجئين المشكوك بحصولهم على اللجوء بعدم الذهاب إلى سويسرا أو هولندا، بل بالذهاب إلى ألمانيا، لأن الأمر يستغرق وقتًا طويلاً".
ونتيجة لذلك، يقول ترينهارت، فإن النسبة المئوية "للاجئين الحقيقيين"، وبالتالي نسبة القرارات الإيجابية، هي أعلى في سويسرا وهولندا.
سبب التردد الألماني
يكلف النظام السريع في البت بطلبات اللجوء، في كل من سويسرا وهولندا، المزيد من المال، وفي ظل النظام الفدرالي في ألمانيا، فإن التكاليف المترتبة على استقبال اللاجئين يتم تقاسمها بين الحكومة الاتحادية والولايات، وقد يمثل ذلك توفيراً كبيراً مقارنة بالنموذج الحالي. ففي ظل إجراءات أسرع، ستتحمّل الحكومة الاتحادية نفقات أكبر في البداية، بينما ستنفق الولايات الاتحادية مبالغ أقل على المساعدات الاجتماعية المقدمة لطالبي اللجوء على المدى الطويل.
وهناك سبب آخر لعدم رغبة ألمانيا بتطبيق النموذج السويسري في البت بطلبات اللجوء، كما يرى ترينهارت، والذي يوضح أن "الداخلية الألمانية تعتقد أنه كلما كان الحصول على قرار اللجوء أسرع، كلما جاء عدد أكبر من المهاجرين".
لكن ترينهارت يعتقد أن العكس هو الصحيح، كما أثبتت التجربة في النمسا، ويقول: "اعتقدت النمسا أنها إذا صعّبت إجراءات اللجوء لتستغرق عملية اللجوء وقتاً طويلاً، فسيثني ذلك الناس عن القدوم"، ويضيف: "لكن في الواقع يحصل العكس تماماً".
ألمانيا و"لاجئوها" ـ أبرز الأحداث منذ اعتداء زولينغن
أحيت ألمانيا الذكرى الـ 25 لاعتداء الحرق بمدينة زولينغن، الذي استهدف منزل عائلة ذات أصول تركية وأسفر عن مقتل خمسة من أفرادها وجرح أربعة. بيد أنه لم يكن الاعتداء الوحيد الذي شهدته ألمانيا في العقود الأخيرة ضد الأجانب.
صورة من: Imago/Tillmann Pressephotos
اعتداء زولينغن الرهيب
بحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.
صورة من: dpa
نصب تذكاري
وتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
مقتل شاب جزائري
في نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
قنبلة مسامير تنفجر في شارع الأتراك بكولونيا
في شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.
صورة من: DW/A. Grunau
خلية "إن إس يو"
كانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
موظف يضرم النيران من مسكن للاجئين
في فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
خلية "فرايتال"
بين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أرقام مقلقة في عام 2017
مدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ظهور حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام
في موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
انبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.
صورة من: Getty Images/C. Koall
أصوات معارضة للبديل
في 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.
صورة من: DW/W. Glucroft
دريسدن تنتفض ضد التطرف
وكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.
صورة من: picture-alliance /dpa/A. Burgi
كراهية الأجانب "تطيح بأسس الدين المسيحي"
الكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.