1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نقل المعرفة يفيد الطرفين

أجرى الحوار: مارتن ريه – ترجمة: نهلة طاهر١٣ سبتمبر ٢٠١٢

يكلل التحول في مجال الطاقة بالنجاح فقط إذا تم نقل المعرفة التكنولوجية عبر أشخاص مثاليين، وفي هذا الحوار يحدثنا أحدهم وهو هاينريش غراومان عن دوافعه لنقل خبراته للعراق والسودان وفيتنام ويعرفنا بما استفاده من تجربته هناك.

هاينريشغراومان يدرس التطبيقات الخاصة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة في مدرسة للإعداد المهني في فيتنام. وكان غراومانفي السابق يعمل في مناطق أخرى من بينها الأراضي الفلسطينية والسودان والعراق وطاجيكستان، وقد تحدث إلينا حول المشاريع الناجحة والعاملين المتحمسين في مجال المساعدات التنموية، وكذلك حول لقاء غريب في شمال العراق.

: DW السيد غراومان، منذ أبريل الماضي تعمل في فيتنام في مجال المساعدات التنموية، بعد سنوات طويلة من العمل في المنطقة العربية. هل كانت الصدمة الثقافية كبيرة؟

غراومان:الاختلافات بالفعل كبيرة، ولكن بالنسبة لي شخصيا لم تكن الصدمة كبيرة، لأنني زرت في وقت سابق دولا كثيرة وتعرفت على ثقافات مختلفة،لكن الوضع هنا يختلف بالطبع كثيرا عن الشرق الأوسط.


: DWلماذا تحتاج فيتنام إلى مساعدة تنموية؟ هذا البلد يعد ضمن مجموعة البلدان التي تعرف بالنمور الآسيوية، أي هو من الاقتصادات الناهضة في المنطقة.

غراومان:بعض المناطق في فيتنام ينطبق عليها وصف التي لا يمكن وصفها بأنها جزء من بلد ناهض. ولكن في هذا البلد الكبير الذي يبلغ تعداد سكانه 90 مليون نسمة، حوالي 56 مجموعة إثنية مختلفة، وهناك اختلافات إقليمية كبيرة جدا. الوضع هنا مشابه لتايلاند، ففي بانكوك مثلا، يخرج المرء بانطباع يوحي بعدم حاجة البلد للمساعدة. وهذا هو الوضع هنا في سايغون وهانوي. لكن في المناطق الريفية، حيث أعمل، فنجد أن نقل المعرفة لا يتم بسلاسة ويسر.

: DW
أنت في فان رانغ، وهي مدينة في جنوب البلاد يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة.عندما التقينا قبل عام في القدس، قلت إنك تأخذ من البلدان المضيفة دائما، أكثر مما تعطيك تلك البلدان...

غراومان:لا يزال الأمر هكذا هنا أيضا. بالطبع هو موقف شخصي جدا، فما آخذه معي أكثر مما أعطيه بكثير. بدون مبالغة، أنا اندمجت بالفعل اجتماعيا، واعتقد أنني أتمتع بمحبة كبيرة من الناس، لذا أتلقى الكثير من الدعوات منهم.إن أكبر مشكلة هي بالطبع حاجز اللغة، ولكن لدي منذ أغسطس/آب يعلمني مدرس فيتنامي اللغة الفيتنامية.

: DW
هل تعتقد انك مثال نموذجي؟ الكليشيهات تقول بأن العاملين في مجال المساعدات التنموية يصلون في سيارات جيب بيضاء فخمة إلى مناطق عملهم، ولهم معاونون محليون ويسكنون في فيلا واسعة، وفي المساء يتواجدون في النوادي التي تعرف بنوادي المغتربين، حيث يلتقون بخبراء أجانب آخرين...

غراومان:هذا الأمر موجود أيضا، ولكنه نادر، هناك أفراد يعتقدون أنهم امتلكوا العلم والحكمة، ولديهم موقف يمكن تصنيفه بأنه ينتمي إلى حقبة ما بعد الاستعمار، وهو موقف غير محبوب ولا يفيد بأي شكل من الأشكال. ولكن إذا كنت تريد أن تنجح، فأنت تحتاج إلى نهج الشراكة الذي يتضمن مشاركة الجميع. أنا هنا في فان رانغ الأجنبي الوحيد، وخلق صلات مع السكان المحليين ضروري للحياة هنا.

