نيوزيلندا: وهاب زاده تصدى للإرهابي لكنه لا يريد أن يكون بطلا
١٧ مارس ٢٠١٩
يُحتفى بعبد العزيز وهاب زاده كبطل في نيوزيلندا، لكنه يقول في مقابلة مع DW إنه لا يريد أن يكون بطلا. بيد أن الأفغاني البالغ من العمر 48 عاما تصدى للمهاجم الإرهابي الذي كان ينوي مواصلة قتل المزيد من المصلين داخل المسجدين.
إعلان
بعدما قتل الإرهابي اليميني البالغ من العمر 28 عاما، برينتون ترانت في مسجد النور بمدينة كرايست تشيرش 41 شخصا، توجه إلى مسجد لينوود بإحدى الضواحي حيث تجمع بين 80 و100 من المؤمنين لأداء صلاة الجمعة، بينهم عبد العزيز وهاب زاده الذي يعيش منذ سنتين في نيوزيلاندا حيث يدير متجرا للأثاث ولوازم البيوت. وبعد 27 عاما قضاها في أستراليا انتقب عبد العزيز وهاب زاده إلى نيوزيلاندا.
وفي الـ 15 من مارس جاء رد فعله بسرعة، كما تذكر عبد العزيز في مقابلة حصرية مع دويتشه فيله:" كانت خطبة الجمعة قد انتهت. وصلينا الركعة الأولى عندما سمعنا طلقات نارية من مسدس. واعتقدنا بأن أحدا يلعب لتوه بألعاب نارية وواصلنا ببساطة الصلاة. لكن أخا من الصف ألأول صرخ بأن أخواتنا وإخواننا المسلمين يُقتلون في الخارج".
وكان عبد العزيز وهاب زاده في تلك اللحظة بالقرب من مدخل المسجد فركد إلى الخارج وهو يحمل بيده جهاز قراءة البطاقات البنكية. "رأيت في الخارج سيارة واقفة وسط المدخل. وهناك كان رجل يرتدي قبعة عسكرية يقف بالقرب من سيارته، وسألته "من أنت"؟ فنظر إلي وبدأ يشتم".
وعندما أدرك عبد العزيز وهاب زاده أن الرجل أمامه ليس عسكريا، بل قناصا بنوايا إرهابية، ضربه بجهاز البطاقات البنكية، لكن الإرهابي تمكن من المراوغة وأخرج مسدسا رشاشا وبدأ يطلق النار على عبد العزيز وهاب زاده الذي تمكن من الاختباء وراء سيارات. وفي تلك اللحظة ناداه ابنه وطلب منه أن يعود إلى المسجد، لكن وهاب زاده أمر ابنه بالذهاب وانتظاره. وبدون تردد صرخ وهاب زاده في وجه الإرهابي:" تعالى إلى هنا. أنا موجود هنا". فقد استمال اهتمام القناص إليه لحماية المصلين داخل المسجد وتفادي وفاة المزيد من المصلين.
وهاب زاده لا يريد أن يكون بطلا
وروى عبد العزيز لدويتشه فيله أنه قام بمطاردة مطلق النار الذي كان يتوجه إلى سيارته لجلب قطعة سلاح جديدة، فتسلل بين سيارات مركونة وتمكن من السيطرة على قطعة سلاح كان المهاجم تركها لنفاد الذخيرة منها.
وقال عبد العزيز إنه بعد أن استولى على السلاح المتروك "رماه كالسهم على سيارته فحطم زجاجها"، مضيفا "هذا ما أخافه" فغادر المكان. وهذا الأمر قد يكون ساهم في تجنب سقوط عدد أكبر من الضحايا، لأن الشرطة أوقفت القاتل بعد ذلك بفترة قصيرة.
كما قتل داود نبي، الأفغاني البالغ من العمر 71 عاما، وهو يحاول إنقاذ مصلين في مسجد النور بوسط مدينة كرايست تشيرش.
والمصلون داخل المسجد وحتى وسائل إعلامية دولية تصف الرجل الأفغاني بأنه بطل. إلا أنه يعتبر أن "كل شخص تدب فيه روح بشرية" سيفعل نفس العمل. وهذا يتطلبه منه دينه الإسلامي وكذلك الإنسانية.
وفي أرجاء نيوزيلاندا الهادئة تفاعل المواطنون مع دعوات التّضامن، إذ تمّ جمع ملايين الدولارات، والتبرّع بالطعام الحلال، بل وحتّى تطوّع البعض بمرافقة المسلمين الخائفين الآن من السّير بمفردهم في الشوارع.
م.أ.م/ أ.ح (دي في، أ ف ب )
في صور .. 36 دقيقة من الإرهاب تقلب حياة مسلمي نيوزيلندا
36 دقيقة من الإرهاب كانت كافية لجعل نيوزيلندا في بؤرة اهتمام الرأي العام الدولي، محررة إياها من موقعها الجغرافي في أقصى جنوب الأرض. DW عربية أعدت ألبوم صور عن الجالية المسلمة ومعاملة السكان لها وقوانين السلاح هناك.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hunter
نصف ساعة هزت الصورة
لطالما افتخرت نيوزيلندا بالأمن وقلة عدد الجرائم، إذ لم يسجل في عام 2017 سوى 48 جريمة حسب الشرطة، التي لا يحمل أفرادها عادة أسلحة أثناء خدمتهم. ويأتي البلد ثانياً بعد آيسلندا في مؤشر السلام العالمي. لكن في 36 دقيقة فقط من بعد ظهر الجمعة (15 آذار/مارس 2019)، قتل إرهابي عنصري 49 مسلماً في مسجدين في كرايست تشيرش، وهو رقم أكبر من ضحايا كافة حوادث القتل المسجلة العام الفائت.
صورة من: picture-alliance/dpa
هجرة مبكرة
تعود بدايات حركة هجرة المسلمين إلى نيوزيلندا إلى نهايات القرن التاسع عشر. وفي النصف الأول من القرن العشرين فرّ إلى البلد مسلمون من طغيان النظم الشمولية في ألبانيا ويوغسلافيا السابقة ودول أخرى. وبعد ذلك جاءت موجة هجرة كبيرة من جزر فيجي في تسعينات القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/empics/PA Wire/D. Lawson
قرابة خمسين ألف مسلم
تبلغ نسبة المسلمين في نيوزيلندا حوالي 1% من مجموع عدد السكان البالغ 5 ملايين نسمة. وينحدر حوالي نصفهم من شبه القارة الهندية ومن الشرق الأوسط. ويتمركز المسلمون في مناطق ومدن أهمها أوكلاند وكريست تشيرش. وبنى المسلمون أول مسجد في سبعينات القرن العشرين في مدينة أوكلاند.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hunter
"جنة" المهاجرين على الأرض
البلد مقصد للمهاجرين الباحثين عن عمل وفرص النجاح من كل أصقاع العالم. وحسب السلطات الرسمية كانت الغالبية العظمى من مهاجري 2018 من الصين والهند وبريطانيا وأستراليا والفلبين. يصف المهاجرون نيوزيلندا بأنها بلد "منفتح وودي" تجاههم. في المقابل هناك تقارير عن حوادث عنصرية وأخرى معادية للمهاجرين تحدث بين الفينة والأخرى، لكنها لا تلفت انتباه وسائل الإعلام لأنها لا تمثل التيار السائد في البلاد.
صورة من: Reuters/R. Ben-Ari
معاداة المسلمين؟
في السنوات الأخيرة بدأ الكلام عن "معاداة" ما للمسلمين في البلد. ففي 2015 أورد تقرير لصحيفة New Zealand Herald أن المسلمين يجدون صعوبة في الحصول على عمل، على الرغم من أنهم أكثر تأهيلاً مهنياُ وأكاديمياً من المجموعات الدينية الأخرى. دراسة لجامعة فيكتوريا النيوزيلندية كشفت أن المهاجرين من دول مسلمة كباكستان وإندونيسيا يتعرضون للرفض من السكان الأصليين أكثر من الصينيين أو الفلبينيين.
صورة من: Reuters/SNPA/M. Hunter
1.5 مليون قطعة سلاح
يمكن لمن تجاوز 16 عاماً اقتناء السلاح. وصرحت الشرطة العام الفائت أن معظم الأسلحة لا تتطلب تسجيلاً بموجب قانون البلاد وأن الشرطة لا تعرف "عدد قطع السلاح لدى المواطنين في نيوزيلندا". خبير في قوانين الأسلحة يذهب إلى أن عددها يقدر بنحو 1.5 مليون قطعة سلاح.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Baker
وعود بتشديد القوانين
وتعهدت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن بعد الاعتداء الإرهابي بتشديد قوانين حيازة السلاح، التي لم تتغير منذ 1992، بعدما تبين حصول المهاجم على رخصة لحيازة الأسلحة وأنه استخدم خمسة أنواع اثنان منها شبه آلية.
إعداد: خالد سلامة
صورة من: picture-alliance/AP Photo/New Zealand Prime Minister Office