هايكه هويباخ، سيدة ألمانية تبلغ من العمر 44 عاماً، تنحدر من روتويل آم نيكار بولاية بافاريا جنوب ألمانيا، اختارت لنفسها مساراً دراسيا أهلها لخوض تجارب ناجحة في  مجال الطاقة، حيث شغلت وظائف عديدة.

لم ينطلق مسارها السياسي إلا قبل أربع سنوات، أي سنة 2019، حينما قررت الانضمام إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD، حسب ما تفيده معلومات نشرت على موقعها الخاص وصفحتها الرسمية على موقع حزبها، حزب المستشار أولاف شولتس.

حققت نجاحا في مسارها السياسي في فترة وجيزة، وتجاوزت صعاب إصابتها بالصم، وزاوجت بين مهنتها وعملها السياسي وأمومتها أيضا. فهويباخ، أم لفتاتين، أنجبت أولاهما سنة 2002 والثانية سنة 2005. لتتفرغ بعد هذه الفترة لوظائف مهمة بين 2008 و2024  في عدد  شركات الطاقة الألمانية.

مسار سياسي يتطور بثبات

خلال السنوات الأربع الماضية، خاضت هايكي غمار الانتخابات المحلية في ولاية بافاريا عام 2020، بصفتها مرشحة لمجلس مدينة شتاتبيرغن عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، واحتلت المركز الثامن في قائمة مجلس مدينة شتاتبيرغن، في الانتخابات المحلية في ولاية بافاريا.

كما نافست هويباخ خلال الانتخابات الفيدرالية سنة 2021، رغبة منها في تمثيل ساكنة الدائرة 253 بأوغسبورغ لاند وأيتشاخ فريدبرغ، وحازت المركز 24 في قائمة ولاية بافاريا. أما خلال انتخابات مجلس المقاطعة سنة 2023، فقد كانت في المنافسة بصفتها مرشحة الدائرة 705 أوغسبورغ لاند زود، وحصلت على المركز الخامس في القائمة.

هو مسار من المحاولات والإصرار، رسمته هايكه بثبات، لتتوّجه يوم 20 مارس/ آذار 2024، بعضوية  البوندستاغ، تعويضا للنائب المستقيل أولي غروتش.

صحيح أن هايكه قد جعلت من مهامها السياسية أولوية كما يشرح مسارها خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها تخصص أوقات الفراغ لممارسة هوايات ذكرت بعضها في تعريفها بنفسها لقراء موقعها الخاص، وقالت "في أوقات فراغي، أحب الركض في الغابات، وغالبًا ما أركب دراجتي على طول نهر فيرتاخ. أقرأ كتبًا مختلفة ومثيرة للاهتمام، وأستمتع بالبستنة كلما استطعت ذلك".

هايكه هويباخ، واحدة من بين أكثر من 80 ألف أصم أو يعاني من ضعف شديد في السمع في ألمانيا، فقد أصيبت بعدوى في الأذن الوسطى في مرحلة الطفولة، وعلى الرغم من أنها تعيش بعض الصعوبات نسبيًا، مثل العديد من الصم الآخرين، إلا أنها لم تتوقف يوما عن الكد والعمل لأجل تحقيق النجاح، حسب تقرير لموقع ناخريشتن لايشت لإذاعة الأألمانية العامة (دويتشللاند فونك).

أول يوم في البوندستاغ كان بأجواء خاصة

سُلِطت الأضواء عليها هذا الأسبوع بشدة، ومن بين ما نشر حولها تقرير لصحيفة راينيشه بوست الألمانية، اهتم بتفاصيل يومها الأول داخل البوندستاغ. وجاء في التقرير أن  المستشار أولاف شولتس قد رحب بالنائبة الجديدة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في أول حضور لها يوم الثلاثاء المنصرم، كما لفت الإعلام الألماني الترحيب الحار من زعيم المجموعة البرلمانية رولف موتزينيتش بعضو حزبه الجديدة.

وقد رافق البرلمانية الجديدة، مترجمة للغة الإشارة، خلال محادثاتها مع أعضاء البرلمان وأثناء جلسة تصوير على أحد شرفات البوندستاغ. ونقل الإعلام الألماني عن هيوباتش تعليقا عن تجربتها الأولى مع فريق المترجمين الفوريين خلال يومها الأول، وقالت فيه "إن الأمر يسير بشكل جيد حقًا، أصبحنا فريقًا منسجما خلال وقت قصير".

ووفقا لإدارة البوندستاغ، سيكون لهايكه مكان دائم في الجلسة العامة بين المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وسوف يترجم المترجم المرافق لها خطابات النواب الآخرين للغة الإشارة، وينقل أسئلتها للمشاركين في الجلسة.

أهداف كبرى وأمل أكبر

هايكه ستكون عضو لجنة السكن في البوندستاغ، لكنها أعلنت أن من الأهداف التي تسطرها خلال تمثيلها للناخبين، "الدفاع عن المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، إضافة لحماية البيئة وبالطبع إيصال صوت الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة".

لم يكن انضمام هايكه للبوندستاغ حدثا فارقا داخل حزبها أو بالنسبة لها فقط، بل لكل المشهد السياسي والحقوقي في ألمانيا، إذ تم اعتبار هذه الخطوة، بداية تطور جديد في البوندستاغ، إذ ستصير مثالاً يحتذى به.

وحسب مجلة شتيرن الألمانية، فقد تم اتخاذ تدابير في مكتب هايكه البرلماني لضمان سلاسة تأديتها لعملها، مثل تركيب مصابيح للإشارة إلى الأصوات القريبة من مكتبها كبديل. وقالت إدارة  البوندستاغ إنه اعتمادًا على الاحتياجات المحددة، ستبتكر مزيد من الحلول والإجراءات.

واعتبرت الجمعية الألمانية للصم وصول هويباخ لمنصبها الحالي "إنجازاً عظيماً" لحزبها أيضا، وقالت رئيسة الجمعية، هيلموت فوغل، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية(د ب أ)  "آمل أن يساعد مثال هايكه في زيادة الوعي بضرورة قبول الأشخاص الصم في المجال السياسي".

ماجدة بوعزة