: DWماذا عن الاستثناءات؟

غراومان:واحدة من أقسى التجارب التي عايشتها في مجال التعاون التنموي، كانت في شمال العراق بعد حرب الخليج الأولى. كان هناك موظف مسؤول عن بناء الطرق، وقد أحاط نفسه بالخدم والحراس الشخصيين وكان يعيش وكانه في مملكة صغيرة. عندما زرت للمرة الأولى، كان يجلس في كرسي كالعرش محاطا بمرؤوسيه، وكان يلقي بقطع اللحم النيئ إلى أحد الطيور البرية بجانبه، متفوها أثناء ذلك بجمل عنصرية. في نهاية المطاف تم سحب هذا الموظف بعد تقدم العديد من الزملاء بشكاوى، وكنت أنا أيضا من ضمنهم. هذا شيء أشهد له مثيل بعد ذلك.

: DWهل تعرف ما هي المشاريع التي لا تزال قائمة من بين مشاريعك السابقة؟

غراومان:لا يزال لدي اتصالات جيدة في المناطقالتي أقيمت فيها المشروعات في السابق، وجميعها مشاريع قامت بالاعتماد على عامل الاستدامة، لنستخدم هذه الكلمة الرنانة الآن، لكن الأمر الحاسم الذي يمكننا من وصف مشروع ما بأنه مستدام، هو الأساس والكيفية التي أنشئ عليها.وهذا يعني أنك بحاجة إلى تدريب خبرات مهنية محلية تتقن التعامل مع التكنولوجيا، وذلك لمواصلة العمل في المشروع المحدد بعد رحيل من يسمون بالخبراء، وإلا فإن العمل سيتوقف. كما يجب الاعتماد على الموارد التي تتوفر في البلاد، ولا يجب أن تستورد من الخارج مقابل الكثير من الأموال.

: DW
هل يمكنكم ذكر مثال على ذلك؟

غراومان:مشروعي في السودان في أواخر الثمانينات، تلك تجربة لا تزال تسحرني حتى اليوم. ذهبت إلى هناك لأول مرة مع صديقي وزميلي، وهو مهندس سوداني يعمل في مستشفى صغير على النيل الأبيض بها طبيب واحد.كانت إمدادات المياه قد انهارت قبل سنوات عديدة، وكانت هناك مضخات قديمة ترجع لفترة الاستعمار البريطاني، ولكنها لم تعد تعمل.لذا كانت النسوة يقمن بجلب الماء من النيل الأبيض، ويضطررن إلى قطع مسافات طويلة من أجل إحضار الماء إلى المستشفى، وهناك يستخدم بعد وضعه في حاويات. بالطبع لم يكن ذلك سليما من الناحية الصحية.


: DW وما الذي حدث بعد ذلك؟

غراومان:بعد أن سألنا الناس هناك، سرعان ما تبين لنا أن شبكة إمدادات المياه لا تزال تعمل بصورة جيدة وتبين أيضا أن هناك بئر يحتوي على ماء، وحتى في الفترات الأكثر جفافا يمكن للمرء أن يجد المياه فيه على عمق يقل عن 30 مترا. عندها قمنا بإعادة نظام المياه إلى العمل، من خلال إنشاء نظام هجين بالاستفادة من إمدادات الطاقة المحلية، وهي عبارة عن مولدات الديزل تستخدم في حالات الطوارئ وألواح شمسية، بالإضافة إلى مضخة غطس وجدناها في السوق المحلية. وفي النهاية قمنا ببناء خزان تصل سعته إلى ستة أمتار مكعبة، وتمت الاستعانة بالجمال والكابلات لرفعه على سقالة عالية. وفي غضون أسابيع قليلة، توفرت مجددا مياه عذبة صافية. ودعنا المنطقة بعد احتفال ضخم أقيم بهذه المناسبة، والمشروع لا يزال يعمل حتى اليوم.

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW