1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هجرة الأدمغة من الجزائر ـ متى يتوقف النزيف؟

حسن زنيند
٧ فبراير ٢٠١٩

عشرات الآلاف من الأطر والباحثين والمهندسين والأطباء المكونين بجهد وإمكانيات الدولة الجزائرية يغادرون البلاد كل سنة بحثا عن مستقبل أفضل في الخارج، ما يُشكل نزيفا حقيقيا لاقتصاد الجزائر ولمستقبل التنمية فيها.

Symbolbild Computer Chip technology
صورة من: Fotolia/DragonImages

تفاقمت ظاهرة هجرة الأدمغة في الجزائر لتصبح نزيفا يهدد مستقبل التنمية في البلاد الغنية بالغاز والبترول. عشرات الآلاف يغادرون وطنهم كل عام بحثا عن مستقبل مهني أفضل وعيش رغيد في أوروبا وغيرها من البلدان الغربية. عمار أزوك، مهندس جزائري مقيم في ألمانيا منذ 1977 درس واشتغل في عدد من القطاعات في ألمانيا ويعمل حاليا كمدير مشاريع في إحدى بلديات ولاية شمال الراين وويستفاليا. عمار أكد لـ DW أن ظروف مغادرته للجزائر مختلفة عما هو سائد اليوم، فالرغبة في المغامرة وفضول اكتشاف عوالم أخرى هي التي حسمت في قرار هجرته قبل حوالي أربعين عاما.

لم يخف عمار أن حلم العودة إلى الجزائر لم يغادره أبدا، غير أن قرار الاستقرار بألمانيا لم يعد مرتبطا عنده بجودة العيش فقط، أو بالمهنة التي يمارسها، ولكن أيضا بمستقبل الأسرة التي أسسها مع زوجته الألمانية. وبالنسبة لأصدقائه ومعارفه من أصول جزائرية أوضح عمار أن "الكثيرين يتصورون أوروبا كجنة، ولكن حينما يصلون إلى هنا، يغير الكثير منهم رأيه". واستطرد موضحا أن الذين لم ينجحوا في الاندماج، يحلمون بالعودة إلى الجزائر، إلا أنهم يظلون تائهين هنا، لأن العودة تعني إعلان الفشل وبالتالي الانتحار الاجتماعي في البلد الأصل.

جدل قديم جديد

"لماذا يسعى الجميع للمغادرة؟"، سؤال دأبت وسائل الإعلام الجزائرية على طرحه بشكل دوري وبمناسبات مختلفة، من بينها حادث تجمهر وتدافع آلاف الطلاب الجامعيين أمام المركز الثقافي الفرنسي من أجل إجراء اختبار في اللغة الفرنسية والحصول على تأشيرة السفر لفرنسا وذلك في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، صور انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم وأحرجت النخب السياسية الحاكمة في البلاد.

حشود غفيرة أمام المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر.. لماذا؟

02:03

This browser does not support the video element.

نفس الجدل تجدد في شهر يوليو/ تموز 2018 حين كشف استطلاع عالمي أجرته الشركة الاستشارية الدولية عن "مجموعة بوسطن للاستشارات" Boston Consulting Group BCG))، والتي أظهرت أن 84 في المائة من الجزائريين مستعدون لمغادرة البلاد للحصول على وظيفة في الخارج. وحينها أثير جدل سياسي وإعلامي كبير، وهو ما تكرر الآن في البرلمان في جلسة للأسئلة الشفوية حيث اتهم الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى الصحافة بتضخيم هذا الموضوع، محاولا التقليل من شأن مسؤولية الحكومة قائلا "هذه ظاهرة معقدة لا تعني الجزائر فقط، بل تواجهها كذلك دول أخرى أكثر نموا من بلادنا “.

ويتزامن هذا النقاش مع استعداد البلاد لانتخابات رئاسية يوحي كل شيء بأن الرئيس عبد لعزيز بوتفليقة (82 عاما) سيتقدم خلالها لعهدة خامسة، وهو مريض مقعد. مشهد يجعل الكثير من الشباب يشعرون بالإحباط لكون البلاد يحكمها جيل شيوخ لا يفهمون بالضرورة مشاكل وطموح الأجيال الجديدة. 

فقدان مائة ألف "عقل" منذ 1990

تحت عنوان "هروب العقول متواصل باطراد في الجزائر" كتبت صحيفة "ريفليكسيون" الجزائرية الناطقة بالفرنسية في عددها الصادر اليوم (الخميس السابع من فبراير/ شباط 2019) "الجزائر فقدت ما لا يقل عن مائة ألف شخص من حاملي الشهادات العليا منذ عام 1990، وهو ما يعادل عشر مليارات دولار يتعين استعادتها من البلدان التي تشغل الجالية الجزائرية".

أسباب الرغبة في الهجرة للخارج ترجع لاعتبار فرص التعليم والتطوير المهني وكذألك مستويات الأجور أفضل في أوروبا. بالإضافة أحيانا لدوافع شخصية أخرى كالبحث عن ثقافة أخرى وأسلوب حياة جديدة. ويفضل الجزائريون بلدانا ككندا وفرنسا وألمانيا، وبلدانا أوروبية أخرى إضافة إلى دول الخليج العربية. وفي فرنسا وحدها يعمل ما لا يقل عن خمسة آلاف طبيب جزائري.

ظاهرة هجرة العقول لا تقتصر على الجزائر وحدها، فالمغرب البلد المجاور يعاني من نفس المشكل. في حوار مع DW، أكدت الدكتورة فاطمة آيت بن المدني، الباحثة في سوسيولوجيا الهجرة من معهد لدراسات الإفريقية بالرباط أنه "في السنوات الثلاثة الأخيرة وحدها، هاجر كل خريجي المدرسة المحمدية للمهندسين (مدرسة عليا) إلى الخارج، وهو ما مجموعه 750 مهندسا، أي بمعدل 250 كل عام".

واستطردت آيت بن المدني موضحة أن تكاليف تكوين المهندسين هي الأعلى في النظام التعليمي المغربي، ما يعتبر نزيفا حقيقيا تتعرض له البلاد. ولفتت الخبيرة المغربية في حوار مع DW أن "هناك تحولا مثيرا خلال السنوات الأخيرة، فهجرة العقول لم تعد تقتصر على الطلاب حاملي الشهادات الجدد، ولكنها باتت تشمل أيضا الكوادر العليا المستقرة في البلاد، والذين يبحثون عن جودة معيشة أفضل في أوروبا، وبالأخص فرص تعليم أفضل لأبنائهم".

لماذا يريد الشباب المغاربي الهجرة؟ - الجزء الثالث

56:33

This browser does not support the video element.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW