تذهب دراسة حديثة صدرت عن جامعة كندية إلى أنّ أغلب المعادن الثمينة في الأرض، ومنها الذهب والبلاتين والتيتانيوم والبلوتونيوم، تساقطت على كوكبنا الأزرق بعد انفجار ثقب أسود أطلقوا عليه اسم "كولابسر"، بمعنى المنهار.
إعلان
الخاتم الذهبي الذي يزين أصابع كثير من الناس، وإطارات النظارات الثمينة القوية وخفيفة الوزن المصنوعة من التيتانيوم، والتي يبتاعها الناس بمبالغ باهظة، والأجزاء الدقيقة التي تصنع منها مركبات الفضاء والطائرات، مصدرها انفجار كوني وهي ليست مجرد معادن ثمينة مستخرجة من أعماق الأر ض.
هذه النتائج قد تغير فهمنا وفهم العلماء الذين تساءلوا عن مصدر المكونات المعدنية الثمينة النادرة في الأرض، خصوصاً أنّ العناصر الكبرى الشهيرة لا تشابه تلك المكونات، فالخشب الناتج عن الأشجار والورق الناتج عن ورق الأشجار، والحديد والنحاس والرصاص والفضة في جوف الأرض، مع عشرات العناصر الأخرى، تختلف في تركيبها الذري جذرياً عن المعادن الثمينة التي تتحدث عنها الدراسة، التي صدرت عن جامعة غويلف والتي نشرت يوم الخميس (13 حزيران/ يونيو 2019) على صفحة "ساينس ديلي" الأمريكية وكشف فيها أنّ المعادن المشار إليها تناثرت متساقطة من انفجار كوني هائل مغرق في البعد الزمني عن مجموعتنا الشمسية.
الدراسة الجديدة تذهب إلى أن ما نسبته 80 في المائة من المعادن الثقيلة تقريباً في الأرض تساقطت هي الأخرى منصهرة بشكل نافوري على كوكبنا في مرحلة التكوين. لكنّ الفرق الزمني كبير بين هذا التساقط والتساقط الذي نتجت عنه معادن ثمينة. وتتحدث الدراسة عن نجوم يفوق حجمها ووزنها بثلاثين مرة وزن شمسنا، وهي النجمة الكبرى في المجموعة الشمسية التي نعيش ضمنها، كما أكد البروفسور دانيال زيغل، قائد فريق البحث الثلاثي الذي أجرى الدراسة.
فريق البحث، وباستخدام مطيافات (أجهزة تقيس الخواص الضوئية عبر الموجات المعناطيسية)، نجح في محاكاة ديناميكية الثقوب السوداء المتساقطة، والتي نتجت عن جاذبية فائقة متراكمة أفقدت النجوم قدرتها على الطواف في الفضاء الكوني، فتحولت إلى ثقوب سوداء وتفجرت متساقطة على الكون.
تلسكوب صيني لرصد الثقوب السوداء
01:02
وتتفق الدراسة مع نظرية سابقة مفادها أن كل العناصر الموجودة في الطبيعة تكونت عبر ردود فعل نووية في نجوم بعيدة وطردتها قوى التفجيرات الهائلة لتتحول إلى تفجيرات متساقطة طويلة العهد. وقد يفسر هذا استخدام اليورانيوم والبلوتونيوم في المفاعلات النووية، علاوة على المواد الكيماوية الغريبة الموجودة في مكونات الإلكترونيات التي نستخدمها كل يوم بجنون، ومنها الهواتف الذكية وأجهزة التلفاز الذكية والحواسب على اختلاف أنواعها، علاوة على ما لم يطّلع عليها المستهلك بعد في عالم الذكاء الصناعي والرقميات ونتائجها الباهرة.
ويشرح البروفسور زيغل أن عدم تكرارية التساقط الكوني يستعاض عنه بإنتاج أجيال لا نهاية لها من العناصر الثقيلة، كما أن المتساقطات تنتج ومضات مكثفة من أشعة غاما.
ويأمل الفريق أنّ معدات الأشعة تحت الحمراء الموجودة ضمن تلسكوب الفضاء المعروف باسم "جيمس ويب"، والمؤمل إطلاقه عام 2021، سيكون بإمكانها متابعة مصادر الإشعاع الصادرة عن معادن متساقطة في مجرات كبرى بعيدة عن مجرتنا درب التبانة.
م.م/ ي.أ
كيف تنشأ الثقوب السوداء؟
الثقوب السوداء هي أكثر الأسماء غرابةً في عالم الفيزياء وأكثر الظواهر إخافةً وهي نقاط رعب في السماء، فما هي تلك الثقوب وكيف نشأت؟
صورة من: NASA/CXC/SAO/A.Prestwich et al
كأنه كتلة من العدم؟
ليست الثقوب السوداء ثقوبا، وإنما هي بقايا نجوم ميتة. وتمضي ملايين، بل ومليارات الأعوام قبل أن ينقضي عمر هذا النجم أو ذاك وتتحول بقاياه إلى ثقب أسود.
صورة من: cc-by-sa 2.0/Ute Kraus
انفجار السوبرنوفا
سوبرنوفا أو ما يطلق عليه الانفجار المستعرّ الأعظم، أو الطارف الأعظم، وهو تعبير يصف انفجارات تحدث عند نهاية عمر النجم. وأثناء هذا الانفجار تنهار كتلة النجم في انفجار عظيم، يبث ضوء شديد الإشعاع وكأنه مجرة.
صورة من: NASA
قوة الانفجار العكسية
تحت تأثير الجاذبية الذاتية، تبدأ كتلة النجم مرحلة انهياره بالانضغاط. ويحدث فيها انهيار من نوع خاص ناجم عن قوة الانفجار العكسية، فالضغط يجعل النجم صغيرا جدا ويتحول إلى ثقب أسود شديد الكثافة، وهي عملية معقدة تساعدنا على فهمها النظرية النسبية لآينشتاين.
صورة من: NASA and M. Weiss (Chandra X -ray Center)
تكون الثقب الأسود
وبفعل الجاذبية القوية للثقب الأسود، يمتص الأخير كل الكتل القريبة منه كالنجوم والكواكب الأخرى، بل حتى الضوء الذي يمتصه الثقب الأسود فيعجز عن الانفلات منه بفعل قوة الجاذبية.
صورة من: X-ray: NASA/CXC/MIT/C.Canizares, M.Nowak; Optical: NASA/STScI
الكتلة والمصير النهائي للنجم
لا تتحول كل النجوم بالضرورة إلى ثقوب سوداء، إلا إذا فاقت كتلتها 1,4 من كتلة الشمس وإلا فإنها تتحول إلى قزم أبيض. أما إذا تجاوزت الكتلة تلك النسبة، فإما أن يتحول النجم إلى ثقب أسود أو نجم نيوتروني، علما أن الأول يتكون من كتلة أكبر بكثير من تلك التي يتكون منها النجم النيوتروني.
صورة من: NASA and H. Richer (University of British Columbia)
لغز الثقوب السوداء العملاقة
يميز العلماء بين أنواع من الثقوب السوداء حسب كتلتها، ومنها الثقب الأسود الصغير المتكون من معجل جسيمات، وثقب متوسط الكتلة، وهي أجرام تبلغ كتلتها بين أربع وخمس عشرة مرة الكتلة الشمسية، إضافة إلى الثقوب المتوسطة والعملاقة التي يمكن أن تتجاوز ملايين المرات كتلة الشمس.
صورة من: NASA/CXC/MIT/F.K. Baganoff et al
وجود غير مرئي؟
الثقوب السوداء غير مرئية ولا ينبعث منها الضوء. ولأن الثقب يجذب إليه كل أشكال المادة من حوله، فلا يمكن رصده إلا من خلال التأثير الذي يمارسه في محيطه.
صورة من: X-ray: NASA/CXC/Wisconsin/D.Pooley & CfA/A.Zezas; Optical: NASA/ESA/CfA/A.Zezas; UV: NASA/JPL-Caltech/CfA/J.Huchra et al.; IR: NASA/JPL-Caltech/CfA
بين النجم..والثقب!
رصد ثقب أسود لأول مرة عام 1972 من قبل تيلسكوب سينيوس إكس واحد، وإلى ذلك التاريخ ساد جدل واسع بين العلماء حول وجود الثقوب السوداء أصلا، نظرا للتشابه بينها وبين النجوم النيترونية الدوارة.
صورة من: NASA/CXC
الاكتشاف الجديد
اكتشف رواد الوكالة الأوروبية للفضاء نوعا جديدا من الثقوب السوداء، معتمدين في ذلك على مسبار حمله "آريان-5" الذي أطلق عام 1999. وتبلغ كتلة هذا الثقب ما يوازي خمسمائة ضعف كتلة الشمس. وقد ذلك الحلقة المفقودة بين أحجام الكتل الخفيفة والضخمة للثقوب السوداء. وأطلق العلماء اسم "أتش أل أكس-1" على هذا الثقب الأسود.
صورة من: ESO/L. Calçada
لغز دائم
وإلى غاية اللحظة لم يتوصل العلماء إلى تفسير ظاهرة الثقوب السوداء بالكامل، فهي لازالت ظاهرة تستدعي المزيد من الأبحاث.