"نعيش في خوف دائم ".. مهاجرون في جزيرة مايوت الفرنسية
٢٩ أبريل ٢٠٢٣
مع بدء عملية الشرطة المعروفة باسم ”Wuambushu“ في جزيرة مايوت الفرنسية، انتشر رجال الشرطة في الجزيرة، ما أثار مخاوف مهاجرين غير شرعيين موجودين فيها، وجعلهم يختبئون كي لا يلقى القبض عليهم وتعيدهم السلطات إلى بلادهم.
إعلان
يجلس إيسوف على حافة في حديقة تسوندزو ”Tsoundzou“ شرق جزيرة مايوت، تتردد في ذهنه كلمة واحدة حال جميع سكان الجزيرة الفرنسية، ”ومبوشو Wuambushu“. يضيف إيسوف* قائلا ”تقلقني العملية، ولكن هل ستغير حياتنا اليومية حقًا؟ عندما تكون مواطنًا من جزر القمر في مايوت ، فأنت تعيش في خوف دائم من الترحيل". مشيرا إلى أنه طرد من الجزيرة أربع مرات، بعملية مثل ”ومبوشو Wuambushu“ أو من دونها.
اعتاد الرجل البالغ من العمر 42 عاما العودة كلما رحلته السلطات، يتخذ قارب صيد ”كواسا كواسا" للوصل إلى مايوت من جديد، بعد عبور نحو 70 كيلوا مترا. مع ذلك، يخشى إيسوف من طرد خامس، ولاسيما منذ أن بدأت الحكومة الفرنسية عملية"Wuambushu" لمحاربة الهجرة غير الشرعية في مايوت.
وينضوي تحت العملية مداهمة الأحياء العشوائية والمساكن يستحوذها مهاجرون، وطرد من يعيشون فيها على نحو غير شرعي، ومعظمهم قادمون من جزر القمر المجاورة.
يكمل الشرح ”ولد أطفالي هنا، ولن أخذلهم في حال من الأحوال". كان حصل إيسوف على تصاريح إقامة صالحة مدة عام أو عامين، ولكن فترات الانتظار في الجزيرة ”طويلة لدرجة أنك تفقد صلاحية تصريح إقامتك قبل تجديده حتى".
يعرف جيدا أنه لا يمكن السيطرة على موضوع الهجرة في مايوت، مضيفا ”لكن علينا الترحيب بمن يريدون الاندماج". يردف ”لدي عائلة في فرنسا، أريد أن أراهم مرة أخرى ذات يوم". إذ لا يمكن للأجانب حملة تصريح الإقامة في مايوت الوصول إلى البر الفرنسي من دون تأشيرة مخصصة لذلك.
”بالكاد أخرج"
طرد كثيرون من مايوت ثم ما لبثوا أن عادوا إليها، وتعد أكثر منطقة ترحل منها الإدارة الفرنسية مهاجرين، مقارنة بباقي المقاطعات الإدارية الفرنسية. ويعيش من لم ترحلهم السلطات بعد خوف الوقوف في وجه القانون، وهو خوف لم يعهدوه قبل إطلاق وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، هذه العملية.
وصل إلى الجزيرة على ضوء إعلان العملية نحو 500 ضابط شرطة، أمر دفع المهاجرين إلى البقاء داخل مساكنهم، وكان ذلك وضع هاردي*، مهاجر غير شرعي وصل من جزر القمر إلى مايوت قبل نحو عامين، يقول ”الشرطة في كل مكان حول منزلي، أخرج بالكاد إذ أن هناك دوريات صباحية ومسائية". يقول إن يخرج أحيانا في الظهيرة عندما يكون الوضع هادئا.
"لا نية لدي بتلقي الضربة"
كانت الغاية الأساسية منذ بداية عملية الشرطة "إشباع الفضاء" وفق متحدث باسم وزارة الداخلية، وهكذا انتشر رجال الشرطة عند مداخل المدن وأسفل الأحياء الفقيرة وعلى حافة الطرق.
تتكدس عشرات الوحدات السكنية المصنوعة من الصفائح المعدنية على تلال منطقة كاويني، وحول الأزقة الصغيرة المعبدة بالتراب والتراسات المصنوعة من الإطارات تتفشى ”البانغا" كما يطلق عليها سكان الجزيرة. يكمن هنا "أكبر حي فقير في فرنسا"ويعيش آلاف الأشخاص ظروفا صعبة، يقبعون تحت الصفائح المعدنية، حيث درجات الحرارة المرتفعة والمياه الشحيحة والكهرباء التي لا تتوافر في معظم الأوقات.
يعيش علي هنا، يحاول الشاب الثلاثيني بيع بعض ممتلكاته ليستطيع الهرب، يقول ”لا أريد تلقي ضربة" ويعني أن تقبض عليه الشرطة. يتحدث مبتسما ”أنا في مجموعة فيسبوك، عندما يلحظ أحد أعضائها مرور الشرطة يبلغ عن ذلك، ونهرب". ينهي قوله ضاحكا، إذ لطالما لعب لعبة القط والفأر مع الشرطة.
"لا يمكنني فقدان والداي"
لا يثير الأمر ضحك سعيد، الواقف إلى جانب علي. بالنسبة إلى الشاب المراهق ذي الوجنتين المنتفختين، بدأت العطلة المدرسية توا ولا بد من الذهاب والاستمتاع بوقت الفراغ، لكنه قلق على عائلته ولاسيما والديه. يسأل من دون إيجاد إجابة واضحة ”إذا جاءت الشرطة لتدمير الأحياء العشوائية وطردوا والداي ماذا سأفعل؟..لا أعرف الكثير عن أمور الحياة، لا يمكنني فقدان والداي، لدي أربعة إخوة وثلاث أخوات، سينتهي بنا المطاف بمفردنا".
تخشى كثير من العائلات الطرد خوفا من التشتت، إذ لا يطرد الأطفال المولودون في فرنسا، ولكن يطرد أهلهم القادمون من جزر القمر، وهذا يعني ترحيل الآباء من دون الأبناء، ويوجد نحو 3 إلى 4 آلاف قاصر في هذه الحالة، وفق وزارة الداخلية، وإن ترك أطفال آخرين وحدهم ربما يقعون في مشاكل جمة.
قام بعض سكان الأحياء الفقيرة بتدمير منازلهم بأنفسهم، ولاسيما بعد مرور موظفي البلدية لوضع علامات على مساكن ستدمر على ضوء عملية ”ووامبوشو". يضيف عادل ” نأخذ ممتلكاتنا ونختبئ في الغابة" ينهي الشاب قوله وهو يحاول جاهدا وضع ما يستطيع في حقيبته، كي لا يترك أثرا.
رومان فيليبس موفد مهاجر نيوز إلى جزيرة مايوت الفرنسية
*أسماء مستعارة
نيران الجحيم ـ تاريخ مخيم موريا
تعرض مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للحريق، وقد أصبح الوضع في المخيم المكتظ في غاية الحرج. لكن حتى قبل الحريق كان الوضع مأساويا في أكبر مخيم للاجئين في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Balaskas
ليلة الحرائق
في ليلة الأربعاء (9 سبتمبر 2020) اشتعلت حرائق في مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية وفي عدة مواقع. ولذلك هناك فرضية أن الحرائق اُضرمت عن قصد. بعض سكان المخيم تحدثوا عن إحراق متعمد من طرف سكان محليين. وهناك تقارير تفيد بأن لاجئين هم الذين أضرموا النيران.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Lagoutaris
على قارعة الطريق
تمكن سكان مخيم اللاجئين المكتظ من النجاة بحيث لم يُسجل موتى ولا مصابون. وحسب وسائل إعلام يونانية، فإن الكثير من الأشخاص لجأوا إلى مرتفعات وغابات بالقرب من المخيم. وتفيد تقارير مساعدين بأن آلاف الأشخاص تائهون في الشوارع ولا يوجد طعام ولا ماء وتعم الفوضى.
صورة من: Imago Images/Xinhua/P. Balaskas
فقدان مقومات الحياة
أُقيم المخيم لاحتضان 2800 شخص. وإلى حين نشوب الحرائق كان يعيش هناك نحو 12.600 لاجئ. وحتى قبل الحريق كانت ظروف الحياة كارثية. وعندما ننظر إلى هذه الصورة بعد الحريق، يظهر بسرعة جليا أنه في المستقبل القريب لا يمكن توفير حياة كريمة في المخيم.
صورة من: Reuters/E. Marcou
قريبا من تركيا
مخيم اللاجئين موريا يقع في شرق الجزيرة اليونانية ليسبوس. ولا يبعد عن الشواطئ التركية سوى نحو 15 كلم. وليسبوس هي ثالث أكبر جزيرة في اليونان وبها حوالي 90.000 نسمة. وحوالي 38.000 شخص يعيشون في عاصمة الجزيرة ميتيليني البعيدة فقط بضعة كيلومترات من موريا.
إخفاء معالم صورة المخيم على غوغل
من يرغب في مشاهدة مخيم اللاجئين موريا على خريطة غوغل من الجو فلا يسعفه الحظ. فصورة المخيم برمته تم إخفاء معالمها ولا يمكن التعرف عليه من خلالها. وردا على سؤال من دويتشه فيله DW قال موقع غوغل بأنه ليس هو من يقوم بحجب الصور، بل جهات ثالثة تنجز صور الأقمار الصناعية. ولا يُعرف لماذا تم إخفاء معالم صورة المخيم.
صورة من: 2020 CNES/Airbus, European Space Imaging, Maxar Technologies
المخيم بصورة جوية
هذه الصورة من الجو تكشف بأن المخيم توسع بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي يظهر فيه على صورة الأقمار الصناعية لخريطة غوغل أن المنزل بالسطح الأحمر لم يكن جزءا من المخيم، يبدو في الصورة الجوية أن المخيم يتوسع بشكل تدريجي ليشمل البناء المذكور.
صورة من: DW/D. Tosidis
نظرة إلى الماضي
تم التقاط صور لمنطقة المخيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011. حينها لم يكن هناك مخيم موريا أو أي مخيم آخر. وعوضا عن ذلك كان هناك منشأة عسكرية. واعتبارا من أكتوبر 2015 تم في الموقع تسجيل طالبي لجوء قبل نقلهم إلى البر اليوناني.
صورة من: 2020 Google
البقاء في المخيم يطول منذ الاتفاق مع تركيا
في الوقت الذي ينبغي فيه بقاء المهاجرين في المخيم لوقت قصير ـ هذه الصورة تعود لأكتوبر 2015 ـ يستمر بقائهم في المخيم مع الاتفاقية الأوروبية التركية منذ مارس/ آذار 2016. ومنذ ذلك الوقت ينتظر طالبو اللجوء هنا توزيعهم على دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو ترحيلهم.
صورة من: DW/D. Cupolo
الانتظار والانتظار ثم الانتظار...
بعد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يعد بوسع المهاجرين الانتقال إلى الأراضي البرية اليونانية، لأن تركيا لن تعيد استقبالهم في حال وصولهم إليها. وبما أن بلدان الاتحاد الأوروبي غير متحدة فيما يخص إيواء المهاجرين، فإنهم يبقون طويلا في المخيم. ويوجد الكثير من الجنسيات في ظروف سيئة وفي مجال ضيق، وعليه لا عجب أن تحصل توترات.
صورة من: DW/D. Cupolo
عندما تتفجر التوترات
تفجرت التوترات منذ سبتمبر/ أيلول 2016 في مواجهات عنيفة أدت أيضا إلى إضرام نيران. وحينها كان يوجد "فقط" نحو 3000 مهاجر في المخيم. يومها تم تدمير أجزاء كبيرة في المخيم. وبعد أشهر قليلة من ذلك الحريق أضرم مئات المهاجرين النار في حاويات مؤسسة اللجوء الأوروبية احتجاجا على الفترة الزمنية الطويلة لمعالجة الطلبات في المخيم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schwarz
نيران وموتى
في سبتمبر/ أيلول 2019 حصل حريق إضافي كبير. حينها اشتعل بستان زيتون وفي الأثناء توسع المخيم على أرضه. وبعد 20 دقيقة من حادث البستان اشتعل حريق إضافي داخل المخيم أدى إلى وفاة شخصين: امرأة ورضيعها. وفي ذلك الوقت كان يقيم في المخيم أكثر من 12.000 شخص.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قطع زيارة مسؤول ألماني
في أغسطس من العام الجاري زار أرمين لاشيت، رئيس وزراء شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا موريا. وكان ينوي في الحقيقة معاينة ما يُسمى الجانب العشوائي خارج المخيم. ولأسباب أمنية تم شطب هذه الزيارة من البرنامج. قبل ذلك تشنجت الأجواء وحصلت هتافات تدعو إلى "تحرير موريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Hülsmeier
والآن ماذا سيحدث؟
مخيم مكتظ وظروف عيش مخيفة وتوترات عرقية، ثم ظهرت حالات كورونا الأولى. إنه وضع كارثي. كان هذا حتى قبل الحريق. فهل يعني الحريق الأخير زوال المخيم أم تشكل الكارثة نقطة تحول نحو توفير متطلبات حياة كريمة؟ إلى حد الآن لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال.