تقع مدينة نورنبرغ في ولاية بافاريا، وأسسها القيصر الالماني هاينريش الثالث عام 1050 وحولها من قرية صغيرة الى مدينة تطورت مع مرور الزمن لتصبح في القرون الوسطى من المدن البارزة والكبيرة، وكانت المدينة المفضلة لدى القياصرة ولاسيما قلعتها التي اتخذ منها 32 قيصراً وملكاً مقراً له.

في نهاية الحرب العالمية الثانية كانت نورنبرغ هدفاً رئيسياً لقنابل الحلفاء الذين دمروا المدينة ولاسيما الجزء القديم منها حتى فكر أهلها بإعادة بنائها في مكان آخر ولكن مجلس المدينة قرر إعادة إعمارها في مكانها الأصلي. وبعد الحرب كانت المدينة مسرحاً لأشهر محاكمات التاريخ "محاكمة نورنبرغ" حين جرت محاكمة القادة النازيين على جرائمهم ضد الانسانية في الحرب العالمية الثانية.

مدينة الثقافة والفن وحقوق الانسان

لا تتميز المدينة بعراقتها التاريخية فحسب وإنما الثقافية والفنية ايضاً ولاسيما ثلاثة أسماء مشهورة في عالم الفن الالماني وهم الرسام فايت شتوس (1445 – 1533) صاحب اللوحة الشهيرة "تحية انكليزية" وألبرشت دورا (1471 – 1528) الذي يعد من اعظم الرسامين الالمان، خلف اكثر من 70 لوحة زيتية و100 لوحة ضغط على النحاس و350 لوحة حفر على الخشب وحوالي 900 لوحة من الرسوم الاخرى، اما الفنان الثالث فهو هانس زاكس (1494 – 1576) الذي خلف اكثر من 200 مسرحية و4000 أغنية. وتحتفظ المدينة في المتحف الجرماني الوطني الذي بني عام 1852 بأكبر مجموعة من الشهادات التاريخية للفن والثقافة الالمانية، واذا تجول الزائر طوال اليوم في المتحف فانه لا يشعر بالملل من التمتع برؤية اللوحات الفنية الجميلة وقطع الاثاث التاريخية والآلات الموسيقية والمجسمات. الى جانب هذا المتحف توجد متاحف جميلة اخرى ولاسيما متحف الالعاب الذي يجتذب الكبار والصغار، ولعشاق التقنية أن يزوروا متحف "مركز الثقافة الصناعية".

نظراً للدور الذي لعبته المدينة في العهد النازي ترى ان لها مسؤولية والتزاماً أخلاقيا أكبر للمساهمة في ترسيخ السلام ودعم حقوق الإنسان، ولهذا تم اطلاق اسم حقوق الانسان على احد الشوارع وبناء نصب تذكاري للكرامة الانسانية، ومنذ عام 1995 تمنح المدينة للمدافعين عن حقوق الانسان "جائزة نورنبرغ الدولية لحقوق الانسان" كذلك هناك "مهرجان نورنبرغ لأفلام حقوق الانسان" هذا بالاضافة الى "مركز نونبرغ لحقوق الانسان" و"مكتب نونبرغ لحقوق الانسان". وقد حصلت المدينة عام 2000 على جائزة اليونسكو لتربية حقوق الانسان تكريماً لها على الدور الذي تلعبه في ترسيخ ثقافة حقوق الانسان والسلام.

الازدهار الصناعي والاقتصادي

عُرفت نورنبرغ بعراقتها الصناعية منذ العصور الوسطى، حيث اشتهرت بصناعتها التقليدية الصغيرة في كل اوربا، ولا يزال بامكان المرء الاطلاع عليها اليوم وخاصة اثناء سوق عيد الميلاد الذي يجتذب آلاف الزوار من مختلف المدن الالمانية والدول الاوربية المجاورة في شهر ديسمبر /كانون الاول من كل عام.

وطورت المدينة صناعتها لتواكب الثورة الصناعية الحديثة حتى ايامنا هذه لتتخذ منها العديد من الشركات الصناعية الالمانية الشهيرة مقراً لها وابرزها شركة MAN لصناعة المحركات وشركة سيمنس للصناعات الالكترونية وشركات انتاج الادوات المكتبية والمطابع الكبيرة حيث تعد المدينة الاولى في الانتاج الطباعي. كذلك تعد نورنبرغ الاولى في تقديم الخدمات العلمية والبحثية ومركزاً رئيسياً لشركات الخدمات في مجال التأمين والدراسات والابحاث الاقتصادية. وهذا الازدهار يؤمن للمدينة دخلاً كبيراً ويجعلها واحدة من أغنى المدن الالمانية.