ميركل ترحل..لماذا يواجه الاتحاد المسيحي خطرًا في الانتخابات؟
٢ مايو ٢٠٢١
بعد 16 عاما من وجودها على رأس السلطة، تنتهي حقبة أنغيلا ميركل رسميا بعد الانتخابات العامة القادمة. لكن هذه المرة لا يواجه الاتحاد المسيحي فقط تحدي رحيل زعيمته، بل كذلك تراجع شعبيته وخطر تفككه، فما هي الأسباب؟
إعلان
تستمر شعبية الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU)، الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل، في التراجع في استطلاعات الرأي داخل ألمانيا بسبب ما يعتبره الكثير من سكان ألمانيا سوءًا في تدبير جائحة كورونا، خصوصا منذ الموجة الثانية.
لكن من أكبر من أدوا ضريبة هذا التراجع، هي ميركل نفسها، رغم أنها لن تكون من الأصل مرشحة في الانتخابات، كما سيدفع إرثها السياسي ضريبة هذا الانزلاق، خصوصاً طبيعة التحالف الذي قادته منذ مدة طويلة بين حزبها وبين الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري (CSU).
يدافع مسؤولون من التحالف المسيحي عن حصيلة ميركل خلال سنوات ترؤسها المستشارية في ألمانيا، ويرون أن سكان ألمانيا عموما وثقوا في التحالف. ويمكن أن يكون كذلك صحيحا قبل الجائحة، لكن أثناءها الكثير من السكان يرون أن الحزب الذي يقود الحكومة لم ينجح في اختبار مواجهة كورونا، فالإجراءات التي أعلنتها لم تنجح في وقف انتشار الفيروس وبالتالي مزيدا من الإصابات والوفيات.
كورونا تؤثر في شعبية التحالف
أعطت الإجراءات في الأشهر الأولى نتائج جيدة، لكن مع مرور الوقت، بدأ الخلل يظهر، خصوصا التردد حول اتخاذ الإجراءات الجديدة عند انطلاق الموجة الثانية، وسوء إدارة والبطء في توزيع اللقاح، وفضيحة الكمامات التي تورط فيها مسؤولون من حزب ميركل، وكلها أمور كانت لها تأثير سلبي على مستقبله.
بالنسبة للكثير من الألمان، فالسير البطيء لعملية التطعيم (ارتفع الرقم مؤخرا منذ تمكين أطباء العيادات الخاصة من المشاركة) يعدّ دليلا على عدم الكفاءة داخل الحكومة. المتحدث باسم التحالف المسيحي، يورغن هارت، يعترف بأن الحكومة الاتحادية واجهت مشاكل في عملية التطعيم، لكنه يرجع ذلك إلى التنسيق الأوروبي وضعف عمليات إنتاج اللقاح داخل أوروبا، مشيراً إلى ضرورة تنسيق جهود التطعيم على الصعيد الأوروبي، فلن تكون هناك فائدة كبيرة إذا ما تمّ تلقيح كل الألمان، لكن سكان بقية البلدان الأوروبية لا زالوا عكس ذلك.
في السنة الأخيرة من فترة ميركل، عانى تحالفها المسيحي من سلسلة من الفضائح، لكن أكثرها تأثيرا على صورته كانت فضيحة الكمامات بعد الكشف عن أن مسؤولين من الحزبين المسيحيين تلقوا أموالا ضخمة من شركات لأجل فوز هذه الأخيرة بصفقات أعلنتها الحكومة حول توريد الكمامات.
مؤشرات على الخطر
أولى النتائج كانت في الانتخابات الجهوية بولايتي بادن فورتمبرغ وراينلاند- بفالتس، حيث سجل حزب CDU أسوأ حصيلة له منذ عقود، ثم تأكد ذلك عندما صعد نجم حزب الخضر، وصار ينافس حزب CDU رغم أن الخضر كان يعتبر حزبا صغيرا قبل سنوات لا يحظى بأكثر من 15 بالمئة من الأصوات.
وإذا ما كانت الاستطلاعات دقيقة، فإن الانهيار الذي حصل في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) المصنف في وسط اليسار سيتبعه انهيار في الاتحاد المسيحي المصنف في وسط اليمين في الانتخابات العامة القادمة، إذ تم إحصاء تراجع بـ10 في المئة في نسبة عدد الناخبين الذين سيصوتون لحزبي التحالف المسيحي، ما قد يجعل هذا الاتحاد يعيش أشهره الأخيرة وبالتالي يتهدده خطر التفكك.
الأمر لا يخص فقط الاتحاد المسيحي، ففكرة الثنائية الحزبية التي شهدتها عدة دول أوروبية في النصف الثاني من القرن العشرين هي كذلك مهددة، لكن في الجانب الآخر كانت عملية التحول في التحالف السياسي داخل ألمانيا متأخرة مقارنة بدول في الجوار، وفي الوقت الذي تراجعت فيه تحالفات مشابهة في أوروبا، كان الاتحاد المسيحي يحوز الثقة قبل أن تأتي موجة كورونا لتؤثر على واقعه.
يثق التحالف المسيحي في أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا، كي يكون مرشحه في الانتخابات المقبلة، بعد تنافس داخلي محموم بينه وبين ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا. ويعبر هارت عن ثقته في فوز لاشيت بمنصب المستشار.
السياسة الخارجية في الميزان
غير أن التحديات ليست داخلية فقط، فالسياسة الخارجية لألمانيا في السنوات الأخيرة محط جدل كذلك، ومن ذلك الانتقادات الواسعة لخط الغاز مع روسيا "نورد ستريم2"، خاصة أن الولايات المتحدة ودول شرق أوروبا تعارض هذا المشروع، خصوصا مع التخوف من كون الصفقة ستمكن موسكو من نفوذ واسع في أوروبا بينما يزداد اعتماد الاتحاد الأوروبي على الطاقة الروسية.
لا يرى هارت أن العلاقات الاقتصادية مع روسيا تهدّد أمن ألمانيا، لكنه يعترف أن السياسة الخارجية الألمانية تحتاج إلى إعادة تقييم، إذ يشير إلى أن روسيا والصين لديهما سجل متعارض مع القيم الألمانية والأوروبية، كما يتحدث عن أن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يجب أن يعاد النظر فيها حتى توازن بين الاهتمامات السياسية والمصالح الاقتصادية.
مارتن كاغ/إ. ع.
ميركل تبلغ 66 عاماً.. محطات في حياة عالمة الفيزياء التي قادت ألمانيا
تُوصف بأنها أقوى زعماء أوروبا وأقوى امرأة في العالم، إنها المستشارة أنغيلا ميركل التي تحتفل بعيد ميلادها الـ 66 وهي تقود سفينة بلادها ببراعة في مواجهة أزمة كورونا كما قادتها في أزمات سابقة. فيما يلي أهم محطات حياتها.
صورة من: imago/photothek/T. Imox
الطفولة
هكذا كانت تبدو طفولة المرأة التي توجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية. ترعرعت ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. وكان والدها يعمل كقس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية أنغيلا واثنين من إخوتها الصغار.
صورة من: imago
جذور بولندية
الصورة تُظهر غريتا ولودفيغ جدة وجد ميركل، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوزنان ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. عندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
مرحلة الشباب
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
التفوق الدراسي
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دراسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. في هذه الصورة تظهر ميركل في عاصمة تشيكوسلوفاكيا السابقة، براغ، مع الاستاذ المشرف على عملها.
صورة من: picture-alliance/dpa
ولوج عالم السياسة
لم تنخرط ميركل في الحياة السياسية، إلا بعد سقوط حائط برلين في عام 1989، حيث عملت في البداية في المساعدة على ربط أجهزة الحاسوب في مكتب حزب ديمقراطي جديد ثم التحقت فيما بعد بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل شهرين من توحيد ألمانيا. بعد تجاوزها عقبات سياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجال لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
أول مستشارة
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
عشقها للموسيقى
تظهر ميركل في هذه الصورة، التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة في ألمانيا، في افتتاح دار الأوبرا في أوسلو برفقة رئيس الوزراء آنذاك ينس شتولتنبرغ. وتعرف ميركل بعشقها للموسيقى الكلاسيكية، حيث تحضر العديد من حفلات هذا النوع من الموسيقى.
صورة من: Bjorn Sigurdson/AFP/Getty Images
"ماما ميركل"
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر العديد من الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa
اللاجئون وسياسة الأبواب المفتوحة
قررت ميركل عام 2015 بفتح الأبواب أمام اللاجئين، لكن هذا القرار لم يلاقي نفس الترحيب من جانب كل السياسيين الألمان، إذ ظهرت بوادر خلاف داخل الائتلاف الحكومي في البلاد وانتقد مسؤولون سياسة ميركل الخاصة باللجوء معربين عن مخاوف أمنية وقلق من اختلال التوازن الثقافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka
شعبية تخطت حدود ألمانيا
شعبية المستشارة تجاوزت الحدود الألمانية، وألهمت عشرات الفنانين حول العالم. هذه الصورة الشخصية لميركل تعود لعام 2017 لمجلة "فوغ" المختصة بالموضة رسمتها الفنانة الأمريكية إليزابيث بيتون. الصورة تُظهر ميركل كفتاة شابة. ترسم الفنانة بيتون صوراً شخصية صغيرة لمطربي البوب وللأشخاص المهمين تاريخياً ومن يعيشون أيضاً في الوقت الحالي، وغالباً ما ترسم شخصياتها بشعر فاتح اللون وتظهر مميزات وجههم الجميلة.
صورة من: Elizabeth Peyton
الفن يخلد ميركل
خلدت المصورة الفوتوغرافية هيرلينده كولبل المستشارة ميركل في مجموعتها التي أسمتها "آثار السلطة". كما خلدت أيضاً المستشار السابق غيرهارد شرودر ووزير الخارجية الأسبق يوشكا فيشر في مجموعات أخرى. صورت المصورة ضمن دراسة "تحول البشر بسبب السلطة" 15 شخصية مهمة من عالمي السياسة والاقتصاد في الفترة ما بين عامي 1991 و1998.
صورة من: Herlinde Koelbl
صعود اليمين الشعبوي
خسرت ميركل وتحالفها الحزبي آلاف الأصوات في انتخابات عام 2017 وباءت المحاولة الأولى لتشكيل ائتلاف حكومي موسع بالفشل. الأمر، الذي أدخل البلاد في أزمة كبرى وتبقى دون حكومة لمدة ستة أشهر.
صورة من: Reuters/A. Schmidt
مستشارة للمرة الرابعة
بعد مفاوضات عصيبة مع الاشتراكيين تم تشكيل تحالف أفضى لإعادة انتخاب ميركل مستشارة لألمانيا لفترة ولاية رابعة. لكن المستشارة، التي أكملت عامها الـ 65، أعلنت نيتها ترك السياسة في نهاية ولايتها في عام 2021.
صورة من: picture alliance/Photoshot/S. Yuqi
ارتجاف ميركل يثير تساؤلات
أذكت نوبات الارتعاش التي أصابت ميركل مؤخراً خلال عدة مناسبات عامة، الجدل بين بعض أعضاء حزبها بشأن ما إذا كان على المستشارة تسليم السلطة في موعد قبل التاريخ المقرر في 2021. لكن المستشارة الألمانية، علقت على حادث ارتجافها العلني للمرة الثالثة أثناء مراسم استقبال رئيس الوزراء الفنلندي، أنتي رينه، مؤكدة أن حالتها الصحية بخير.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
أغلبية راضية عن أداء ميركل في أزمة كورونا
الإجراءات الاحترازية وبرامج الدعم الاقتصادي والشفافية في المعلومات جعل معاناة ألمانيا أقل نسبياً في أزمة فيروس كورونا مقارنة بدول أوروبية أخرى مجاورة وحتى مع الولايات المتحدة، ما رفع شعبية المستشارة أنغيلا ميركل وحكومتها في داخل البلاد. في الرابع من حزيران/ يونيو 2020 أكد 71 بالمئة من الألمان أنهم راضون عن أداء مستشارتهم، وذلك في استطلاع أجرته القناة الأولى العامة (ARD).
صورة من: Reuters/F. Bensch
حزب ميركل يزداد شعبية والبديل يتراجع
في نهاية أيار/ مايو الماضي كشفت نتائج استطلاع للرأي زيادة شعبية تحالف المستشارة ميركل المسيحي بمقدار نقطتين. وأوضحت نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد مختص لصالح صحيفة "بيلد آم زونتاغ" أن شعبية حزب ميركل وصلت إلى 40 بالمئة. وأظهرت النتائج توقف مرار شعبية الحزب الاشتراكي عند 16 بالمئة، فيما تراجعت شعبية حزب البديل الشعبوي بنقطة ليحصل على 9 بالمئة، وهو أدنى مستوى له منذ الانتخابات التشريعية في 2017.
صورة من: Imago Images/E. Contini
"لن أترشح لفترة خامسة"
بعد الإدارة الناجحة لأزمة كورونا ردد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر وآخرون تكهنات بشأن إمكانية ترشح ميركل لولاية خامسة. بيد أن المستشارة خرجت لتضع حداً لتلك التكهنات، إذ نفت ميركل إمكانية ترشحها لولاية خامسة كمستشارة لألمانيا في انتخابات 2021. وقالت ميركل في برنامج على قناة ZDF رداً على سؤال فيما إذا كانت تفكر بالترشح من أجل العمل على التغلب على وباء كورونا: "كلا، بالفعل كلا".
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Macdougall
"أمسكت بدفة القيادة"
شعبية ميركل تخطت بلادها إلى العالم؛ إذ قال مراسل لـDW لدى هيئة البث الإسرائيلي "مكان" إن وسائل الإعلامية الإسرائيلية ترى ميركل كـ"أقوى" شخصية قيادية في العالم. وقالت صحيفة "كلارين"، وهي من أكثر الصحف قراءة في الأرجنتين، ميركل كانت من السياسيين القلائل الذين لم يحاولوا إنقاذ أنفسهم بل "أمسكت بدفة القيادة" و"تواصلت مع الآخرين بحزم مستند على حقائق علمية وهدوء تطمئن به شعبها وتواجه به الهيستيريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/Belga/T. Roge
جدارية لـ "ماما ميركل" في إدلب
وفي إدلب السورية رسم ناشطون سوريون جدارية لتهنئة المستشارة الألمانية بنتيجة الفحص السلبية بفيروس كورونا. وجاءت المبادرة بعد أخذ ميركل زمام المبادرة في فتح الحدود أمام اللاجئين، الذين كان معظمهم من سوريا، في عز أزمة اللاجئين عام 2015. إعداد: إيمان ملوك وخالد سلامة