هاتف الإنذار" - حبل نجاة لإنقاذ المهاجرين من الغرق
١٢ أغسطس ٢٠١٨
مبادرة ألمانية انطلقت منذ أربع سنوات لمد يد العون لمن يتهددهم الموت غرقا في عرض البحر المتوسط. كيف ذلك وما هي النجاحات؟ وهل عملهم التطوعي يسير بلا منغصات واتهامات؟
إعلان
يجلس الألماني هاغن كوب في مقهى بمدينة فرانكفورت وينكب على جهاز كمبيوتره المحمول. إلى جانبه نشاهد هاتفه الجوال. على شاشة الكمبيوتر المحمول نرى خرائط لمضيق جبل طارق، الذي يفصل بين أوروبا وأفريقيا. على الشاشة يتابع كوب، البالغ من العمر 58 عاماً، حركة سفن الشحن العملاقة وسفن خفر السواحل. ما لا يمكن للألماني مشاهدته هو قوارب تهريب المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا. بيد أن أولئك المهاجرين قد يتصلون به هاتفياً.
على مدار الساعة
خمس ورديات عمل يجب أن يؤديها كوب في الشهر. وتبلغ مدة الوردية ثماني ساعات. يدير كوب و150 متطوعاً في ألمانيا والنمسا وإسبانيا خدمة "هاتف الإنذار"، التي تتلقي الاتصالات الهاتفية الطارئة من المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط. تعمل المنظومة على مدار الساعة وتستقبل الاتصالات على الرقم 0033486517161.
يسجل المتطوعون والمتطوعات كل الحالات ويبلغون خفر السواحل في عين المكان الذي ورد منه نداء الإنقاذ. كما يعمل المتطوعون على البقاء على اتصال مع المستنجدين في عرض البحر: "نهتم بألا ينسى خفر السواحل المنهكين أي قارب دون مساعدة"، يخبرنا كوب. وفي هذه اللحظة يرن هاتفه الجوال، الاتصال قادم من سفن إنقاذ خاصة عالقة في إيطاليا. ويتشاور مع هاغن كوب في حالة طارئة قضى فيها مهاجران قادمان من ليبيا نحبهما.
ويشار إلى أن طريق الهجرة إلى أوروبا تغير خلال هذا الصيف؛ إذ أصبح الطريق الرئيسي ينطلق من طنجة المغربية إلى إسبانيا، وذلك بعد إغلاق إيطاليا ومالطة موانئها في وجه الهجرة غير الشرعية. وفي يوم واحد تلقى كوب وزملاؤه نداءات إغاثة من 24 قاربا. معظم هذه القوارب صغيرة الحجم وبلا محركات. عملياً هذا يعني أنه يتوجب على المهاجرين التجديف لساعات طوال وبلا توقف.
أكثر من ألفي عملية إنقاذ
في حال هبت رياح خفيفة وأخذ التعب من المهاجرين والمهاجرات مأخذاً وتسرب الماء إلى القارب يصبح الوضع خطيراً. يسمع كوب صرخات الاستغاثة على الهاتف، تعلو الأصوات وينفجر الأطفال بالبكاء. يسأل كوب عن نقطة الانطلاق وموعده وعن مكان القارب حالياً وفي حال كان ذلك بالإمكان يطلب إرسال موقعهم عبر تطبيق واتساب.
ساهمت خدمة "هاتف الإنذار" منذ خريف 2014 في 2300 عملية إنقاذ. وبالنسبة لكوب فإن الأمر يكون أكثر صعوبة عند انقطاع الاتصال:"أعيش عدة أيام قلقاً على المهاجرين"، يعبر كوب عن مشاعره. وعلى الرغم من أن المتطوعين والمتطوعات يبلغون خفر السواحل بكل اتصال ومعلومة، إلا أنه لا يفلح أولئك دائماً بإنقاذ كل القوارب. "أحياناً نسمع وبعد أيام أن البحر قد ابتلع مهاجرين"، على حد تعبير كوب، مضيفاً أنه وزملاءه لا يريدون القبول بهذا الوضع. ومن هنا فهم يطالبون بفتح طريق شرعي للمهاجرين يمكنهم من السفر بالعبارات من طنجة إلى مدينة طريفة في أقصى الجنوب الإسباني: "في حال كان بإمكان المهاجرين السفر بالعبارات مثلنا، لن تحدث أي حالة وفاة في البحر".
اتهامات بمساعدة المهربين
عندما يتلقى فريق "هاتف الإنذار" اتصالاً من المياه الدولية، يحاول المتطوعون في البداية إخطار خفر السواحل الإسباني. في حال نجح خفر السواحل بإنقاذ المهاجرين والمهاجرات من الغرق يكتب لهم الحياة من جديد ويكون بمقدورهم تقديم طلب لجوء في أوروبا.
تعلو أصوت منتقدين تتهم كوب وكل من يساعد في إنقاذ الغرقى من عرض البحر بمساعدة المهربين. "نحن مبادرة نقوم برد فعل فوري على ترك الناس يموتون في عرض البحر، إنه شيء لا يمكننا تحمله"، يجيب بسرعة وبتصميم، ويهز رأسه مستغرباً من تلك الاتهامات. ويضيف هاغن كوب أنه قبل أن تظهر خدمة "هاتف الطوارئ" وغيرها إلى الوجود، حاول الكثيرون بمساعدة المهربين القدوم إلى أوروبا: "فقد آلاف الناس حياتهم في تلك الرحلة. واليوم كانت الأرقام ستكون أكبر في حال كنا نحن وغيرنا من الجهات الأخرى لسنا موجودين لمد يد العون والمساعدة".
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.