قصة نوجين مصطفى هي إحدى قصص اللجوء الملهمة، فرغم أنها وصلت لاجئة إلى أوروبا خلال موجة اللجوء على كرسيّ متحرك، إلا أن إعاقتها لم تستطع منعها من زرع الأمل والتطلّع للمستقبل.
إعلان
"بالتأكيد لم تكن (رحلتي) شيئاً سهلاً، لكن لم يكن كلّ شيء كئيباً أيضاً. وبالنسبة لي، كانت مجرد فرصة للحصول على حياة جديدة، ومستقبل أفضل"، هكذا تقول اللاجئة السورية نوجين مصطفى (19 عاماً) لمهاجر نيوز.
لكن نوجين ليست مثل اللاجئين الآخرين، فقد ولدت مع إعاقة تجبرها على أن تبقى في كرسيها المتحرك، وهي واحدة من عدد قليل جداً من المهاجرين الذين شقوا طريقهم إلى أوروبا على عجلات. ولكن على الرغم من الصعوبات الإضافية التي تواجهها، فهي راضية عن حياتها الجديدة.
تقول نوجين: "علمتني التجارب أن أقدر الأشياء الصغيرة في الحياة. هذه الرحلة علمتني أن أكون ممتنة لما لديّ".
صعوبات الاندماج
لكن ليس كلّ شيء في حياة نوجين الجديدة مثالياً، فالتكيّف مع أشياء معينة في ألمانيا يتطلّب جهداً أكبر مما تتوقّع. تقول نوجين: "اللغة الألمانية لغة صعبة، فهي لغة عقلانية جداً وذات لهجة علمية"، وتضيف: "سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أتحدثها بمستوى الإنجليزية".
ومع ذلك، فبالنسبة لشخص يعيش في ألمانيا منذ ثلاث سنوات فقط، فهي تتحدث اللغة بطلاقة. لكن مستواها في اللغة الإنجليزية يصل إلى حد كبير إلى مستوى المتحدثين الأصليين، رغم أنها تعلّمتها بشكل أساسي عن طريق مشاهدة المسلسلات التلفزيونية.
وفيما يتعلق بالاندماج، يمكن تصنيف نوجين كمثال على مدى سرعة تبني ثقافة جديدة. ولكن هناك بعض المجالات، التي تجد فيها نوجين صعوبة في الاندماج ببيتها الجديد بالكامل. تقول نوجين: "لا أحب الطعام الألماني. لا توجد فيه توابل وهو بلا طعم. حسناً، الحلويات لا بأس بها. أنا أتطلع إلى الأعياد في شهر ديسمبر لأنني أحب الحلوى الألمانية".
رحلة غيّرت حياتها
تعاني نوجين من شكل من أشكال الشلل الدماغي، لكن فيما عدا موضوع إعاقتها، فإن صحتها بحالة جيدة. وتقول إن إشارات دماغها لا تخضع للتنظيم الكافي، مما يؤدي إلى حركات غير خاضعة للرقابة ومعظمها في ساقيها. لكنها لا تدع إعاقتها الجسدية تقف في طريق أحلامها.
تقول نوجين: "بالتأكيد سأعود إلى سوريا في يوم من الأيام. لا شك. لكنني لا أعرف فيما إذا كنت سأتعرف عليها. ولا أعرف فيما إذا كنت سأعرف نفسي هناك. لقد تركت نفسي الصغيرة هناك وربما لن تتعرف هي علي، لذلك لم يتبق لي شيء (من سوريا) سوى الذكريات".
وتصف نوجين رحلتها الصعبة إلى أوروبا بأنها "غيرت حياتها"، وهي تروي بعض اللحظات الخطيرة التي واجهتها على طول الطريق: "كان علينا أن ندفع لمهربي البشر في اليونان أكثر، حتى يكون القارب الذي عبرنا به البحر لعائلتنا فقط"، مشيرة إلى أنّ وجودها في كرسي متحرك كان يعني أن سفرهم وحدهم دون مهاجرين آخرين سيكون أكثر أماناً بالنسبة للطرفين.
ولكن بمجرد وصول الأسرة إلى أوروبا، لم تنته مشاكلها فقد أكملت العائلة مسيرها من اليونان على طول طريق البلقان على أمل الوصول إلى غرب أوروبا. ولكن بمجرد وصولهم إلى سلوفينيا، واجهت المشاكل مرة أخرى، حيث تمّ احتجاز نوجين وعائلتها هناك لعدة أسابيع.
تقول نوجين عن ذلك: "كان الاعتقال في سلوفينيا أحد أصعب الأمور في حياتي. لقد شعرنا بأننا غير مرغوب فينا. لم أكن أفهم ذلك. نحن بحاجة إلى التعاطف. نحن بحاجة إلى مأوى. لقد أمضينا وقتاً طويلاً نكافح للبقاء قيد الحياة. لسنا عبئاً. لماذا يخافون منا؟ لماذا لا يريدوننا؟"
تعلُّم أسرار الكون
أدت التحديات التي واجهتها نوجين في السنوات الثلاث الأخيرة من حياتها، وخاصة خلال رحلتها الشاقة إلى أوروبا، إلى رفضها أن يطلق عليها "لاجئ" - وهي كلمة تقول إنها تكرهها "أكثر من أي كلمة أخرى في اللغة الإنجليزية".
تقول نوجين: "يتحدث الناس عن أزمة للاجئين، وكأنهم يريدونهم أن يرحلوا عنهم". لكن نوجين لن تذهب إلى أي مكان. والآن بعد أن استقرت في حياتها الجديدة، تريد نوجين التركيز على مستقبلها، فقد قررت منذ وقت طويل أن تصبح رائدة فضاء.
وتضيف نوجين: "دائماً ما أحببت الفضاء والألغاز. وحل ألغاز الكون هو أحد أكبر الألغاز التي أمامنا. كما أنني أحب فكرة صمت الفضاء".
وتتابع: "لكنني أدركت مؤخراً أنني لست جيدة في الرياضيات، ولذلك فقد أحتاج لخطة بديلة. ولهذا أبحث في علم النفس وعلم فهم البشر، لأن البشر ألغاز بحد ذواتهم".
صورهزت العالم- مأساة اللاجئين ورحلة الهروب إلى أوروبا
انتشرت في عامي 2015 و2016 صور مأوساوية عن رحلات الهروب إلى أوروبا. هذه الصور هزت الرأي العام العالمي. لم يحدث من قبل أن تم توثيق هذه المعاناة كما هو الحال اليوم.
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac
في عامي 2015 و2016 حاول ملايين الأشخاص الوصول إلى غربي أوروبا من اليونان أو من تركيا عبر طريق البلقان سيرا على الأقدام عبر مقدونيا وصريبا ومن ثم المجر. وتم إيقاف تدفق اللاجئين بعد إغلاق "طريق البلقان" رسميا وإغلاق العديد من الدول حدودها. وحاليا يأتي معظم اللاجئين عبر البحرالأبيض المتوسط الخطير من ليبيا نحو أوروبا.
صورة من: Getty Images/J. Mitchell
هزت هذه الصورة العالم بأكمله. على أحد الشواطئ التركية تم العثور على جثة الطفل أيلان الكردي ذي الـ3 سنوات. وكان ذلك في أيلول/ سبتمبر 2015. انتشرت هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت رمزا لأزمة اللاجئين السوريين. وكان من غير الممكن لأوروبا إغفال الأمر أكثر من ذلك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/DHA
بعد أن علم اللاجئون أن طريق الهروب إلى أوروبا لن يبقى مفتوحا لفترة طويلة. حاول آلاف اللاجئين الصعود إلى القطارات والحافلات المزدحمة في كرواتيا. ب بعد فترة وجيزة أغلقت كرواتيا أبوابها وكان ذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وبالمقابل تم إنشاء حاويات لاحتجاز اللاجئين طيلة فترة تسير إجراءات اللجوء.
صورة من: Getty Images/J. J. Mitchell
ضجة إعلامية واسعة أثارتها المصورة المجرية، حين ركلت لاجئا سوريا، عندما كان يحاول تجاوز حواجز الشرطة في منطقة روتسيغع بالقرب من الحدود المجرية حاملا معه طفله الصغير. وكان ذلك في سبتمبر/أيلول 2015. حتى في ألمانيا شهدت مراكز استقبال اللاجئين هجمات عدة من قبل أشخاص معادين للأجانب.
صورة من: Reuters/M. Djurica
إغلاق طريق البلقان رسميا عام 2016 أدى إلى تصاعد أعمال الشغب على المراكز الحدودية، ما أدى إلى صدامات حادة بين اللاجئين ورجال الشرطة. فقد حاول كثيرون عبور الحدود اليونانية المقدونية بعد فترة وجيزة من إغلاقها.
صورة من: Reuters/AP/World Press Photo Foundation/V. Ghirda
طفل مصاب تغطي وجهه الغبار والدم. صدمت صورة الطفل عمران من مدينة حلب الرأي العام. وفي عام 2016 كانت رمزا للحرب الأهلية البشعة والأوضاع البائسة التي يعيشها السكان المدنيون. بعد عام انتشرت عبر شبكة الانترنيت، صور جديدة للطفل تظهر عليها ملامح البهجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Aleppo Media Center
لاجئ سوري يحمل طفلته تحت المطر على الحدود اليونانية المقدونية في إيدوميني، وكان يأمل لعائلته العيش في أمان في أوروبا. بعد تطبيق اتفاقية دبلن، ينبغي تقديم اللجوء في البلد الاوروبي الأول الذي يصل إليه اللاجئ. لذا يتم مؤخرا إعادة الكثير من اللاجئين، علما ان إيطاليا واليونان تتحملان أعباء كثيرة.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
مازالت ألمانيا هي البلد الأوروبي الأول للاجئين. على الرغم من أنه وبسبب تدفق اللاجئين الكبير، أصبحت السياسة المتعلقة بااللاجئين وطلبات اللجوء أكثر تشددا. في أوروبا كانت ألمانيا هي البلد الأكثر استقبالا للاجئين. إذ وصل عدد اللاجئين الذين استقبلتهم ألمانيا عام 2015 إلى 1.1 مليون. لتصبح المستشارة أنغيلا ميركل أيقونة بالنسبة لكثير من اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
في شمال فرنسا تمت إزالة مخيم كاليه سيء السمعة. وأثناء إخلائه تعرض المخيم للحريق وكان ذلك في (أكتوبر/ تشرين الأول 2016). وتم توزيع ما يقرب 6500 لاجئ على مراكز استقبال أخرى. بعد ستة أشهر أظهر تقرير أصدرته منظمات إغاثية أن الكثير من اللاجئين القاصرين يعيشون بلا مأوى في المنطقة المجاورة لكاليه.
صورة من: picture-alliance/dpa/E. Laurent
تواصل سفن الإنقاذ المدنية والحكومية عملياتها باستمرار. وبالرغم من المخاطر التي يتعرض لها اللاجئون الذين فروا من الحرب والفقر في بلادهم، فإن حلمهم بمستقبل أفضل في أوروبا، يجعلهم يخاطرون بأرواحهم. إذ كثيرا ما تغرق السفن المطاطية المكتظة بالمهاجرين في البحر. ففي عام 2017 غرق 1800 شخص. بينما كان عددهم في أيلول/ سبتمبر 2016 أكثر من 5000.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
عشرات آلاف اللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط ينتظرون في مخيمات ليبية ومراكز احتجاز العبور إلى أوروبا. يسيطر مهربو البشر على الوضع هنك ويتحكمون باللاجئين، علما أن اوضاع المخيمات كارثية حسب تحذيرات الأمم المتحدة، لكن هذا لا يؤثر على حلم المهاجرين بمستقبل أفضل في أوروبا. المصدر: مهاجر نيوز - 2017
صورة من: Narciso Contreras, courtesy by Fondation Carmignac