نقل خمسة سجناء أمريكيين للإقامة الجبرية بإيران.. صفقة تبادل؟
١٠ أغسطس ٢٠٢٣
ذكرت جهات إيرانية وأمريكية عن نقل خمسة أمريكيين كانوا محبوسين في طهران للإقامة الجبرية. وفيما تحدثت واشنطن عن "خطوة مشجعة"، يرى مراقبون أنها تمهد لصفقة تضمن الإفراج عن أموال إيرانية مجمدة، في خطوة قد تضع بايدن في مأزق.
إعلان
ذكر الإعلام الإيراني الرسمي نقلا عن البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أن إيران أفرجت اليوم الخميس (العاشر من أغسطس/ آب 2023) عن أشخاص يحملون الجنسيتين الإيرانية والأمريكية من سجن إيفين بطهران ووضعتهم في الإقامة الجبرية بموجب صفقة تبادل سجناء بين طهران وواشنطن.
وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء "بموجب الاتفاق الذي توسطت فيه دولة ثالثة، سيتم الإفراج عن خمسة إيرانيين مسجونين في الولايات المتحدة وسيتم رفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية وتحويلها إلى قطر".
ومن جهته، قال مجلس الأمن القومي الأمريكي الخميس إنه تم الإفراج عن خمسة مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران من سجن في طهران وإيداعهم قيد الإقامة الجبرية.
وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم المجلس، "في حين أن هذه خطوة مشجعة، إلا أن هؤلاء المواطنين الأميركيين... ما كان ينبغي إطلاقًا اعتقالهم في المقام الأول". وأضافت "بالطبع، لن يهدأ لنا بال حتى يعودوا جميعا إلى الوطن" وأضافت واتسون أن هناك المزيد من المفاوضات العسيرة القادمة لإعادة الخمسة سجناء إلى وطنهم.
اتهامات لإيران باتخاذ أشخاص رهائن
وزادت التوترات بين الدولتين مؤخرا ولم يتضح سبب تغير وضع السجناء في البداية. لكن من شأن الخطوة التي قامت بها إيران اليوم إزالة أحد مسببات التوتر الرئيسية في العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، على الرغم من بقاء البلدين مختلفين على قضايا تتراوح من البرنامج النووي الإيراني إلى دعم طهران للفصائل المسلحة الشيعية في دول مثل العراق ولبنان.
وتسجن إيران أجانب مرارا بتهمة التجسس أو مخالفات أخرى تتعلق بالأمن الوطني. وينتقد نشطاء حقوقيون المحاكمات، التي غالبا ما تنعقد خلف الأبواب المغلقة، باعتبارها غير عادلة. كما يشار إلى أن إيران متهمة باتخاذ أشخاص أجانب كرهائن.
من هم السجناء الأمريكيون؟
وقالت مصادر أمريكية في وقت سابق إن السجناء الأميركيين ومنهم سياماك نمازي وعماد شرقي ومراد طهباز إلى جانب أمريكي رابع لم تحدد هويته، نُقلوا من السجن بطهران إلى فندق حيث وضعوا تحت الحراسة. وأوضحت المصادر أن مواطنة أميركية قضيتها أيضا جزء من المفاوضات نُقلت في الأسابيع الأخيرة إلى الإقامة الجبرية.
وجميع هؤلاء الأميركيين من أصل إيراني، لكن طهران لا تعترف بازدواجية الجنسية. وغالبا ما يكون الإيرانيون الأمريكيون رهائن بين البلدين.
وكان محامي واحد من المواطنين الأمريكيين الذين احتجزتهم إيران في سجن إيفين بطهران قد قال لرويترز اليوم الخميس إنهم غادروا السجن وهم قيد الإقامة الجبرية حاليا، وأضاف أنه يأمل أن تكون هذه خطوة صوب مغادرتهم إيران في نهاية المطاف.
وقال جاريد جينسر، المحامي الذي يمثل سياماك نمازي، إن الأمريكيين الإيرانيين يضمون رجلي الأعمال نمازي (51 عاما) وعماد شرقي (58 عاما)، بالإضافة إلى داعية حماية البيئة مراد طهباز (67 عاما)، والذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية.
وتحتجز إيران نمازي منذ أكثر من سبع سنوات، وأُدين في 2016 بتهم تتعلق بالتجسس تنفيها الولايات المتحدة وتصفها بأنها لا أساس لها.
واعتُقل طهباز في 2018 وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة "الحشد والتآمر ضد الأمن القومي الإيراني" والعمل جاسوسا لصالح الولايات المتحدة. وأُدين شرقي بالتجسس في 2020 وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات أيضا.
مأزق للرئيس بايدن
وقالت قناة (إن.بي.سي) نيوز في فبراير/ شباط إن واشنطن وطهران تجريان محادثات غير مباشرة لبحث تبادل الأسرى ونقل أموال إيرانية بمليارات الدولارات موجودة في بنوك كوريا الجنوبية وهو ما تحول دونه العقوبات الأمريكية في الوقت الراهن. وإن جرى نقل الأموال، فستُنفق فقط في الأغراض الإنسانية.
ومن شأن نقل أي أموال أن يثير انتقاد الجمهوريين بشأن دفع الرئيس الديمقراطي جو بايدن فدية للإفراج عن مواطنين أمريكيين وإمكان استخدام إيران المال المخصص لأغراض إنسانية في تمويل برنامجها النووي أو دعم الفصائل المسلحة في دول مثل العراق ولبنان واليمن.
ص.ش/أ.ح (رويترز، د ب أ، أ ف ب)
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش